الطاقة- النفط

"أوبك": استثمارات "الصخري" تعاني بطء الإنتاجية وتضخم التكاليف وتقلص الحفارات

"أوبك": استثمارات "الصخري" تعاني بطء الإنتاجية وتضخم التكاليف وتقلص الحفارات

أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن استثمارات النفط الصخري الأمريكي التي كانت مصدرا لحصة كبيرة من النمو في الإمدادات في خلال السنوات الثلاث الماضية تمر حاليا بفترة من بطء إنتاجية الآبار، وتسارع التضخم في التكاليف، وتباطؤ نمو عدد الحفارات، وزيادة القيود والصعوبات في الوصول إلى أسواق رأس المال.
ولفت تقرير حديث لـ "أوبك" -حول نتائج الاجتماع الخامس للجنة الوزراية المعنية بمراقبة وتقييم اتفاق خفض الإنتاج – إلى أن قرارات الاستثمار النهائية الجديدة المتعلقة بمشاريع شركات النفط قد انخفضت بشكل ملحوظ إلى أقل من المتوسطات التاريخية والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في المستقبل على نمو المعروض النفطي.
وأشار التقرير إلى المشاركة الفعالة والجيدة لدولتي نيجيريا وليبيا في الاجتماع الأخير للجنة مراقبة خفض الإنتاج في لقائها الخامس في فيينا حيث تم التعرف على خطط إنعاش الإنتاج من النفط في الدوليتين المعفيتين من خفض الإنتاج التي تجري مشاورات واتصالات حالية من أجل دمجهما في الاتفاق، كما تم التعرف على الآفاق والتحديات ودراسة القيود المفروضة على كل الدول المنتجة للحد من تجاوز حدودها المتفق عليها في مستويات الإنتاج النفطي.
وذكر التقرير أنه بمجرد استقرار مستويات الإنتاج في ليبيا ونيجيريا فإنه ينبغي لهما المشاركة في التعاون مع بقية الدول المنتجة من أجل المساهمة في تحقيق الاستقرار في السوق.
ونقل التقرير عن عصام المرزوق وزير النفط الكويتي ورئيس اللجنة المعنية بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج تأكيده أن الجميع يتطلع إلى اليوم الذي تنشط فيه الاستثمارات وتعود بقوة مرة أخرى إلى المستويات الصحية وهو ما سيجعل الاقتصاد العالمي قويا وأكثر نموا.
وشدد التقرير على الحاجة إلى تعميق الشراكة على المدى الطويل وتوطيد علاقات التعاون المستمر بين دول أوبك والشركاء من المنتجين خارج المنظمة وهو ما يسهل قطع شوط طويل نحو الوصول إلى الأهداف المشتركة وتحقيق صالح الصناعة والاقتصاد العالمي ككل.
وأوضح التقرير أن مؤشرات السوق إيجابية خاصة ما يتعلق بالطلب، لافتا إلى أن التقديرات السابقة كانت تشير إلى أن مستويات النمو في الطلب على الخام أقرب إلى الثبات عند مستوى نحو 1.3 مليون برميل يوميا في كل من عامي 2017 و2018، ولكن الصورة تبدلت وفق واقع السوق حيث رصدت "أوبك" زيادة كبيرة في مستويات الطلب العالمي على النفط بنحو ما يقرب من مليوني برميل يوميا هذا العام وأوائل العام المقبل.
وأضاف التقرير أنه مما لا شك فيه أن هذا النمو المتوقع في مستوى الطلب سيسهم في تحقيق مزيد من التخفيضات في مستوى مخزونات النفط التجارية ويعجل بتوازن السوق وبدعم آخر من ارتفاع مستويات المطابقة والالتزام بالتخفيضات الجماعية للإنتاج من قبل منتجي أوبك وشركائهم من المنتجين المستقلين الآخرين بقيادة روسيا.
في سياق متصل، من المقرر أن تقدم منظمة أوبك تقريرها الدولي المرتقب "وورلد أويل أوتلوك" عن توقعات سوق النفط العالمية خلال مؤتمر صحافي يعقد في مقرها في فيينا يوم 7 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وسيعرض هذا التقرير الذي تترقبه الأوساط المالية والنفطية في العالم محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك وعدد من مساعديه ويقدم استعراضا وتحليلا متعمقين لصناعة النفط العالمية، كما يقدم تقييما شاملا لوضع الاقتصاد الدولي واتجاهات العرض والطلب في سوق النفط في الأجلين المتوسط والطويل.
وتنشر أوبك هذا التقرير المتخصص للمرة الثالثة على التوالي، وقد نشرت هذا التقرير لأول مرة في عام 2007، ويقدم تحليلا دقيقا وعميقا للتحديات والفرص العديدة التي تواجه القطاع العالمي.
ويعد التقرير بمثابة أداة مرجعية مهمة، تقدم رؤى وافية عن وضع مشروعات المنبع والمصب، فضلا عن القضايا المتعلقة بالتكاليف والاستثمارات والأثر المحتمل للسياسات والتكنولوجيات الجديدة، وذلك جنبا إلى جنب مع النشرة الإحصائية السنوية، وهي واحدة من المنشورات السنوية الرائدة لمنظمة أوبك.
في الإطار نفسه، احتفلت منظمة أوبك الأسبوع الماضي وبالتحديد يوم 28 أيلول (سبتمبر) بالذكرى الأولى لعقد اجتماع الجزائر التاريخي وغير العادي للوزراء في مؤتمر أوبك رقم 170 الذي تم خلاله الاتفاق على تعديل إنتاج أوبك ليراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا من أجل التعجيل بإعادة التوازن إلى السوق.
ونوهت أوبك إلى أن ذكرى اتفاق الجزائر تنبع أهميتها من التوصل إلى قرار تاريخي يؤكد التزام المنظمة المستمر والمتواصل بدعم استقرار الأسواق لخدمة مصالح المنتجين والمستهلكين على السواء.
وأشارت أوبك إلى أن اتفاق الجزائر كان بمثابة تمهيد لعملية مشاورات مكثفة بين دول منظمة أوبك والدول المنتجة من خارج المنظمة لإنشاء منبر لاتخاذ تدابير استباقية من شأنها أن تكفل وجود سوق نفط متوازن على أساس مستدام.
وترى أوبك أن ذلك أدى في نهاية المطاف إلى القرارات التي اتخذت في الاجتماع الوزاري 171 لمؤتمر أوبك في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وأعقب ذلك "إعلان التعاون" بين "أوبك" والدول غير الأعضاء في منظمة أوبك في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2016، حيث قررت 24 دولة المشاركة في خفض الإنتاج بنحو ما يقرب من 1.8 مليون برميل يوميا، لمدة ستة أشهر، ابتداء من كانون الثاني (يناير)، وقد مدد ذلك الاتفاق إلى فترة أخرى مدتها تسعة أشهر حتى نهاية آذار (مارس) 2018.
وأوضح باركيندو أن خطة عمل "أوبك" قد تغيرت وتطورت كثيرا على مدار هذا العام عقب التوصل إلى اتفاق الجزائر الجزئي، مؤكدا أنه ليس هناك شك في أن كل هذه الإنجازات كانت تستحق هذه المجهودات وهذا العناء الكبير، مشيرا إلى أن هناك دلائل واضحة على أن السوق تستعيد التوازن مشددا على ضرورة الاستمرار في الالتزام بالعمل على تحقيق أهداف وغايات "إعلان التعاون" تحقيقا تاما.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي بعد موجة صعود بفعل عدم الاستقرار الجيوسياسي في إقليم كردستان العراق الذي ساعد برنت على تحقيق أقوى أداء في الربع الثالث منذ عام 2004.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 13 سنتا، أو ما يعادل 0.2 في المائة، في تسوية التعاملات إلى 57.54 دولار للبرميل محققا مكاسب فصلية في الربع الثالث بنحو 20 في المائة، وعلى أساس أسبوعي ارتفع 1.2 في المائة.
وبلغ العقد أعلى مستوى في أكثر من عامين في وقت سابق من هذا الأسبوع مما نتج عنه مكاسب للأسبوع الخامس، وهذا الأداء هو أطول موجة صعود أسبوعية منذ حزيران (يونيو) 2016.
وارتفع الخام الأمريكي 11 سنتا في التسوية إلى 51.67 دولار للبرميل في أقوى ربع ثالث منذ عشر سنوات وأطول موجة من المكاسب الأسبوعية منذ كانون الثاني (يناير)، وارتفع الخام الأمريكي نحو 2 في المائة على أساس أسبوعي.
وصوت أكراد العراق لصالح الانفصال في استفتاء أجري يوم الإثنين الماضي وأغضب تركيا والحكومة العراقية في بغداد إضافة إلى قوى أخرى تخشى أن يؤدي التصويت إلى تجدد الصراع في المنطقة الغنية بالنفط.
وحتى الآن لا يزال خط الأنابيب يعمل بصورة طبيعية على الرغم من التهديدات التركية بفرض عقوبات اقتصادية على إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، لكن المسؤولين الأتراك كثفوا الضغط على الأكراد، ويقول مسؤولون أكراد، إن بإمكانهم تحمل أي حصار اقتصادي لأن لديهم اكتفاء ذاتيا فيما يتعلق بتوليد الكهرباء وإمدادات الوقود، ولديهم أيضا أراضٍ زراعية خصبة.
وكانت المخاوف بشأن المخاطر على تلك الإمدادات ساعدت على دعم النفط الذي بلغ هذا الأسبوع نحو 60 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى في أكثر من عامين، وقال كارستن فريتش المحلل لدى "كومرتس بنك" في فرانكفورت، "من غير الممكن توقع التوصل إلى حل سريع للأزمة، وهو الأمر الذي من المفترض أن يستمر في دعم أسعار النفط".
وتلقت أسعار النفط الدعم هذا الشهر من تجدد الطلب المتوقع من المصافي الأمريكية التي استأنفت العمل بعد الإغلاق الناتج عن الإعصار هارفي، ولكن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ارتفع هذا الشهر بواقع 50 ألف برميل يوميا وفق ما أظهره مسح نشرت نتائجه أول أمس في الوقت الذي زادت فيه صادرات العراق وإنتاج ليبيا.
وخلص المسح إلى أن مستوى التزام "أوبك" بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بشأن خفض الإمدادات انخفض إلى 86 في المائة في أيلول (سبتمبر) مقارنة بـ 89 في المائة في آب (أغسطس).
وواصلت السعودية أكبر مصدر للخام في العالم تحمل الجزء الأكبر من تخفيضات "أوبك" من خلال ضخ إمدادات دون المستوى المستهدف لها، وتظهر زيادة إمدادات العراق أن التوتر السياسي بشأن استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق لم يؤثر في صادرات البلاد من الخام.
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية مزيدا من حفارات النفط لأول مرة في الأسابيع السبعة الأخيرة الأسبوع الماضي وإن كان عدد الحفارات انخفض للشهر الثاني على التوالي وسجل أكبر هبوط شهر وفصلي منذ الربع الثاني من 2016.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة خلال الأسبوع الأخير للمرة الأولى في سبعة أسابيع بعد توقف تعافي أنشطة الحفر الذي استمر 14 شهرا في آب (أغسطس) الماضي حيث تتجه أسعار النفط إلى تسجيل أفضل أداء في الربع الثالث منذ عشر سنوات.
بيد أن عدد حفارات النفط الأمريكية انخفض للشهر الثاني على التوالي وسجل أكبر هبوط شهري وفصلي منذ الربع الثاني من عام 2016، وقالت بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن الشركات زادت عدد منصات الحفر النفطية بواقع ست حفارات في الأسبوع المنتهي في 29 أيلول (سبتمبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 750 منصة.
وعدد الحفارات، الذي يعد مؤشرا مبكرا على الإنتاج في المستقبل، ما زال أكبر من 425 حفارة كانت عاملة قبل عام حيث وضعت شركات الطاقة خطط إنفاق طموحة لعام 2017.
وفي أيلول (سبتمبر)، انخفض عدد الحفارات بواقع تسع منصات بعد أن انخفض بواقع سبع منصات في آب (أغسطس)، وهذا ثاني خفض شهري على التوالي منذ أيار (مايو) 2016 الذي استأنف نشاط الحفر تعافيه خلاله بفضل ارتفاع أسعار الخام.
وانخفض عدد الحفارات بواقع ست منصات في الربع الثالث في أول تراجع خلال فترة ثلاثة أشهر منذ الربع الثاني من 2016، وارتفع الخام الأمريكي إلى نحو 52 دولارا للبرميل هذا الأسبوع بسبب مخاوف تتعلق بالإمدادات من بينها اتفاق عالمي لخفض الإنتاج.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 9 في المائة منذ بداية الشهر في أكبر زيادة شهرية منذ نيسان (أبريل) 2016 بعدما تراجعت في خمسة من الأشهر الستة الماضية، بما في ذلك انخفاض بنحو 6 في المائة في آب (أغسطس) بفعل زيادة الإنتاج الأمريكي على نحو أضاف إلى التخمة العالمية في المعروض.
من المتوقع أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي للشهر العاشر على التوالي في تشرين الأول (أكتوبر) ليسجل 6.1 مليون برميل يوميا، وتتوقع دانييلا كورسيني الخبيرة الاقتصادية المعنية بسوق السلع الأولية لدى "إنتيسا سان باولو"، أن يظل ارتفاع إنتاج النفط الصخري وإنتاج ليبيا ونيجيريا هو الخطر الرئيس الذي يهدد جهود أوبك لتقييد المعروض العالمي.
وأضافت كورسيني: "في ضوء تأثره بأسعار العقود الآجلة الأمريكية، سيمثل النفط الصخري أكثر الأدوات فاعلية في عملية استعادة التوازن وسيسهم في إبقاء أسعار الخام داخل نطاق ضيق نسبيا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط