Author

الخلط بين العام والخاص

|
معظم المشكلات التي تفضي إلى جرائم إلكترونية، نابعة عن ذلك الفاصل الشفاف الملتبس بين العام والخاص. في “واتساب” الممازحات الصوتية تتحول إلى قضايا تنظرها المحاكم، خاصة عندما تتجاوز تلك النقاشات الشخصية الحدود، ومجرد تمريرها إلى خارج المجموعة، يصبح شأنا عاما يدفع البعض للشكوى، وأحيانا لا يحتاج إلى الشكوى، إذ يغدو في نظر القانون مسؤولا عن كلام يستدعي المحاسبة لأنه يتضمن تجاوزا. توصيف الجريمة الإلكترونية، وفهم ما يقع في دائرتها ينأى بالمرء عن هذه الورطة. بعض الأمور تحدث بشكل عفوي. تصوير شخصي على شاطئ أو أي مكان آخر، يتحول إلى قضية بمجرد خروجه من ألبوم الصور الشخصية إلى “سناب شات” أو “تويتر”. الأمر نفسه ينطبق على الفيديوهات التي توثق لحظة عائلية، لكن مجرد خروج هذه الفيديوهات من نطاق المصور، تبدأ دائرة انتشار تلك اللحظة العائلية الخاصة في التحول إلى العموم، والبعض قد يتعامل معها باعتبارها فضيحة تستحق المساءلة، لكن لا أظن أنني سأجد أحمق من إنسان يعمد إلى توثيق جريمة يقوم بممارستها. خلال السنوات الماضية شهدنا كثيرا من الحمقى الذين يوثقون اعتداءاتهم أو كسرهم لخصوصيات الناس وهتك أسرارهم. هنا تظهر أهمية التعامل مع مثل هذه الجرائم الإلكترونية ... حتى الممارسات والسلوكيات الخاطئة، ينبغي الاكتفاء عند توثيقها بتحويلها للجهات الأمنية المعنية، وليس نشرها على الملأ، لأن هذا يتحول إلى جريمة إلكترونية تستدعي المساءلة والعقاب. عندما يأتيك مقطع، لا تتعامل معه باعتباره مشهدا كوميديا أو حدثا لافتا فقط. تأمل في الصورة ذاتها، وتخيل أنك بطل هذا المشهد. هل سترضى بأن يتم التعامل معك بالطريقة نفسها؟ ما شعورك وأنت تشاهد هذا المشهد وتشهد تعليقات الغوغاء عليه؟!
إنشرها