FINANCIAL TIMES

تحالف تكنولوجي يتطلع إلى ما وراء الهواتف الذكية

تحالف تكنولوجي يتطلع إلى ما وراء الهواتف الذكية

كان لدى عالم أجهزة الكمبيوتر الشخصي نظام تشغيل مهيمن واحد: ويندوز من مايكروسوفت. الهواتف الذكية لديها اثنان، أندرويد من جوجل وiOS من أبل. لكن مع بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي من المرجح أن يكون هناك العديد منها.
هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه أمازون ومايكروسوفت، انطلاقاً من تحالفهما الأسبوع الماضي الذي يربط مساعديهما الرقميين اللذين يعملان بالصوت. الحوسبة الشخصية كانت تتميز تقليدياً بسباق من أجل هيمنة المنصة. ويبدو أن عالم الحوسبة الآن يتطور بدلاً من ذلك أنظمة بيئية متوازية، حيث تبقى الأحكام الخاصة بالارتباط بين جزر التكنولوجيا المنفصلة سؤالا مهما ومفتوحا.
حتى الآن عصر الحوسبة التي تعمل بالصوت كان قولا أكثر مما هو عمل. كما يُمكن أن يشهد كثير من الذين اشتروا المتحدث الذكي "إيكو" من أمازون، محاولة التفاعل مع ذكاء "في الهواء" فقط باستخدام الكلمة المنطوقة يمكن أن يكون محبطاً. لكن في الوقت الذين تنتقل فيه الحوسبة إلى مزيد من القطع الأخرى للمعدات - معظمها بدون شاشات، أو لوحات مفاتيح، أو فأرة - المساعدون الرقميون سيتولّون حتماً دوراً مهما وأساسيا.
"أليكسا" من أمازون، الذكاء الذي يُشغّل "إيكو"، في سبيله تماماً لترسيخ نفسه منصة تطبيق مهمة - واحدة من الوظائف الرئيسية لنظام التشغيل. حين يجعل من الممكن إطلاق تطبيقات صوتية (المعروفة باسم "مهارات") من خلال أوامر منطوقة، فإن هذا يعد بجلب بُعد جديد لأنموذج متجر التطبيقات.
مع دخول الحوسبة إلى كثير من الأماكن الجديدة، أصبح من الصعب على أي شركة منصة مفردة أن تفرض هيمنتها. هذا يُفسّر التحالف بين مايكروسوفت وأمازون، وهما شركتان متنافستان في منطقة سياتل، حيث تعمل معركتهما من أجل القيادة في مجال الحوسبة السحابية على جعل شمال غرب المحيط الهادي ساحة معركة مهمة لمستقبل التكنولوجيا. في هذا المجال، على الأقل، قد تكسبان أكثر من الاتحاد ضد العدوين المشتركين، جوجل وأبل.
حتى الآن كان نظام كورتانا، من مايكروسوفت، يقتصر إلى حد كبير على أجهزة الكمبيوتر الشخصية التي تعمل بنظام ويندوز 10، حيث هو موجود ضمن النظام، على الرغم من أنه أصبح مُتاحاً كتطبيق على الهواتف الذكية. في الوقت نفسه، نظام أليكسا من أمازون، ازدهر في الأساس على إيكو - فئة جديدة من الأجهزة التي يتسابق المنافسون لتقليدها. قرار الشركتين الارتباط فيما بينهما يُسلط الضوء على نقطة ضعف مشتركة هي فشلهما في اختراق سوق الهواتف الذكية. إذا أصبح المساعدون القائمون على الهواتف جزءاً مهماً من واجهة الأجهزة الجديدة، هذا سيُفضّل برنامج المُساعد من جوجل وسيري من أبل.
من جانبهما، مايكروسوفت وأمازون تنظران إلى ما وراء الهواتف الذكية. في عالم حيث الذكاء الاصطناعي موجود في أنواع كثيرة من المعدات، فإن عددا قليلا من الناس سوف يشترون جميع أجهزتهم من شركة واحدة. تسليم المحادثات بين المساعدين سيكون هو الأساسي.
لكن من المرجح أن يكون المساعدون مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بخدمات معينة على الإنترنت كما هي الحال في ارتباطها بالأجهزة، ما يجعلهم واجهات للتطبيقات المُستخدمة على نطاق واسع، مثل البحث من جوجل وبرنامج التعاون من مايكروسوفت.
بالنسبة للبشر البسيطين، ربط هؤلاء المساعدين - والأنظمة البيئية التي تُمثّلها - قد يُصبح أمراً مُحبطاً. بدلاً من عبارة "افتح أبواب المنصة يا هال" - الجملة التي كانت تُقال إلى جهاز كمبيوتر في فيلم "2001: أوديسة الفضاء" - يُمكن أن تكون: "هال، هل يُمكنك الطلب من كورتانا إيقاظ إليكسا ومعرفة ما إذا كان بإمكانها العثور على تطبيق لفتح الأبواب؟".
التكامل الأكثر سلاسة للأنظمة البيئية من المرجح أن يتبع، حيث الأجهزة الذكية تعمل في الخلف، وتسلم المهام إلى بعضها بعضا وتشارك البيانات بشأن مستخدميها عند الحاجة. إذا كانت تلك التفاعلات المؤتمتة قائمة على قواعد يُسيطر عليها المستخدمون، يُمكن أن يكون ذلك عالما يشعر فيه البشر بقدر أكبر من السيطرة - على الرغم من حقيقة أن الكثير من التفاعل سوف يتجاوز تصوّرات البشر ويزيد من خطر التدخل في اللعبة من قِبل شركات التكنولوجيا الأكثر قوة.
المدى الذي تستطيع فيه الشركتان إتقان العمل معا سوف يعتمد إلى حد كبير على ما تعتقد كل شركة أنها ستكسبه من فتح نظامها البيئي أمام الآخرين. من خلال التصرف أولا، أعطت كل من مايكروسوفت وأمازون لنفسيهما مزيدا من النفوذ على القواعد الأساسية التي تحكم مثل هذه التحالفات في المستقبل.
في الوقت نفسه، الشركات الأخرى التي تتفكر في مستقبلها في هذا العالم من المساعدين الرقميين ذوي المهام المتعددة والارتباط ربما تنظر بنوع من القلق إلى أي احتكار صاعد بين شركات التكنولوجيا الكبرى. ومن المرجح للمساعدين أن يكونوا أقرب إلى التطبيقات من أنظمة التشغيل السابقة. وحتى يكونوا مفيدين، يحتاجون إلى فهم عميق لمستخدميهم، ومن المرجح لهم أن يعالجوا المزيد من المهام البسيطة مباشرة، بدلا من تسليمها إلى الآخرين. حين يدير برنامج كورتانا معظم حياتك ويتخذ القرارات بالنيابة عنك، سوف تكون هناك ببساطة حاجة أقل إلى التنقل بين كل هذه التطبيقات.
هذا ربما يكون مفيدا للاحتكار التكنولوجي الجديد. ماذا يعني هذا بالنسبة لأي جهة أخرى تحاول بيع الخدمات الرقمية، فهو أمر ليس محسوما بالقدر نفسه.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES