FINANCIAL TIMES

عقار جديد للسرطان يعيد الجدل حول ارتفاع الأسعار

عقار جديد للسرطان يعيد الجدل حول ارتفاع الأسعار

خارج صناعة الدواء تشتهر "جلياد للعلوم" بأنها الشركة التي أثارت صيحات احتجاج على مستوى الولايات المتحدة بسبب ارتفاع تكلفة الأدوية في البلاد.
عندما أطلقت دواءها لالتهاب الكبد سي في عام 2014، حوّلت حظوظ المصابين بعلاج يُمكن أن يُعالجهم في غضون أشهر – لكن موجات الثناء ضاعت بين صيحات الاحتجاج على سعر يبلغ ألف دولار تقريبا لكل حبة دواء.
مع شرائها لشركة كايت فارما مقابل 11.9 مليار دولار الشهر الماضي تعود جلياد الآن إلى منطقة مألوفة. فقد استحوذت على علاج من المحتمل أن يكون قادرا على جلب الشفاء لمرضى السرطان، من المتوقع أن يكون من بين الأكثر تكلفة على الإطلاق.
"بالتأكيد سيضعون عليه سعرا مترتفعا، وإلا ما كانوا اشتروا كايت مقابل 12 مليار دولار تقريباً"، كما يقول ماكسيم جيكوبز، المحلل في شركة إديسون، الذي يُقدّر أن العلاج سيباع بنحو 750 ألف دولار لكل مريض.
"كايت" هي إحدى الشركات الرائدة في مجال علاج مُستقبِلات المواد المضادة الخيالية، أو Car-T، وهو علاج لمرة واحدة ينطوي على إعادة هندسة خلايا الدم في المريض حتى تتمكن من تحديد السرطان ومهاجمته.
تُشير التجارب السريرية إلى أن العلاج يبشر بخير كبير حتى في سرطانات الدم الأكثر عنادا، وهناك نسخة منافسة من شركة نوفارتيس حصلت الشهر الماضي على دعم بالإجماع من قِبل لجنة من العلماء في إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة.
لكن العلاج مُعقد ومُكلف، مع عملية تنطوي على استخراج خلايا دم المريض في المستشفى، ونقل البلازما - عادة جوا - إلى أحد المختبرات، وإعادة هندستها قبل إعادتها.
جون ميليجان، الرئيس التنفيذي لشركة جلياد، يقول إن هناك "بعض أوجه الشبه" بين الاستحواذ على شركة كايت والصفقة الكبيرة الأخيرة للشركة: عملية الاستحواذ على "فارماسيت" مقابل 11.2 مليار دولار في عام 2012، التي جلبت معها "سوفالدي"؛ علاج التهاب الكبد سي.
يضيف ميليجان: "إلى حد كبير مثل سوفالدي، الذي كان علاجا محدودا، هذا علاج لمرة واحدة يُمكن أن يُعالج المرضى، أو يحد من تقدّم مرضهم".
مع ذلك، يُجادل بأن هناك فرقا حاسما. فعندما أطلقت جلياد دواءها لالتهاب الكبد سي، كان هناك طلب مكبوت على العلاج، والسعر الذي يزيد على 80 ألف دولار لكل مريض يضع كثيرا من الضغط على شركات التأمين وخطط الصحة الحكومية.
هذا كان جيدا بالنسبة لإيرادات جلياد التي تضخمت من 9.7 مليار دولار في عام 2012 إلى 32.6 مليار دولار في عام 2015، لكنه حوّل الشركة إلى محور تركيز النقاد بسبب الغضب من ارتفاع أسعار الأدوية.
على العكس من ذلك، إذا تمت الموافقة على علاج شركة كايت من قِبل إدارة الغذاء والدواء في وقت لاحق هذا العام، فإن استخدامه سيقتصر في البداية على مجموعة فرعية صغيرة من المرضى الأسوأ حالا ممن يعانون نوعا من سرطان الغدد الليمفاوية.
يقول ميليجان: "يجب أن نأخذ في الحسبان العبء على النظام ككل، وهذا عدد صغير جدا من المرضى".
مع ذلك، المبلغ الذي يُقارب 12 مليار دولار الذي دفعته جلياد مقابل "كايت" تم دفعه إلى حد كبير نتيجة اعتقاد بأن مجموعة المرضى المحتملين ستنمو بشكل لا يستهان به مع مرور الوقت.
إذا تبيّن أن هذه هي الحال، قد تضطر جلياد ومنافساتها في مجال علاج Car-T إلى إيجاد طُرق لتخفيض السعر، بما يتنافى مع أنموذج أعمال الشركات الدوائية المعيارية التي ترفع الأسعار كل عام.
يقول ميليجان: "نحن نهدف إلى إدخال أتمتة أكبر (إلى عملية التصنيع). لدينا تحدّ يتمثل في تخفيض التكاليف".
ويعتقد بعض المستثمرين في مجال التكنولوجيا الحيوية أن أي انتقاد لسعر علاج Car-T سيكون غير مُبرر، بالنظر إلى أن العلاج يُمثل إنجازا طبيا حقيقيا يُمكن أن يُنقذ حياة الناس الذين يمكن أن يموتوا في غضون أسابيع خلافا لذلك.
"ليس كل شيء بسعر مرتفع يُعتبر سيئا"، كما يقول براد لونكار، مؤسس صندوق لونكار "كانسر إيمونوثيرابي" الذي يتم تداوله في البورصة، والذي لديه حيازات في شركة كايت وغيرها من شركات صناعة علاج Car-T.
يقول لونكار إن هناك عددا من الحالات "الشائنة" للأسعار المرتفعة، مُشيرا إلى حاقن الحساسية من "ميلان"، EpiPen، ودواء الإيدز والسرطان الذي جلب العار إلى مارتن شكريلي. يضيف، مُشيرا إلى تقديرات تضع تكلفة العلاج بمقدار 200 ألف دولار لكل مريض: "لكن لن يتم تسعير Car-T على أساس الجشع. هذا في طليعة العلم. ينبغي أن نرغب في الاستثمار في توسيع الحدود فيما يتعلق بالسرطانات التي مثل هذا".
في تحليل صدر في وقت سابق من هذا العام أشار المعهد الوطني للصحة والتميز السريري في المملكة المتحدة إلى أن علاج Car-T يُمكن أن يساوي ما يصل إلى 649 ألف دولار إذا ما أُعطي للأطفال بسبب عدد "أعوام الحياة التي يُمكن إنقاذها".
وحظي التقرير باهتمام واسع لأن المعهد الوطني للصحة والتميز السريري، الذي يُعتبر بمنزلة الحارس لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة، يتعرَض لانتقاد منتظم من الصناعة الدوائية لكونه لا يرغب في إنفاق كثير من المال.
مع ذلك، هناك دلائل تُشير إلى أن نشطاء التسعير يستعدون لحشد تحد ضد جلياد، استنادا إلى حقيقة أن علاج شركة كايت تم تطويره في البداية من قِبل باحثين في المعهد الوطني للسرطان، الذي هو جزء من المعاهد الوطنية للصحة الممولة فيدراليا.
المجموعة الناشطة "نوليج إيكولوجي إنترناشيونال"، طالبت الكونجرس بضمان أن تكون منتجات شركة كايت متاحة "بشروط معقولة" من خلال مُطالبة المعاهد الوطنية للصحة بتطبيق القواعد التي تحكم تسويق الابتكارات الممولة فيدراليا.
أهداف مجموعة الحملة السابقة، مثل "إكستاندي"، وهو دواء لسرطان البروستاتا استحوذت عليه أخيرا مجموعة فايزر، تولاه سياسيون أمريكيون، بمن فيهم بيرني ساندرز، المرشح الرئاسي السابق.
إذا حدث الشيء نفسه هذه المرة، يُمكن أن تجد جلياد نفسها وسط جلبة حادة أخرى بخصوص التسعير.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES