default Author

تمثال الحرية بـ«الملاية» المصرية

|
عندما تزور أحد البلدان تحرص على زيارة أبرز معالمه، بل إن بعض المعالم تشكل صورة البلدان في ذهن البشر فأهرامات مصر، وبرج إيفل فرنسا، وساعة بيج بن لندن، وبرج بيزا إيطاليا وهكذا وكل معلم من هؤلاء له قصة وتاريخ وهدف من بنائه يخفى على الكثيرين؛ فسر الأهرامات بقي غامضا لليوم رغم آلاف الروايات حوله!! أما تمثالنا المراد فيشعر الكثيرون بالفخر من رمزيته ودلالته على تحرير المرأة والعبيد من السلاسل والقيود التي ألقيت تحت قدمي التمثال والشعلة التي تحملها المرأة تزيد من رمز الحرية، أما الكتاب في يدها اليسرى فنقش عليه تاريخ استقلال أمريكا وترتدي تاجا مكونا من سبع أسنة ترمز للبحار السبعة أو القارات السبع في العالم! ولكن الحقيقة خلاف ذلك فهو لم يصمم من أجل الحرية ولا من أجل أن يكون هدية لأمريكا في مئوية الاستقلال، بل صممه فنان فرنسي يدعى "فريدريك أوجست بارثولدي" على شكل فلاحة مصرية مسلمة تلبس العباءة المصرية أو الملاية اللف؛ كما هو متعارف عليه في ذلك الزمن ترفع يدها حاملة شعلة يخرج منها ضوء لإرشاد السفن وشعارها "مصر تحمل الضوء لآسيا". أما التاج على رأسها فمستقى من أشعة الشمس التي وضعها بطليموس الثالث كتاج على رأسه في عملة معدنية تاريخية سكت في حكم البطالمة الثالث لمصر! تم عرض تصميم مصغر على الخديوي إسماعيل حاكم مصر آنذاك كي يضعه في مدخل قناة السويس ليكون منارة للسفن، ولكن الخديوي اعتذر للتكاليف الباهظة للمشروع خصوصا أن مصر لم يكن لديها السيولة اللازمة بعد تكاليف حفر وإنشاء قناة السويس، وبنى بدلا منها منارة عادية بارتفاع 180 قدما!! لم ييأس فريدريك وأخذ يبحث عن مكان مناسب لينصب تمثاله وجاءته الفرصة المناسبة، فقد كانت فرنسا في تلك الفترة تفكر في إهداء الدول الصديقة هدايا تذكارية لتقوية الروابط ولم يجدوا أفضل من نموذج فريدريك ليقدموه لأمريكا في عيد استقلالها المائة عام 1876م وعرضت الفكرة على الأمريكيين على أن تتولى فرنسا بناء التمثال ويتولى الأمريكان تصميم وبناء القاعدة، ولارتفاع تكلفة إنشائه بدأ الفرنسيون والأمريكان بجمع التبرعات وفرض الضرائب وإقامة الحفلات الترفيهية لجمع تكلفة بنائه وتمكنت فرنسا من جمع 2250000 فرنك أما الأمريكيون فقد قاد حملة التبرعات عمدة نيويورك السيناتور ويليام إيفانز الذي أصبح وزير خارجية أمريكا فيما بعد ونظمت الشاعرة إيما لازاروس قصيدة التمثال الجديد عام 1883م ولم تشتهر القصيدة إلا بعد عشرين عاما حين وضعت أبيات منها على لوح من البرونز وثبتت على قاعدة التمثال عام 1903م!!
إنشرها