FINANCIAL TIMES

«أمازون» بهدوء.. تتوغل في أسواق السيارات الأوروبية

«أمازون» بهدوء.. تتوغل في أسواق السيارات الأوروبية

وصول "أمازون" إلى أي قطاع كاف لإثارة الأعصاب لدى الشركات التي تهيمن عليه تقليديا. فقد سبق لمجموعة التكنولوجيا الأمريكية أن قلبت نماذج الأعمال في قطاعات بيع الكتب، والناشرين، وسوق التسجيلات، ومجموعات من الشارع الرئيس في الوقت الذي كانت تتمدد فيه. وأدى قرارها الأسبوع الماضي شراء "هول فودز" مقابل 13.7 مليار دولار إلى دفع أسهم شركات البقالة المنافسة إلى أدنى بقوة.
الآن تدرس "أمازون" الخيارات لتوسيع جهودها في قطاع السيارات في أوروبا.
في تشرين الثاني (نوفمبر) بدأت الشركة في التصرف على أنها بوابة لشركة فيات للسيارات في إيطاليا، وقدمت موديلات 500 و500L وباندا على الإنترنت، وأخذت تتصرف على أنها ممر يأتي بالمستهلكين إلى وكالات السيارات. وفي كل مرة تحصل "أمازون" على رسم مقابل ذلك. ويظل هذا الترتيب في طور التجربة لكلا الطرفين وقد تم تمديده حتى نهاية هذا العام.
ولدى الشركة خطة مماثلة للتشغيل في فرنسا مع شركة سيات. ووفقا لشخصين على اطلاع على الخطط، تعزم تمديد البرنامج إلى سوق أوروبية رئيسة أخرى، ربما تكون المملكة المتحدة، اعتبارا من العام المقبل.
وكانت "أمازون" تعمل بهدوء على إنشاء فريق مقره لوكسمبورج ليكون منصة انطلاق لجهودها. وفي آذار (مارس) اقتنصت كريستوف ميولر، الشريك السابق المختص بالسيارات لدى شركة أوليفر وايمان الاستشارية، ليصبح رئيس العلاقات مع شركات صناعة السيارات في أوروبا. ويأتي وصوله إلى الشركة بعد أن عينت في تشرين الثاني (نوفمبر) راؤول هاينتز، وهو تنفيذي كبير في "أمازون" سبق له أن تولى إدارة وحدة البيع بين الشركات لعموم أوروبا، ليتولى قسم السيارات في الاتحاد الأوروبي. وبعد شهر من ذلك، نقلت الشركة مات نوفورت، وهو مدير منتجات أول، ليشغل منصب رئيس المركبات في الاتحاد الأوروبي.
ولا يستبعد زعماء الصناعة أن تدخل "أمازون" بشكل تام إلى نطاق المبيعات المباشرة. يقول تنفيذي كبير لدى إحدى شركات صناعة السيارات الأوروبية: "من رأينا جميعا أنها ستكون مسألة وقت فقط قبل أن تفعل الشركة شيئا جادا". وبمجرد أن يحدث ذلك، يصبح العمل مع "أمازون" "أمرا يتعين علينا أن ننظر فيه".
جيالوكا إيتاليا، رئيس قسم السوق الإيطالية لشركة فيات كرايزلر، الذي يشرف على العلاقة الحالية مع "أمازون"، يقول إن الشركة التي يوجد مقرها في سياتل، بعيدة بمسافة كبيرة عن شن تحد له وزنه. ويضيف: "لا أعتقد أننا سنعتمد أصلا على "أمازون". بالنسبة لنا، "أمازون" قناة مبيعات أخرى. ولا شيء غير ذلك".
وهو يعترف بأن "أمازون" ربما تبيع يوما السيارات مباشرة إلى المستهلكين، لكنه يعتقد أن "هناك كثيرا من الحواجز أمامها".
من هذه الحواجز، هناك التغلب على القيود المادية الأساسية التي تحيط ببيع السيارة – مثل القيام بجولة لاختبار السيارة، أو الاستبدال الجزئي لموديل قديم – إلى جانب الحصول على الترخيص التنظيمي لبيع السيارات خارج نطاق شبكة الوكلاء المعتمدين، والحصول على الموافقة لتقديم التمويل للقروض، وهو جزء أساسي من أية عملية لبيع السيارات. وعلى الرغم من أن المستهلكين يستخدمون الإنترنت من أجل البحث، إلا أن كثيرا منهم يظل يرغب في رؤية السيارة وقيادتها قبل شرائها.
جيمس هايند، مؤسس موقع كارواو على الإنترنت، الذي يختص بالتوفيق بين المستهلكين والوكلاء، يقول إن جميع السائقين تقريبا الذين يستخدمون الموقع لا يزالون يأخذون جولة اختبار بالسيارة في الوكالة قبل شرائها. ويضيف: "يريد الناس التفاعل مع الوكيل. ولأن ثمن السيارة مبلغ كبير من المال، هناك عنصر الثقة. لا يمكنك أن تقامر بـ 30 ألف يورو".
لكن يظل المستثمرون متوترين. بعد أن ذكرت المجلة الألمانية المختصة بالسيارات Automobilwoche هذا الشهر أن "أمازون" تستعد لبيع السيارات في أوروبا، حدث هبوط حاد في أسهم بعض شركات وكالات السيارات، مثل "أوتوتريدر" Autotrader، وهي سوق للسيارات على الإنترنت في بريطانيا. وشهدت الشركة أسهمها تهبط بنسبة وصلت إلى 6 في المائة بعد يوم من صدور التقرير، في حين أن أسهم "لوكرز" Lookers، أكبر وكالة سيارات في بريطانيا، هبطت لفترة وجيزة بنسبة وصلت 4 في المائة.
مع ذلك، أي خطوة نحو المبيعات المباشرة يمكن أن تكون خطِرة بالنسبة لـ"أمازون" – طريق السيارات مليء بالعلامات التجارية التي حاولت دخول السوق وفشلت. شركة فيرجين للسيارات، التي أنشأها السير ريتشارد برانسون، أغلقت في 2005 بعد إنشائها بخمس سنوات. وفي 2011 شرعت "تيسكو" في غزوة استمرت فترة أقصر حتى من "فيرجين"، وانسحبت بعد سنة فقط من إنشائها.
يقول مايك ألان، كبير المحللين الذي يتولى قسم وكالات السيارات لدى شركة زيوس كابيتال: "ربما يبدو الأمر معقدا في أعين الناس، لكن بيع السيارات فن. كثير من الأسماء الكبيرة حاولت الدخول وفشلت".
هذا يعني أن على "أمازون" أن تخطو بحذر إذا قررت الدخول في المبيعات المباشرة للسيارات – حتى شركات صناعة السيارات أنفسها كانت تعاني من أجل البيع مباشرة إلى المستهلكين في بريطانيا. فقد حاولت فيات تطبيق استراتيجية لبيع السيارات من خلال الإنترنت فقط في بيرمنجهام عام 2011، كانت تحمل اسم "فيات كليك" (نقرة فيات).
وكانت السيارات التي يراد اختبارها تسلَّم إلى منازل الراغبين في الشراء مغلفة في مادة واقية، وتم تثبت جميع الأسعار لتجنُّب أي نوع من الإلحاح في "المفاصلة".
يقول دارين بونسفورد الذي ساعد على إطلاق البرنامج ويعمل الآن مديرا للاستراتيجية الرقمية لدى مجموعة ساميت للإعلام: "تبين أن بالإمكان شراء السيارات على الإنترنت". ويضيف: "كان الأمر يتعلق ببناء الثقة مع المستهلك الذي يستطيع الدخول في تعاملات في منتجات عالية القيمة على الإنترنت".
وعلى الرغم من النتائج التي شهدت صعودا قويا في الانخراط على الإنترنت مع العلامة التجارية، إلا أن البرنامج أوقف بعد سنة.
اليوم تشغِّل "هيونداي" نظاما مماثلا تحت اسم "النقر للشراء". وافتتحت الشركة الكورية معارض في مراكز للتسوق، وهي تعرض تجربة تقتصر على الإنترنت من أجل شراء السيارة.
المستهلكون الذين يرغبون في الاستبدال الجزئي عليهم تعبئة أنموذج حول وضع سيارتهم يتم تقييمه بعد ذلك من قبل أحد الوكلاء حين يذهب الزبون لاستلام سيارته الجديدة.
إذا بالغ الزبون في وصف حالة سيارته التي يريد مبادلتها، يتم تخفيض قيمتها قبل أن يتمكن من شراء السيارة الجديدة والذهاب بها.
لكن رغم حملة الترويج المكثفة، باعت الشركة منذ كانون الثاني (يناير) 100 سيارة فقط عبر منصتها الحصرية على الإنترنت، وهبطت المبيعات بشكل حاد في نيسان (أبريل) بعد أن أوقفت الشركة إعلانات تلفزيونية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES