FINANCIAL TIMES

قصة الآيفون .. ضغينة وراء إطلاق حامل راية الهواتف الذكية

قصة الآيفون .. ضغينة وراء إطلاق حامل راية الهواتف الذكية

تبدأ بعض الأجهزة الأكثر نجاحا بوميض إلهام من قبل أحد المصممين. بعض آخر يكون نتيجة طفرة تكنولوجية. لكن على خلاف ذلك تماما، إطلاق جهاز الآيفون من قبل شركة أبل، الذي يصادف هذا الأسبوع ذكرى بداية مبيعاته قبل عشر سنوات، بدأ بنوع من الضغينة.
سكوت فورستول، رئيس البرمجيات الأسبق لدى شركة أبل وأحد كبار نواب ستيف جوبز، المؤسس المشارك للشركة، يتذكر أن "الجهاز أُطلِق لأن ستيف كان يكره شخصا في شركة مايكروسوفت".
بدأ عصر الشاشة التي تعمل باللمس قبل عشر سنوات، في 29 حزيران (يونيو) 2007، عندما عُرِض جهاز آيفون للبيع للمرة الأولى.
خلال مناسبة في متحف تاريخ الكمبيوتر في وادي السليكون الأسبوع الماضي، وفي مقابلة هي الأولى منذ مغادرته شركة أبل في عام 2012، حكى فورستول قصة العداء الذي حفز صناعة الجهاز.
قال إن آيفون قبل أن يكون هاتفا كان جهازا لوحيا، وأن تكنولوجيا شاشة اللمس التي ستجد طريقها فيما بعد إلى آيباد، بدأت باعتبارها مشروع أبحاث سريا بطلب من جوبز.
كان موظف شركة مايكروسوفت المستفِز، الذي كان صديقا لصديق لجوبز، يتفاخر بجهاز كمبيوتر محمول جديد كانت شركة البرمجيات بصدد إطلاقه، وكان يستخدم قلما خاصا لإدخال البيانات. "وفي أي وقت كان ستيف يجري فيه أي تواصل وتفاعل عبر وسائل التواصل مع ذلك الشخص، كان يعود وهو منزعج تماما".
بعد مواجهة من هذا القبيل جرت في عطلة نهاية الأسبوع، وصل جوبز إلى شركة أبل صباح الإثنين غاضبا جدا، وهو يقول: "دعونا نريهم كيف يتم هذا الأمر في الواقع".
يستذكر فورستول أن جوبز قال إن شركة مايكروسوفت "غبية. فأنت لا تستخدم قلما خاصا (...) فقد ولدتَ ولديك عشرة أقلام في يديك".
واصلت "أبل" جهودها وباعت أكثر من مليار جهاز آيفون، ما جعله واحدا من المنتجات الاستهلاكية الأكثر نجاحاً في كل العصور ودفع الشركة إلى تحقيق أرباح قياسية. مُعلق صناعة الهاتف الخليوي، هوراس ديديو، قدّر أن الأجهزة العاملة بنظام iOS والتطبيقات ستولّد معا إيرادات تزيد على تريليون دولار لشركة أبل بحلول نهاية عام 2017.
لكن على الرغم من الإلحاح الذي دفع جوبز لتطوير ما سيُصبح تكنولوجيا اللمس متعددة الأغراض في جهاز آيفون، إلا أن المشروع تأخر عدة أعوام. ولم ينتعش إلا عندما أشار جوبز الذي كان يتطلع للتخلص من منافسة لاحت في أفق مشغل الموسيقى "آيبود" الذي كان مهيمنا في ذلك الحين، إلى أن تكنولوجيا اللمس ستجعل الأجهزة الخليوية أقل إثارة للقلق من حيث الاستخدام.
وفي منتصف العقد الأول من الألفية، عندما أصبح جهاز موتورلا "رازر" Razr هو الأكثر مبيعا، كانت شركات تصنيع الهواتف التقليدية، مثل نوكيا "تدرجية"، كما قال هيوجو فينس، وهو مهندس سابق آخر في أبل تحدّث خلال مناسبة متحف تاريخ الكمبيوتر، بينما "في أبل لم يكُن هناك تراجع".
تطوير جهاز آيفون كان مشهورا بسريته: لم يكن يُسمح للموظفين الذين كانوا يعملون على ما أطلق عليه اسم "مشروع بيربل" بإخبار عائلاتهم عمّا كانوا يعكفون على بنائه. وفِرق العمل التي كانت تعمل على عناصر مختلفة من الجهاز لم تكُن تعلم ما تفعله الفرق الأخرى.
فينس، الذي كان جزءا من الفريق الذي عمل على الأجهزة متعددة اللمس، قال إن المرة الأولى التي رأى فيها ميزات البرامج الناتجة، مثل "الضغط من أجل التكبير"، كانت عندما كشف عنها جوبز في حدث إطلاق جهاز آيفون.
لم يكُن فورستول يملك خبرة في الاتصالات قبل العمل على المشروع، ولم يُرسل أي رسالة نصية قبل أن يفعل ذلك على جهاز آيفون. لكن على الرغم من هذا، أبل فكرت مليا في شراء طيفها الخليوي الخاص بها، أو أن تُصبح مشغلة شبكة خليوية "افتراضية"، من خلال إعادة بيع خدمات شركات تزويد الاتصالات الأخرى تحت علامتها التجارية، كما قال. وفي نهاية المطاف قررت عقد شراكة مع شركة AT&T لتوزيع الجهاز.
من جانبه، قال نينتين جاناترا، الذي كان مدير الهندسة لتطبيقات نظام iOS حتى غادر "أبل" في عام 2012: "بالطبع (السرية) كانت عائقا. لكن في الوقت نفسه، كان هناك الكثير من القيمة أيضاً، من خلال وجود هذا السر (...) لم يعرف أحد ما كان سيأتي".
وتبيّن أن توقيت جهاز آيفون جيد، مع صعود خدمات الإنترنت، مثل يوتيوب وخرائط جوجل وظهور عقود بيانات الهاتف الخليوي بأسعار معقولة.
جهاز أبل الجديد بدأ في الواقع بتحقيق إمكاناته في عام 2008، عندما ظهر متجر التطبيقات لأول مرة، على الرغم من تردد جوبز الأولي في السماح لبرمجيات من خارج الشركة بالعمل على الجهاز.
أعاد جهاز آيفون تحديد ما يُمكن أن يفعله الجهاز الخليوي، ما شجّع أعدادا لا تُحصى من المقلدين (وأدى إلى عدد من الدعاوى القضائية من أبل). ويُمثّل الجهاز الآن نحو ثُلثي إيرادات أبل وحصة أكبر بكثير في إجمالي أرباح صناعة الهاتف الخليوي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES