Author

أهمية الوقت

|
تتوافر فرص وظيفية واعدة للمواطن. يبقى القطاع العام أكثر جذبا لا لسبب سوى ارتفاع مستوى الرواتب، ووقت العمل الملائم لالتزامات الأشخاص. لضمان تحسين جاذبية البدائل الأخرى، نحتاج إلى التقريب بين ما يستطيع المواطن أن يقدمه من الوقت وما يتطلبه عمله في القطاع الخاص “بالذات”. معلوم أن أكثر السعوديين لا يستطيعون أن ينافسوا في مجال التجزئة بسبب أزمة الوقت المخصص للعمل. ما يستطيع أن يقدمه شخص أجنبي مضطر للعمل هنا لأربع أو خمس أو حتى عشر سنوات، أكثر بكثير مما يمكن أن يقدمه ابن الوطن. الأجنبي يعد هذه المرحلة، مرحلة تضحية كبرى لتحقيق أهداف استراتيجية معينة، يعود بعدها لدياره فيتنعم بالوفرة المالية والاستثمارات التي دخل فيها في أثناء الفترة التي قضاها هنا ــ مدة الغربة، أو هكذا هو السيناريو الأصح. حالة لا يمكن تطبيقها على السعودي، وبما أن سوق العمل لا بد أن تكون مفتوحة للمواطن، تصبح هذه الإشكالية مسؤولية أصيلة على وزارات التجارة والعمل والطاقة. إن ما نشاهده في أغلب دول العالم من تقنين لساعات العمل على كل المستويات، يؤكد أن مراعاة حال الناس وارتباطاتهم أساس في تقنين سوق العمل. صحيح أن الناس تعودوا على وضع معين، لكن المسؤولية المهنية لهذه الجهات تتطلب أن تعمل على محاصرة المجالات التي يخسر فيها المواطنون الفرص الوظيفية، والتعرف على كل ما يمكن أن تذللـه من إشكالات لضمان جاذبية الوظيفة للمواطن. أعتقد أنه يمكن أن نلاحظ هذا الأمر بكل وضوح في مجال التجزئة. لكن مسؤولو إدارة السوق يستطيعون أن يحددوا المواقع والمجالات التي لا بد من تحديد ساعات العمل فيها، لتكون العملية ناجحة، فنحن مهما وضعنا من قوانين داعمة، لا يمكن أن نهمل أهمية الوضع الاجتماعي والأسري الذي يعيشه المواطن والتزاماته مع أسرته وأبنائه وأقربائه. يتضح من السابق أن هناك أكثر من مجرد البحث في التخصص والخبرة لتنظيم السوق، وقضية العلاقات الاجتماعية والأسرية تسيطر على جزء مهم من عناصر توفير الوظائف، كما توجد أمور أخرى تحتاج للبحث والتدقيق لنضمن نجاح عمليات بناء سوق جاذبة لأبناء الوطن، وحامية للأموال التي تضخها الدولة في الاقتصاد.
إنشرها