أخبار اقتصادية- عالمية

مساع لاتفاق عالمي «ملزم» لإنهاء إعانات بـ 35 مليار دولار لمصائد الأسماك

مساع لاتفاق عالمي «ملزم» لإنهاء إعانات بـ 35 مليار دولار لمصائد الأسماك

لماذا الإعانات المالية التي تقدمها الحكومات الغنية لمصائد الأسماك تضر بكوكبنا؟ لأنها توجد أثرا تعاقبيا مدمرا يؤثر سلبا في البيئة، وأيضا في أكثر الناس ضعفا في العالم. كما تُشجع الإفراط في صيد الأسماك، وتُقدّم قدرة هائلة وسلسلة في الصيد، يمكن أن تُسهم في الاتجار غير المشروع بالأسماك، ما يؤسس لانعدام الأمن الغذائي، والبطالة، والفقر للضعفاء الذين يعتمدون على الأسماك كمصدر رئيس للتغذية وكسب الرزق.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" في ورقة قدمتها لمؤتمر المحيطات الذي عقد في نيويورك في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، إنه سيكون بمقدور الدول النامية حماية الملايين من الوظائف لو أنهت الدول الغنية إعانات الأسماك، وهذا ما سيكون عليه جوهر عملنا في المجتمع الدولي للمساعدة على تحقيق هذا التغيير الذي تشتد الحاجة إليه.
وتقول "أونكتاد" إن إعانات الصيد تصل إلى 35 مليار دولار في جميع أنحاء العالم، من بينها 20 مليار دولار تُسهم إسهاما مباشرا في الصيد الجائر والقدرة المفرطة على الصيد. وقالت إن حصة الرصيد السمكي في البحار الذي هو ملك للبشرية جمعاء، ما زالت تنخفض من 90 في المائة في 1974 إلى 69 في المائة في 2013، من جهة المستويات المستدامة بيولوجيا.
وقالت المنظمة من مقرها في جنيف إنه "من كل خمسة دولارات تُنفَق في الإنتاج السمكي، هناك دولار واحد يتم تقديمه كمعونة من الحكومات الغنية بطرق مختلفه. ويبلغ مجموع صادرات الأسماك ومنتجات المأكولات البحرية 146 مليار دولار سنويا، "وهذا ليس مبلغا صغيرا". وقال خبير "أونكتاد"، ديفيد فيفاس-يوغوي، إن الناس يدفعون مبالغ باهظة الثمن لاقتناء الأسماك، وإن كثيرا من الناس في العالم النامي فقراء إلى حد ما بحيث لا يتحملون هذه التكلفة المتضخمة.
وقالت المنظمة إنه خلال مؤتمر المحيطات، أجرى الدكتور، موخيسا كيتويي، المدير العام لـ"أونكتاد"، وخوسيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، وأريك سولهيم، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وكارل براومير، نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، مزيدا من الضغوط على الحكومات لإنهاء الإعانات المتعلقة بمصائد الأسماك إلى الأبد. كما اتفقت الأطراف الأربعة على وضع ورقة مشتركة إلى المؤتمر الوزاري المقبل لمنظمة التجارة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، تتضمن تفاصيل إنهاء إعانات مصائد الأسماك.
ويتسق هذا الموقف مع تعهد أونكتاد العام الماضي، الذي أعلنت فيه 91 دولة التوقيع على خريطة طريق للأمم المتحدة للقضاء على إعانات الصيد الضارة. وفي أيلول (سبتمبر) 2016، وافق قادة العالم على إضافة هدف جديد للتنمية المستدامة بشأن مصائد الأسماك (الهدف 14) للمحافظة على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام. ويعالج الهدف 14.6 الإعانات الضارة مباشرة عن طريق تخفيض الإعانات السمكية والتخلص التدريجي منها في نهاية المطاف.
وقال لـ "الاقتصادية"، لوكاس اسونسو، رئيس فرع التجارة والبيئة وتغير المناخ والتنمية المستدامة في "أونكتاد": إن مهمتنا بدأت من اليوم، أي بعد انتهاء مؤتمر المحيطات، حيث سنتابع مع الحكومات وضع استراتيجيات تنفيذية لإنهاء الإعانات الضارة، وتطبيق خريطة الطريق المتفق عليها.
وتضم خريطة طريق الأمم المتحدة أربع نقاط: مطالبة البلدان بتقديم معلومات عن الإعانات التي تقدمها لمصائد الأسماك، وحظر الإعانات التي تسهم في صيد الأسماك الجائر وغير المشروع، واستحداث أدوات جديدة من السياسات لردع إدخال إعانات ضارة جديدة، ورابعا، توفير معاملة خاصة وتفضيلية للبلدان النامية.
وقال، اسونسو، لا يزال الطلب على المنتجات السمكية قويا جدا، ولا سيما في المنطقة الآسيوية وأسواق البلدان المتقدمة. مؤتمر المحيطات يجب أن يكون "العنصر المُغير للعبة القائمة حاليا"، بالتالي فإن الدول لا يُمكن أن تقتنع بإصدار بيان فقط في نيويورك دون تنفيذ فعال، خاصة أنها قلقة جدا بشأن الآفاق المستقبلية لهذه السوق الضخمة. ويبرز البيان الصادر عن مؤتمر المحيطات الحاجة إلى أن تعمل الحكومات بحزم لـ "حظر أشكال معينة من إعانات مصائد الأسماك التي تسهم في القدرة المفرطة والصيد الجائر، والقضاء على الإعانات التي تسهم في الصيد غير المشروع، وغير المبلغ عنه، وغير المنظم، والامتناع عن تقديم إعانات جديده من هذا القبيل".
وأضاف، أسونسو، لـ "الاقتصادية" أن "أونكتاد" تهدف الاستفادة من الزخم الذي ولده مؤتمر المحيطات، بالتركيز على توسيع نطاق تنفيذ خطة عمل النقاط الأربع من أجل الدعوة إلى إبرام اتفاق عالمي مُلزِم بشأن إعانات مصائد الأسماك في المؤتمر الوزاري الحادي عشر لمنظمة التجارة العالمية في بوينس آيريس. وستقوم المنظمة بجمع الجهات الفاعلة لمناقشة الخطوات التالية للتعجيل بإزالة الإعانات الضارة لمصائد الأسماك بصياغة إلغاء الإعانات في اتفاق عالمي. وستسعى أيضا إلى تشجيع الدول الأعضاء على إيداع التزامات طوعية بإصلاح الإعانات الضارة لمصائد الأسماك والتخلص التدريجي منها في نهاية المطاف.
من جهة أخرى، ناقش أعضاء منظمة التجارة العالمية اقتراحين منفصلين قدمتهما إندونيسيا ومجموعة بلدان أمريكا اللاتينية بشأن الحد من الإعانات المتعلقة بمصائد الأسماك في اجتماع غير رسمي عقده فريق التفاوض المعني بالقواعد أمس الأول. وأثنى رئيس الفريق السفير، وين ماكوك (جامايكا) على "التقدم المحرز في الاجتماع" والجهود "الحقيقية" التي يبذلها الأعضاء للتوصل إلى اتفاق. وقال: "ما أدهشني هو الطبيعة المحببة جدا للنقاش، ولبحث الحقيقي عن إجابات، كما أدهشتني أسئلة الأعضاء، كان هناك تصميم لإيجاد حلول".
وقال لـ "الاقتصادية"، سوندانك أنجريني، رئيس الوفد التجاري الإندونيسي، إن مقترح بلاده تضمن ثلاث مواد: التعاريف والتغطية المقترحة للاتفاق، وثانيا حظر الإعانات التي تُقدَّم للصيد غير الصالح للأسماك وأنواع معينة من الإعانات التي تُسهم في القدرة المفرطة والصيد الجائر، وثالثا المعاملة الخاصة والتفاضلية للبلدان النامية وأقل البلدان نموا، ولا سيما فيما يتعلق بالصيد الحرفي والصغير النطاق، وأخيرا الصيد داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للعضو، وحصص الصيد في أعالي البحار.
وتناول الأعضاء اقتراح مجموعة أمريكا اللاتينية المؤلفة من الأرجنتين، وأوروجواي، وبنما، وبيرو، وكوستاريكا، وكولومبيا. وتضمن الاقتراح أربعة أفرع، هي: وضع ضوابط للإعانات المقدمة لبعض أنشطة صيد الأسماك، وإلزام الأعضاء بإخطار منظمة التجارة بالمعلومات ذات الصلة بالإعانات للتمكين من إلغائها أو تقنينها، والتعاون التقني لمساعدة البلدان النامية وأقل البلدان نموا.
كما ناقش الأعضاء مسائل من قبيل تحديد الصيد غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم، والإفراط في صيد الأسماك والقدرة المفرطة على الصيد، وكيفية التعامل مع أنشطة الصيد داخل المناطق الاقتصادية الخالصة للعضو.
وإجمالا، هناك حاليا أربعة مشاريع نصوص معروضة على الأعضاء للتوصل إلى اتفاق محتمل. وكان الأعضاء قد ناقشوا في السابق اقتراحا قدمه الاتحاد الأوروبي، واقتراحا مشتركا مقدما من نيوزيلندا، وآيسلندا وباكستان. وإضافة إلى مشاريع النصوص الأربعة، تم أيضا في اجتماعات سابقة تناول ورقتين تتضمنان مواقف عامة من مجموعة دول إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ ومجموعة أقل البلدان نموا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية