أخبار اقتصادية- عالمية

الدولار الأسوأ في أسواق الصرف .. خسر 6 % من قيمته منذ مطلع 2017

الدولار الأسوأ في أسواق الصرف .. خسر 6 % من قيمته منذ مطلع 2017

يبدو المسار الراهن في سوق العملات الدولية في غير مصلحة الدولار الأمريكي، فقد تحسنت أوضاع معظم العملات الدولية الرئيسة نتيجة انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية، الذي تراجع نحو 6 في المائة منذ بداية العام. وعلى الرغم من إسهام مجموعة من العوامل في انخفاض سعر صرف الدولار، فإن تصريحات ماريو دراجي؛ محافظ البنك المركزي الأوروبي لعبت دورا مهما في تعزيز قيمة العملات الأخرى، وخاصة اليورو في مواجهة نظيره الأمريكي.
فخلال كلمته التي ألقاها في منتدى السياسة السنوي للبنك المركزي الأوروبي في سينترا في البرتغال، سلط دراجي الضوء على التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو، وقال إن قوى الانكماش قد تراجعت، وإن معدلات التضخم في ارتفاع، ولكنه أضاف أن سياسات التحفيز الكمي ممثلة في الدعم النقدي الذي يقدمه البنك المركزي الأوروبي لاقتصادات منطقة اليورو لا تزال هناك حاجة ماسة إليها.
وقد استقبلت أسواق الصرف العالمية تلك التصريحات بترحيب حذر، وهو ما لعب دورا مهما في ارتفاع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة في مواجهة الدولار، إذ ارتفع اليورو بنحو 0.1 في المائة ليصل إلى 1.1197 دولار، كما تحسن أيضا وضع الاسترليني بالنسبة ذاتها.
فإلى أي مدى يعكس ذلك تغيرا جذريا في مستقبل الدولار في سوق العملات الدولية؟
يعتقد إيان أكاس؛ المحلل المالي في بورصة لندن أن المشهد الراهن غير مقلق بالنسبة لمسيرة الدولار على الأمدين المتوسط والطويل، ولكنه مع ذلك يدعو إلى متابعة الموقف بدقة، خشية حدوث تحولات غير متوقعة تؤدي إلى مزيد من التراجع أو الارتفاع في سعر صرف العملة الأمريكية، ما قد يربك سوق العملات بصفة عامة.
ويقول لـ "الاقتصادية": ما يحدث الآن من تراجع في سعر صرف الدولار، نتيجة طبيعية للتقلبات المؤقتة في الأسواق، ولا يوجد أي تغيرات جذرية في المشهد العام تدعو إلى القلق، من أن نشهد انخفاضا حادا في سعر صرف العملة الأكثر تداولا في العالم.
ويؤكد أنه على الرغم من هذا، إلا أنه يجب متابعة التغيرات الجارية في ميزان المدفوعات الأمريكي، وكذلك سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بسعر الفائدة، حيث إنه إذا أبقى المجلس على أسعار الفائدة الراهن حتى نهاية العام، فالمتوقع أن تشهد أسعار صرف الدولار مزيدا من التراجع، أما إذا تم رفع أسعار الفائدة فسيكون هناك تغيرات معاكسة في مسيرة سعر صرف العملة الأمريكية، وسيرتفع سعر الدولار في مواجهة العملات الدولية الأخرى.
مع هذا يعتقد بعض المصرفيين أن الدولار قد يواجه مصاعب جمة خلال الفترة المقبلة، وأن التراجع الحالي مؤشر أولي على أن مسيرة سعر صرف العملة الأمريكية ستواجه مستقبلا وضعا أكثر سوءا، بل إن بعضهم يحذر من اقتناء الدولار في الوقت الراهن مطالبا بالتريث حتى تتضح الصورة.
يشير أندرو اليجاري؛ الاستشاري المصرفي إلى أنه من المبالغة القول إن الدولار عرضة للانهيار، لكنه مع ذلك يتبنى وجهة نظر سلبية تجاه مستقبل العملة الأمريكية.
ويضيف لـ "لاقتصادية" أن الدولار هو العملة الأسوأ أداء منذ بداية العام، حيث إنها حتى الآن خسرت نحو 6 في المائة من قيمته منذ مطلع العام الجاري.
ويلفت إلى أنه لا شك أن هذا الوضع مريح نسبيا لمعظم القطاعات في الاقتصاد الأمريكي التي تعتمد على التصدير للخارج، إذ يسمح لها بزيادة صادراتها إلى الخارج، لكنه يعد وضعا سلبيا للقطاعات التي تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج، لأنه يرفع تكلفتها الإنتاجية.
يذكر أن هذا الوضع يبدو مريحا للإدارة الأمريكية ويصب في مصلحتها، إذ يضمن زيادة الصادرات وتراجع الواردات، ما يؤذن بتحسن الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وتحسن وضعية الاقتصاد الأمريكي ككل.
ويقول "كما يجب الأخذ في الحسبان أن الدولار عملة شديدة الحساسية للتغيرات السياسية سواء في أمريكا أو على المستوى الدولي، فالإدارة الأمريكية تواجه عديدا من التحديات الداخلية، ولا يبدو الوضع مستقرا لديها، ولا أحد يعلم بشكل قاطع ما الذي ستسفر عنه التحقيقات الجارية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، فأي اهتزاز في وضعية الإدارة الأمريكية سيترتب عليه اهتزاز ضخم في سعر صرف الدولار، التي ستؤدي إلى حالة من الفرار الجماعي من قبل المستثمرين في اقتناء الدولار كعملة يمكن اللجوء إليها في الأزمات.
إلا أن تلك النظرة السلبية حول مستقبل الدولار، محاطة أيضا بعديد من العوامل الاقتصادية التي تضع شكوكا حول إمكانية تحققها، فالدولار هو العملة الدولية الأكثر انتشارا، ويبلغ إجمالي حجم الاحتياطيات الدولارية التي تحتفظ بها البنوك المركزية حول العالم، نحو 5.05 تريليون دولار وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أواخر شهر مايو الماضي.
بدورها، تقول لـ "الاقتصادية" الدكتورة جوانا أندرسون؛ أستاذة الاقتصاد الدولي إن خصوم الدولار سيكونون أول المدافعين عنه والرافضين لانهياره، لأنهم سيكونون الخاسر الأكبر نتيجة ذلك.
وتضيف "إن الصين على الرغم من رغبتها في أن يتعزز موقع اليوان في الاقتصاد الدولي، لا تنكر أنها تعاني أزمة مديونية ضخمة، ومعظم ديونها مقيمة بالدولار، كما أن معظم احتياطياتها النقدية دولارية أيضا، ومن ثم انهيار العملة الأمريكية يعني انهيارا مماثلا في قيمة الاحتياطيات النقدية لديها، كما أن الخلل الدولي الناجم عن حدوث تراجع ضخم في سعر صرف العملة الأمريكية، في ظل غياب عملة دولية بديلة قادرة على أن تحل محل الدولار، يعني حتما انخفاض غير مسبوق في حجم التجارة الدولية، وانفجار مماثل لأزمة المديونية العالمية، وهذا يجعلنا على ثقة بأن خصوم الدولار سيكونون في مقدمة المدافعين عنه".
وسط تلك التقديرات المستقبلية بشأن الدولار يواصل بعض المختصين الاستراتيجيين في مجال الاستثمار دفاعهم عن وجهة النظر المؤيدة للعملة الأمريكية وأنها ستواصل الارتفاع مستقبلا.
المحلل المالي في بنك لويدز نيجل كلان يعتقد أن السياسات الأمريكية في التحكم في سعر الفائدة تظل الضامن الأساسي لعدم انهيار الدولار أو تعرضه لانخفاضات حادة مقارنة بالعملات الدولية الأخرى.
ويؤكد لـ "الاقتصادية" أنه يمكن القول في الوقت الحالي إن هناك شعورا لدى المستثمرين بأن مرحلة الارتفاع المتواصل في سعر صرف الدولار وصلت إلى منتهاها، ولكن هذا لا يعني أن الدولار عرضه للانهيار.
وتوقع أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة مرة أخرى هذا العام، وسيلحق ذلك برفع للفائدة ثلاثة مرات العام المقبل، فإذا أخذ في الاعتبار التحسن المتواصل في معدلات التضخم الأمريكية، وارتفاع معدلات الأجور، فإنه من المستبعد أن تحدث هزة ضخمة في سعر الدولار تؤدي إلى نفور الأسواق منه.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية