FINANCIAL TIMES

ضربة قاضية .. «إتش تي سي» تغادر مسرح الهواتف الذكية

 ضربة قاضية .. «إتش تي سي» تغادر مسرح الهواتف الذكية

"إتش تي سي" HTC، مثل "نوكيا" و"بلاكبيري" قبلها، أصبحت أحدث الشركات التي كانت يوما ما نجوما لامعة في عالم الهاتف الخلوي، تخرج من الساحة العالمية.
باعت شركة صناعة الهواتف التايوانية فريقا من ألفي موظف وبعضا من ملكيتها الفكرية إلى "جوجل" مقابل 1.1 مليار دولار – وهو خروج علينا أن نعترف بأنه أقل إذلالاً من سابقاتها - وستحتفظ بأعمال على نطاق منخفض بشكل كبير.
عدد قليل من المحللين يشعرون بتفاؤل بخصوص أعمالها العاجزة في مجال الاتصالات. يقول سام كاو، المحلل في "يوانتا سيكيوريتيز"، "نعتقد أن العلامة التجارية لشركة إتش تي سي ستتلاشى ببطء بعيداً عن صناعة الهواتف الذكية".
لكن هذه علامة تجارية حصلت في ذروتها في عام 2011 على أكثر من عُشر سوق الهواتف الذكية العالمية وكانت تقريباً أكبر بائع لنظام الأندرويد في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لشركة كاونتربوينت للاستشارات البحثية. في تشرين الثاني (نوفمبر) من ذلك العام كانت الأسهم في "إتش تي سي" تُتداول بسعر وصل إلى 1047.58 دولار تايواني؛ وكان سعر الإقفال الأسبوع الماضي 69.30 دولار تايواني قبل تعليق التداول.
ووفقاً لبعض المحللين، وصول المنافسة أثار زوال "إتش تي سي"، وعجل به بسبب عدم قدرتها على الرد وأن تكون ديناميكية.
يقول نيل شاه، المحلل في "كاونتربوينت"، "إتش تي سي كانت تفضلها شركات الاتصالات اليابانية، والشركات التايوانية والصينية والأوروبية تُحب "فودافون"، لذلك كانت ذات أداء جيد حتى دخول "سامسونج" (في النصف الثاني من عام 2010)".
مجموعة "جلاكسي إس" من "سامسونج" قدّمت محفظة أفضل، ومزايا أفضل وميزانية تسويق أكبر بكثير - كل ذلك مقابل سعر أرخص قليلاً.
ويُشير كاو إلى أن "إتش تي سي" كانت بطيئة في طرح ميزات ذات شعبية مثل الكاميرات المزدوجة والشحن السريع. وعندما انضمت شركات صناعة الأجهزة الصينية مثل هواوي، وتشياومي، وأوبو، وفيفو إلى المعركة "لم تكُن ببساطة جاهزة للتنافس".
وفي الوقت الذي أصبحت فيه السوق أكثر ازدحاماً، ظهرت التوترات داخل "إتش تي سي". ففي تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 اضطرت إلى إنكار وجود نزاع في مجلس الإدارة بين بيتر تشو، الرئيس التنفيذي في ذلك الحين، ورئيسة مجلس الإدارة، شير وانج. لكن بعد عام فقط - بعد أن نشرت الشركة أول خسائرها الربعية منذ أن بدأت بيع العلامة التجارية الخاصة بها من الهواتف - سلم تشو بعضا من واجباته التشغيلية إلى وانج.
وقال في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" في ذلك الحين "أصبحتُ أكثر تركيزاً في الأشهر القليلة الماضية. قبل ذلك كنت مشغولاً جداً. كنت أتولى كثيرا من الأشياء. أنا بحاجة إلى التركيز أكثر على الابتكار ومحفظة المنتجات".
وبحلول عام 2016، أطيح بتشو من منصبه في أعقاب مزيد من انخفاض المبيعات وإطلاق غير ناجح لجهاز الشركة الرائد One M9، الذي وصفه موقع "ذا فيرج" بأنه "أجمل خيبة أمل في العالم". ووفقاً لشركة كاونتربوينت، كانت حصتها السوقية في ذلك العام 1 في المائة فقط.
بعد ذلك غيرت "إتش تي سي" التكتيك وتعاقدت مع "جوجل" لتصنيع النسخة الأولى من الهاتف الذكي "بيكسل". وكانت الشركة قد عملت مع "جوجل" من قبل لكن، كما يقول شاه، على عكس الجهاز اللوحي "نيكسوس 9" الذي حمل علامة تجارية مشتركة، كان "بيكسل" هاتفا ذكيا صممته "جوجل" ويحمل علامتها التجارية. وكانت "إتش تي سي" مقاولا يعمل لدى طرف آخر.
إيان فوج، كبير المحللين في "آي إتش إس ماركيت"، قال "إن شراء ألفي مهندس وأصول أخرى يشير إلى أن "إتش تي سي" لعبت دورا كبيرا في جهاز بيكسل، على الرغم من عدم تلقّيها أي اعتراف بعلامتها التجارية". وقال "إن شركات التصنيع الأخرى ابتعدت عن صفقة مشتركة لا تمنحها علامة تجارية مشتركة". شحن ذلك الهاتف ما يُقارب مليون وحدة في عام 2016، لكن بالنسبة إلى أرباح "إتش تي سي" النهائية، التأثير كان ضئيلاً. اعتبارا من عام 2014 وما بعده، أعلنت "إتش تي سي" عن صافي خسائر بصورة متوالية وبحلول عام 2017 كانت الإيرادات ثُلث مستويات عام 2013.
كذلك تضررت "إتش تي سي" من رهانها على الواقع الافتراضي. يقول تشاو زيمينج، وهومحلل مستقل للهواتف الذكية في بكين "في الأعوام القليلة الماضية، أعادت "إتش تي سي" توجيه كثير من أفضل مواردها من الهواتف إلى الواقع الافتراضي. لم يتوقعوا أن الواقع الافتراضي سيتطور ببطء شديد".
كل هذا فاقم من مشكلة انخفاض التدفق النقدي، وهي مشكلة سيحلها استثمار "جوجل" على الأقل في الوقت الراهن. يقول تشياوهان تاي، محلل الهواتف الذكية في شركة أبحاث السوق "آي دي سي"، "أموال "جوجل" ستُساعد "إتش تي سي" على المدى الطويل".
في حين إن "إتش تي سي"، التي حصلت على المشورة بشأن صفقة "جوجل" من قبِل "إيفركور"، ستحتفظ بأعمالها في مجال الواقع الافتراضي وعلامتها التجارية القوية "فايف"، إلا أن السوق تُصبح أكثر ازدحاماً بكثير وأسعارها مرتفعة.
يقول شاه "إن جهاز الواقع الافتراضي بسعره البالغ 700 دولار ونظارته الثقيلة، لا يعطي تجربة رائعة للمستخدم من وجهة نظر اللاعب المتوسط. وللتغلب على هذه المشكلة تستثمر "إتش تي سي" الآن في مقاهي الواقع الافتراضي في الصين – وهي نسخة عام 2017 من المقاهي الافتراضية، حيث يستطيع المستخدمون أن يلعبوا الألعاب باستخدام أجهزة رأسية للواقع الافتراضي".
ويضيف تشاو "إتش تي سي هي شركة رائدة عالمية للواقع الافتراضي، لكني لا أظن أن الواقع الافتراضي يستطيع أن يساعد الشركة على تحقيق الأرباح خلال السنة المقبلة أو السنتين المقبلتين".
ومن رأي كاو أن "إتش تي سي" تفتقر إلى تطوير البرامج وقاعدة المستخدمين التي تؤهلها لمضاهاة "جوجل" و"سوني"، "في لعبة بلاي ستيشن" على نحو يمَكِّنها من اجتذاب مزيد من المطورين للمساعدة على إنشاء نظام بيئي. على الأمد القصير يستنتج أن "فايف لن ينقذ إتش تي سي".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES