الطاقة- النفط

المستثمرون يقلصون المضاربة على صعود «برنت» .. والمعروض الأمريكي يضغط السوق

المستثمرون يقلصون المضاربة على صعود «برنت» .. والمعروض الأمريكي يضغط السوق

استهلت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على تسجيل ارتفاعات سعرية بعد موجة خسائر طويلة سابقة وتعافت الأسعار نسبيا مستفيدة من تراجع الدولار وتقلص أنشطة المضاربة إلا أن العوامل الضاغطة مازالت تؤثر في السوق خاصة استمرار زيادة الحفارات الأمريكية وارتفاع المخزونات وتواصل تخمة المعروض النفطي في الأسواق.
وقال محللون نفطيون إن استقرار السوق سيحتاج إلى بعض الوقت وهذه رؤية "أوبك" وشركائها من المنتجين المستقلين بقيادة روسية حيث يتجاوزن التقلبات السعرية الآنية من خلال رؤية متعمقة لمستقبل التطورات في سوق النفط الخام.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إن المنتجين متمسكون باتفاق خفض الأنتاج ويرون أنه يحمل كثيرا من النتائج الإيجابية في الفترة المقبلة.
وأوضح ديبيش أن السوق مالت إلى ارتفاع الأسعار بعد أن سجلت أدنى مستوى في 10 أشهر وذلك بعد أن تقلصت أنشطة المضاربة واستفادت الأسعار من تراجع الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط إلا أن وضع المخزونات مازال موضع جدل وتضارب في البيانات ولكن المنتجين يراهنون على تحسنات أوسع وخطوات أسرع نحو استقرار السوق خلال شهور النصف الثاني من العام الجاري.
وتوقع ديبيش أن يسفر الاجتماع الوزراي للجنة مراقبة خفض الإنتاج في مدينة بطرسبرج الروسية في 24 يوليو الجاري عن توصيات بتعميق التخفيضات من أجل زيادة فاعلية وجهود اتفاق فيينا في تسريع عملية استعادة التوازن في السوق.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، دييجو بافيا مدير شركة "إينو إنرجي" للطاقة في هولندا، أن أسعار الطاقة التقليدية ستظل في مستويات متوسطة وربما تشهد تراجعات سعرية بسبب وفرة المعروض وتسارع الخطوات نحو زيادة الاعتماد على البدائل من الطاقة المتجددة إلى جانب التقدم التكنولوجي الواسع خاصة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي مكن من رفع مستويات كفاءة استهلاك الطاقة.
وأضاف بافيا أن الطلب في الصين والهند رغم أنه واعد إلا أنه حتى الآن دون طموحات المنتجين خاصة مع زيادة المخزونات في الصين وتباطؤ عملية بناء الاحتياطي النفطي الاستراتيجي واحتياج الهند إلى استثمارات واسعة لبناء محطات الطاقة وتركيزها على إجراء صفقات ضخمة وجديدة من الغاز المسال وحدوث تباطؤ نسبي في وارداتها النفطية.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، رالف فالتمان المحلل بشركة "إكسبرو" للخدمات النفطية، إن استمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية بشكل متصل للأسبوع الـ22 على التوالي يكشف أن الإنتاج الصخري الأمريكي منافس عنيد في السوق خاصة مع نجاحه بشكل كبير في تقليص تكاليف الإنتاج وأسراع وتيرة الإنتاج التي تعمل في اتجاه مضاد لجهود "أوبك" في خفض المعروض النفطي باجراء تقييدات في الإنتاج يراها البعض غير كافية حتى الآن للقضاء على حالة تخمة المعروض في الأسواق.
وتمنى فالتمان أن توقف السوق هذا الأسبوع مسلسل الخسائر السعرية الأسبوعية التي جرت على مدار أربعة اسابيع متصلة وكانت الخسائر في الأسبوع الماضي 4 في المائة رغم إغلاق الأسبوع على ارتفاع محدود معتبرا فرص نمو الأسعار مرة أخرى قائمة في ضوء توقعات بتعافي مؤشرات الطلب وتوقعات إجراء تخفيضات إنتاجية أعمق من قبل كبار المنتجين.
إلى ذلك، أظهرت بيانات نشرت أمس أن المضاربين قلصوا صافي حيازاتهم من العقود الآجلة وعقود الخيارات لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى أدنى مستوياتها في 18 شهرا بينما زادوا مراهناتهم على عدم ارتفاع السعر إلى أعلى مستوياته منذ بدء تسجيل البيانات في 2011.
وبحسب "رويترز"، فقد أشارت البيانات الصادرة من بورصة إنتركونتيننتال إلى أن مديري الأموال خفضوا صافي مراكز الشراء في العقود الآجلة وعقود الخيارات لخام برنت بواقع 54 ألفا و162 مركزا إلى 228 ألفا و995 عقدا في الأسبوع المنتهي في 20 حزيران (يونيو) مسجلا أدنى مستوى منذ منتصف كانون الثاني (يناير) 2016 حين بلغ سعر النفط أدنى مستوياته في نحو 13 عاما عند 27.10 دولار للبرميل.
وزادت مراكز البيع إلى 168 ألفا و804 مراكز وهو أعلى مستوى منذ بدء بورصة إنتركونتيننتال نشر البيانات عام 2011، وفي الأسبوع المنتهي في 20 حزيران (يونيو)، نزلت العقود الآجلة لخام برنت 5 في المائة إلى نحو 46 دولارا للبرميل مسجلة أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.
وارتفعت أسعار النفط للجلسة الثالثة على التوالي أمس مع استفادة المضاربين من هبوطه الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر لكن الزيادة المستمرة في الإمدادات الأمريكية وعدم ظهور دلائل تذكر على انخفاض المخزونات العالمية كبح مكاسب الخام.
وزاد المستثمرون في العقود الآجلة وعقود الخيارات للخام الأمريكي مراهناتهم على عدم تسجيل الأسعار مزيدا من الارتفاع مع زيادة عدد منصات الحفر النفطية العاملة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في أكثر من ثلاث سنوات.
وزاد إنتاج النفط الصخري الأمريكي نحو 10 في المائة منذ العام الماضي ليهدد، مع نمو إنتاج دول مثل البرازيل، بتقويض جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وشركائها لخفض مخزونات الخام العالمية من خلال تقليص الإنتاج.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 48 سنتا إلى 46.02 دولار للبرميل، ولا يزال السعر متجها لتكبد خسارة تقارب 20 في المائة في النصف الأول من العام الحالي بعد بلوغه أدنى مستوى له منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عند 44.35 دولار للبرميل في 21 حزيران (يونيو).
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 47 سنتا 43.48 دولار للبرميل، واتفقت "أوبك" مع 11 منتجا خارجها في أيار (مايو) على تمديد خفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا إلى نهاية آذار (مارس) 2018 أملا في تحقيق التوازن بين العرض والطلب العالميين.
وهبطت أسعار النفط نحو 20 في المائة منذ بداية العام رغم الجهود التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" لخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.
وهذا هو أضعف أداء للنفط في النصف الأول من أي عام منذ 1997 حين أدت زيادة الإنتاج والأزمة المالية الآسيوية إلى انخفاضات حادة في أسعار الخام.
ولا تزال الأسعار منخفضة نحو 15 في المائة أيضا منذ أن مددت "أوبك" في 25 أيار (مايو) العمل بتخفيضات الإنتاج حتى نهاية الربع الأول من 2018 بدلا من انتهاء سريان اتفاق الخفض نهاية الشهر الحالي.
وأعلنت 24 دولة مصدرة للنفط، بينها أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، ضرورة زيادة خفض إنتاجها النفطي، وتضخ هذه الدول أكثر من نصف إمدادات النفط العالمية، وقد اتفقت هذه الدول في أيار (مايو) الماضي على تمديد اتفاق خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا في محاولة من جانبها لتقليل فائض المعروض في الأسواق وزيادة الأسعار.
وخفضت الدول المصدرة إنتاجها خلال أيار (مايو) الماضي بأكثر من المستهدف، وتحاول دول "أوبك" وعددها 14 دولة إلى جانب عشر دول أخرى مصدرة للنفط، تقودها روسيا، الحفاظ على أسعار الخام عند مستوى 50 دولارا للبرميل على الأقل.
خفض بنك "باركليز" البريطاني توقعاته لسعر خام برنت في 2017 و2018، حيث عدل بالخفض توقعاته لمتوسط سعر خام برنت لعام 2017 إلى 52 دولارا للبرميل من 56 دولارا للبرميل ولعام 2018 إلى 57 دولارا للبرميل من 67 دولارا للبرميل.
وقال "باركليز" إن متوسط توقعات خام برنت لعام 2019 يظل دون تغيير عند 60 دولارا للبرميل، مضيفا أنه على الرغم من أن انخفاض المخزونات القوي خلال النصف الثاني من العام قد يدعم ارتفاعا قريب المدى في أسعار النفط فقد تراجعت توقعات 2018 بسبب استمرار صمود إمداد النفط الأمريكي وتوقعات بأن تتراجع "أوبك" عن تخفيضات الإنتاج الراهنة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط