FINANCIAL TIMES

حمائم وصقور بنك إنجلترا يدفعون الاسترليني جيئة وذهابا

حمائم وصقور بنك إنجلترا يدفعون الاسترليني جيئة وذهابا

انقسام بنك إنجلترا حول أسعار الفائدة يجعل المستثمرين ينتظرون البيانات والتعليقات المقبلة من صناع السياسة. يبدو الأمر وكأن الاسترليني والسندات الحكومية البريطانية يعيشان مرحلة شاقة.
كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاستقرار السياسي من قضايا المملكة المتحدة التي تحظى باهتمام السوق، لكن هذه الأمور يجري تجاوزها من قبل ملحمة بنك إنجلترا التي أخذت معلقي العملات الأجنبية على حين غرة.
يقول خبراء الاستراتيجية في بنك أستراليا الوطني إن رفع أسعار الفائدة أصبح "موضوعا حيويا جدا للنقاش بطريقة لم يكن عليها مطلقا قبل أسبوعين فقط". من جهته، لاحظ بيتر ديكسون، الخبير الاقتصادي في كوميرتزبانك، أن من غير المعتاد أن يُبث خلاف بنك إنجلترا "بقوة كبيرة في العلن".
في الأثناء، تنقل الجنيه ذهابا وإيابا مع كل منعطف من النقاش. فعندما صوت ثلاثة صقور لرفع أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية في 15 حزيران (يونيو)، اشترى المستثمرون الجنيه الاسترليني. وعندما قال مارك كارني، محافظ البنك المركزي، بعد خمسة أيام "الآن ليس الوقت المناسب" لتشديد السياسة النقدية، باعوه. واشتروه مرة أخرى عندما اختلف كبير الاقتصاديين، أندي هالدين، في الرأي مع رئيسه في اليوم التالي.
وقالت جين فولي، الخبيرة الاستراتيجية المختصة بالعملات الأجنبية في رابوبانك: "الجنيه الاسترليني يتحرك جيئة وذهابا من قبل لجنة السياسة النقدية".
الأمر الذي على المحك هو سمعة كارني وصدقية البنك المركزي. قبل عام، كان يُنظَر إلى محافظ البنك وزملائه على أنهم العقلاء الوحيدون في مناخ ما بعد خروج بريطانيا الذي شهد فوضى سياسية وسرعة في تراجع العملة، حيث عملوا على تهدئة الأسواق بخطط طوارئ مهدت الطريق لخفض أسعار الفائدة في آب (أغسطس).
فلماذا في وقت يتسم بتقلص الدخول، وانتخاب برلمان معلق، ومباشرة المفاوضات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعمد بنك إنجلترا إلى مناقشة رفع أسعار الفائدة؟ يقول بول لامبيرت، مدير محفظة العملات في "إنسايت إنفستمنت": "إنها مجموعة غير عادية من الظروف لرفع أسعار الفائدة".
سيكون القرار حكما متوازنا بدقة. لخص هالدين معضلة بنك إنجلترا على النحو التالي: الحفاظ على السياسة النقدية فضفاضة فوق الحد لفترة طويلة فوق الحد يهدد بارتفاع التضخم. والتشديد قبل الأوان، بمعدل سريع فوق الحد، يعرض الإنتاج والوظائف للخطر.
وهو يقيم حجته الداعية للتشديد، من بين أمور أخرى، على النمو العالمي، والاستقرار السياسي (على الأقل في أوروبا) وارتفاع التضخم، مضيفا أن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يُبقي السياسة النقدية تسهيلية للغاية.
لكن كما يقول كمال شارما، من بانك أوف أمريكا ميريل لينش، الاقتصاد البريطاني هو العامل الرئيس. وقد ثبت أنه أكثر متانة مما كان متوقعا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عندما خفضت لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة. ويضيف: "على الرغم من التباطؤ، لا يزال هالدين يعتقد أن نمو المملكة المتحدة متين".
بالنسبة للامبيرت، موقف الصقور يشي بأنه محاولة لتصحيح أحد الأخطاء. خفض البنك المركزي البريطاني أسعار الفائدة في آب (أغسطس) دون أن يتوقع أن يكون اقتصاد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي متينا إلى هذا الحد، ودون أن يتوقع أن يرتفع التضخم بهذه السرعة.
إذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك سيكون الإجراء الخاطئ. فهو يقول إن النمو يضعف، وليست هناك أدلة تذكر على تسارع التضخم من القوى المولدة محليا. يأتي التضخم من ضعف الجنيه الاسترليني أكثر مما يأتي من عوامل أخرى، لكن هذا التضخم لا يترجَم إلى نمو أقوى للأجور، وبالتالي الدخول الحقيقية تتقلص.
الأسواق عالقة في معضلة بنك إنجلترا. ربما يتأثر الجنيه بموجات هذا النقاش، لكنه إلى حد كبير ظل على مدى العام ضمن النطاق نفسه مقابل الدولار، مرتفعا أكثر من 3 في المائة، ومنخفضا مقابل اليورو بالنسبة نفسها.
ووصل هذا العام إلى أعلى مستوى له عند 1.3050 دولار في أيار (مايو)، لكنه كان أقل من 1.26 دولار يوم الجمعة، في حين أن اليورو ارتفع من 0.8313 جنيه في منتصف نيسان (أبريل) إلى 0.88 جنيه يوم الإثنين. هذا يشير إلى أن عمل الجنيه "كواق صدمات" في اقتصاد ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما وصفه بن برودبنت، نائب محافظ بنك إنجلترا، قد انتهى إلى حد كبير.
ليس تماما، كما يقول ديفيد بلوم، استراتيجي العملات الأجنبية في HSBC. فمن رأيه أن الجنيه سيتعرض لمزيد من الانخفاض. رأي بنك إنجلترا المنقسم هو علامة تبين كيف أن الصقور يركزون على الدورة الاقتصادية، في حين أن الحمائم منزعجون من عوامل اللبس السياسي الذي خلقته حكومة المحافظين الضعيفة. بعبارة أخرى، يقول بلوم: "هل تبيع الجنيه بناء على السياسة، أم تشتريه بناء على العوامل الدورية؟ السوق غير متأكدة من ذلك".
"نومورا" أكثر يقينا. فهي تتوقع أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال عقد في اجتماعه المقبل في الثالث من آب (أغسطس). تقول الشركة المالية اليابانية إن البنك الذي أصبح أقل صبرا بخصوص التضخم الأعلى من الهدف، يوجد انطباعا بأن "البيانات الأضعف ستكون مطلوبة الآن لإثبات حالة الإبقاء على السياسة قيد الانتظار، بدلا من أن تكون هناك حاجة إلى بيانات أقوى لتبرير أسعار فائدة أعلى".
العلامات على نهاية التردد في اتخاذ القرار ربما تدخل في سوق السندات. فبين عشية وضحاها للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، ارتفعت عائدات السندات الحكومية البريطانية لأجل عامين يوم الجمعة إلى ما فوق 0.25 في المائة مع استعداد السوق لاحتمال رفع أسعار الفائدة.
لذلك من المتوقع أن يشهد الصيف تقلبات السوق في المملكة المتحدة. وستتم مراقبة أحاديث صناع السياسة عن كثب.
أمس الأول أكد كارني مجددا وجهة نظره بأن نتائج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تمثل "مخاطر محتملة على الاستقرار المالي"، لكن الأمر الذي أثار اهتماما أكبر هو اللفتة نحو التشديد، في الوقت الذي ألغت فيه لجنة السياسة المالية في البنك أحد إجراءاتها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من خلال رفع حاجز وقاية رأس المال المطلوب من المصارف. أما بالنسبة للاقتصاد، فإن كل العيون الآن على بيانات نمو الأجور في 12 تموز (يوليو) والتضخم في 18 من الشهر نفسه.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمتاعب البرلمانية سيكون لهما تأثيرها في الجنيه، لكن كثيرا من محللي العملات الأجنبية يتوقعون أن تكون معركة بنك إنجلترا هي القضية التي تحدد عام 2017 بالنسبة للأسواق.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES