default Author

قوة تأثير وسائل إعلام أصحاب المصالح «2 من 2»

|

إن هيمنة المجموعات الإعلامية الكبيرة على الأجندة العامة خلال منتصف القرن الماضي كانت أمرا بدهيا من قبل كثير من الباحثين وقادة المؤسسات والنشطاء. وكان هؤلاء محقين نسبيا، وتظهر الأبحاث حول فرض الأجندة أن معظم الناس كان لهم رأي فيما تقرره وسائل الإعلام لهم رغم أنهم لم يكونوا دائما مقتنعين تماما بما تفرضه وسائل الإعلام عليهم من أفكار. تؤكد الأبحاث التي أجريت على الحركات الاجتماعية أن النشطاء ركزوا على كسب الولاء من خلال وسائل الإعلام الرئيسة. ولم تكن وسائل الإعلام الأخرى ذات أهمية على ما يبدو.
وفي نهاية التسعينيات لاحظ أصحاب نظريات أصحاب المصالح أن هؤلاء استخدموا وسائلهم الإعلامية الخاصة للتأثير في الإدارة وأصحاب المصالح الآخرين. وفي تلك المرحلة لاحظنا أن حركة اليمين المتطرف في فرنسا، وهي الجبهة الوطنية، قد بنت وسائل إعلامها الخاصة بعد أن حجبتها وسائل الإعلام الرئيسة، وواصلت تلك نموها.
وفي الفترة بين 2006 و2008 وجدت دراسة إنسياد حول مقاطعة استهدفت شركة دنون أن نشرة إخبارية لمحلل مالي أدت إلى تحطيم قيمة الشركة السوقية في لحظة لا مبالاة من وسائل الإعلام الرئيسة. ولو كانت وسائل الإعلام الرئيسة تحدد فعلا ما يتنبه له الناس، فإن ظاهرة كتلك لا يمكن أن تحدث. يتعين على قادة الشركات ألا ينسوا أبدا أن أصحاب المصالح لديهم من الموظفين وحتى المستخدمين، السبل الكفيلة بجعل أصواتهم مسموعة سواء أولت وسائل الإعلام الرئيسة اهتمامها بهم أم تجاهلتهم.
وجدنا حالات أخرى بما فيها حالات سارة، كانت شركة ريفريند ميوزيكال إنسترومنتس، وهي شركة صغيرة أخضعت للدراسة في سوق تنافسية قيمتها تزيد على عشرات المليارات، على وشك الانهيار لو لم يلجأ زبائنها لمنتديات الإنترنت تلقائيا للترويج لمنتجاتها وتقديم المشورة للزبائن الجدد. كذلك فقد وجدنا أن دراسة جديدة كشفت كيف تم تقديم الدعم لقطاع توليد الطاقة بالرياح من قبل وسائل إعلام بديلة فيما نفرت وسائل الإعلام الرئيسة من ملاحظتها. وتشير دراستنا المثيرة أخيرا لحالة مشابهة أن وسائل إعلام أصحاب المصالح المعنيين تلعب دورا حيويا في توليد قيمة مشتركة من خلال الربط بين شركات تستند إلى القيمة ومزوديها وزبائنهم.
تقدم أبحاثنا فسحة من الأمل لقطاع الأخبار، أو على الأقل لجانب من هذا القطاع يرى في جمهوره حليفا ناشطا بدلا من اعتباره مجرد زبون أو منافس. وحتى اليوم، فإن الصحافيين يعبرون أحيانا عن امتعاضهم من صناع الأخبار في وسائل إعلام أصحاب المصالح ممن لا يحتملون أو لا يقبلون بأخلاقيات العمل الاحترافي أو قيم الإنتاج. تعد هذه خطيئة جسيمة، فقد أهدر قطاع الأخبار سنوات هزأ فيها بالمدونين باعتبارهم هواة، قبل أن يبدأ بتوظيفهم أملا في استعادة الجمهور الذي فقده.
نعتبر في دراستنا وسائل إعلام أصحاب المصالح كتقنية أخبار تحولية تعيد ضبط المعايير الأخلاقية والمهنية كما أن هذه الوسائل شريك حيوي لإعلام الأخبار. ونقوم حاليا باستكشاف كيفية تحقيق انسجام بالعمل معا في حالات دراسة وأوراق بحث حول نماذج العمل الجديدة وذلك بالتعاون مع كل من منظمة وان إفرا WAN-IFRA وجامعة أغا خان.
ولم يكن ممكنا تنفيذ مشروع إعلام أصحاب المصالح لولا شركة جونسون آند جونسون التي قامت بتمويل أبحاثنا الأساسية. يعد ذلك خيارا يتمتع بالرؤية الثاقبة لأن أبحاثنا لا تنسجم مع تصنيفات التسويق التي تهيمن على دراسات الإعلام في أي كلية لإدارة الأعمال. تركز أبحاثنا الحالية على كيفية إلحاق منتدى إنترنت خسائر بلغت 500 مليون دولار من الأضرار بوحدة لشركة متعددة الجنسيات. تتصدر أجندة البحث تحديدا دقيقا لشبكة المعلومات والتأثير التي تغذي وسائل إعلام أصحاب المصالح وتأخذ منها، ما يضعنا أقرب إلى تقديم المساعدة لقادة الشركات لتجنب الأزمات بدلا من الهرب منها. نرحب بالاستفسارات من الشركات والأفراد الراغبين في العمل معنا.

إنشرها