ويتضح من النص السابق أن عمر بلدية الرياض يتجاوز 80 عاما، وهذا يعني أن لأرشيفها أهمية كبيرة، خصوصا أن هذا الأرشيف يسجل قصة تحول الرياض من قرية إلى مدينة حديثة ضخمة، ويسجل قصة بناء مدينة، وقصة مجتمع هذه المدينة، وكل التطورات التي حصلت في الرياض بشكل دقيق.
من هذا الأرشيف نعرف التطورات التي حدثت لمدينة الرياض، ونعرف تفاصيل نشأة الأحياء الجديدة كحي البطحاء، وحلة القصمان، وحلة العنوز، وحلة الأحرار، والمربع، والناصرية، والملز، وظهرة منفوحة، والسويدي وغيرها من الأحياء، ونعرف كل التفاصيل عن شوارعها، وعن أول شارع يسفلت في الرياض. ومن هذا الأرشيف نعرف وقت قدوم وتكون بعض الجاليات في مدينة الرياض، بل نجد تفاصيل دقيقة للغاية عن الجالية اليمانية في الرياض، ومن كان رئيسهم المسؤول عن تزكيتهم. ونعرف نظام العمد وتاريخ العمد في الرياض، ويوضح عمدة كل حي خلال فترات زمنية مختلفة. ونعرف متى بدأت المطاعم والمخابز وغيرها من المحال التجارية والأسواق، وعددها، وأنظمتها، ووضعها آنذاك. أما الآبار ومشاريع المياه فنعثر على معلومات مفصلة للغاية عنها، وكيف نشأت في أحياء الرياض، ثم كيف بدأ تمديد شبكة المياه حتى وصلت المياه إلى البيوت. وحتى السرقات التي حدثت في المدينة هناك معلومات عنها.
لقد بنيت في الرياض قديما مبان شهيرة وبعضها لا يزال قائما حتى الآن مثل قصر الحكم، وإدارة الشرطة، ومبنى البلدية، وبهو الأمانة، ودار الكتب السعودية، وجامعة الملك سعود، والوزارات، والحدائق، والملاعب، والمنتزهات، والمجسمات، وغيرها، وكل المعلومات المتعلقة بها نجد تفصيلها كاملا في الأرشيف السابق. أما مدينة الموظفين التي أقيمت في الملز زمن الملك سعود فكل معلوماتها وسكانها موجودة كاملة.
وبالإجمال فهذا الأرشيف يحكي لنا بشكل مفصل ودقيق قصة مدينة الرياض خلال 80 عاما.
الإهمال والضياع:
نتيجة لقلة وعي بعض الموظفين وعدم معرفتهم الكافية بأهمية هذه الأرشيفات، فقد أهملت إهمالا كبيرا، ما أدى إلى تلف كثير من الوثائق والمستندات، كما تسللت الأرضة فأكلت قسما كبيرا من الأوراق، وضاع قسم آخر. وما زاد الطين بلة أن بعض القطاعات اتخذت قرارا بحرق أرشيفاتها دون أن تحولها إلى رقمية، فتبقى محفوظة للمستقبل، وكم أتمنى لو قام المسؤولون عن هذه الأرشيفات برقمنتها حفظا لها من التلف والضياع.
أضف تعليق