FINANCIAL TIMES

3 عوامل تصادر أغلبية «المحافظين» في الانتخابات الأخيرة

3 عوامل تصادر أغلبية «المحافظين» في الانتخابات الأخيرة

يُمكن تفسير فشل حزب المحافظين في الفوز بأغلبية في الانتخابات العامة الأسبوع قبل الماضي إلى حد كبير بثلاثة عوامل: رد الفعل الليبرالي في مناطق التصويت للبقاء؛ وتراخي علاقات حزب المحافظين مع الطبقة المتوسطة، وارتفاع حزب العمال غير المُقيّد جغرافيا أو من حيث التركيبة السكانية.
هذه هي النتائج التي توصّل إليها تحليل "فاينانشيال تايمز" الشامل للنتائج على مستوى الدوائر الانتخابية، الذي يؤكد الأنماط التي تم تحديدها في أعقاب الانتخابات مباشرة.

انتقام المؤيدين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي
تيريزا ماي جعلت خروج بريطانيا جزءا أساسيا من حملتها، واختارت التأكيد على أن عدم التوصّل إلى صفقة مع الاتحاد الأوروبي، هو أفضل من التوصّل إلى صفقة سيئة.
يبدو أن رد فعل ناخبي حملة البقاء في المملكة المتحدة على هذه الرسالة المتشددة كان واحدا من القوى الرئيسة التي تعمل ضدها.
حتى بعد التعديل لاحتساب آثار العمر، والتعليم، الطبقة والفجوة بين المناطق الريفية والحضرية، حصل حزب السيدة ماي على أقل الزيادات (وفي الواقع بعض التخفيضات) في حصته من الأصوات في المناطق التي كانت قد قدّمت أقوى الأصوات للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه، كان أداء حزب العمال أفضل بالنسبة إلى الانتخابات العامة لعام 2015 في المناطق التي تملك أكبر الأصوات للبقاء. هذا يعني أن الأثر الصافي للفجوة بين المغادرة/البقاء كانت أن الهامش، على أساس كل مقعد على حدة، بين حزبي المحافظين والعمال تحوّل نقطة مئوية واحدة لصالح حزب جيرمي كوربين، مقابل كل ارتفاع بثلاث نقاط مئوية في التصويت للبقاء.
بين ناخبي حملة البقاء، يبدو أن هناك مجموعة واحدة لعبت دورا محوريا. وكما انتبه منذ البداية بِن لوديرديل - أستاذ كلية لندن للاقتصاد وأحد من مبتكري نموذج توقّع عدد المقاعد في وكالة يوجوف - يبدو أن ناخبي البقاء في المناطق الحضرية الذين تراوح أعمارهم بين 25 و44 عاما هجروا حزب المحافظين بأعداد كبيرة.
عدد من العوامل التي كانت بارزة في الفجوة بين المغادرة والبقاء ارتبطت أيضا بحالات الخروج على حزب المحافظين: خسر حزب المحافظين موقعه لدى الخرّيجين، والطلاب والسكان المتنوعين عرقيا. كما كتب خبير الاقتصاد جيرمي كليف، هذه جميعها تركيبات سكانية متنامية في بريطانيا.

تعزيز حزب العمال على نطاق واسع
هناك نقاش كثير حول الدور الذي لعبه الشباب في ارتفاع الاقتراع الأخير لحزب العمال ونجاحهم النهائي في الفوز بمقاعد من حزب المحافظين. ربما الأمر اللافت للانتباه هو المدى الذي لم يعتمد فيه حزب العمال على أي تركيبة سكانية واحدة.
كلما ارتفعت نسبة سكان الدوائر الانتخابية الذين تراوح أعمارهم بين 18 و24، زاد حزب العمال نسبة أصواته، لكن هذا الرابط كان قويا فقط بمقدار السدس من حيث الارتباط بين التصويت على استفتاء عضوية الاتحاد الأوروبي وأداء حزب المحافظين.
أشار البعض إلى أن المجموعة التي تراوح أعمارهم بين 35 و44 تستحق الفضل أكثر من أطفالهم في تفسير ارتفاع حزب العمال. في الواقع، أكبر ارتفاع كان بين الذين تراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما، الذين كانوا يشكّلون 15 في المائة من ناخبي حزب العمال في عام 2015، لكنهم بنسبة 19.2 في المائة هذا العام.
خصائص أخرى المرتبطة بأداء حزب العمال الأفضل ستكون مألوفة: يستمر الحزب بكسب قاعدة في الدوائر الانتخابية الحضرية المتنوعة، وفي المناطق التي يغلب فيها على الناس أن يعتبروا أنهم بريطانيون أكثر من كونهم من الإنجليز.
وكان هناك أيضا رابط صغير، لكنه ملحوظ بين زيادة الإقبال على صناديق الاقتراع ومكاسب حزب العمال.
عند الاقتراع، كما هي الحال بالتصويت لحزب العمال، من الصعب تحديد دوافع تركيبة سكانية واضحة للزيادة، لكن بعد التعديل لاحتساب عوامل التركيبة السكانية والعوامل الاجتماعية، تقريب معقول سيكون أن التغيير في نسبة الإقبال مقارنة بعام 2015 كان الأدنى في المناطق الريفية، وتلك التي تعيش فيها أعداد كبيرة من ناخبي حزب الاستقلال البريطاني المؤيدين للمغادرة وكبار السن، في حين أن النسبة ارتفعت في المدى الذي توجد فيه نسب أكبر من الشباب وذات تفكير ليبرالي.

دور حزب الاستقلال البريطاني
بين الاثنين، فاز حزب المحافظين وحزب العمال بنسبة 82 في المائة من الأصوات الأسبوع الماضي، وهي أعلى نسبة حصة للحزبين منذ عام 1979. جزء كبير من هذا كان انخفاض التصويت لحزب الاستقلال البريطاني من 12.6 في المائة في عام 2015 إلى 1.6 في المائة فقط.
تماما كما استمال حزب الاستقلال البريطاني الناخبين من كلا الحزبين في عام 2015، كلاهما استفاد من عودتهم هذا العام. ناخبو حزب الاستقلال البريطاني في عام 2015 تحوّلوا إلى حزب المحافظين في عام 2017 أكثر من حزب العمال، والذين صوّتوا لحزب المحافظين كانوا أكثر من الذين هجروا الحزب سابقا.
في الظاهر، هذا يجعل حزب المحافظين هو المستفيد الرئيس من انهيار حزب الاستقلال البريطاني، وتحليلنا الجغرافي يدعم هذا: بعد التكيّف للعوامل الأخرى، كسب حزب المحافظين حزب العمال في المقاعد التي كانت تملك عددا كبيرا من الأصوات لصالح لحزب الاستقلال البريطاني في عام 2015.
هناك ما هو أكثر من ذلك. قدم حزب الاستقلال البريطاني مرشحين في 367 مقعدا فقط في إنجلترا وويلز هذا العام. وحيث كان هناك تصويت كبير لحزب الاستقلال البريطاني في عام 2015، كسب حزب المحافظين حزب العمال في المناطق التي لم يكُن فيها حزب الاستقلال البريطاني قادرا على الاقتراع، وحقق حزب المحافظين وحزب العمال نتائج متساوية إلى حد كبير. بعبارة أخرى، يبدو أن النسبة الأعلى من ناخبي حزب الاستقلال البريطاني تحوّلوا إلى حزب العمال، عندما لم يكُن حزب الاستقلال البريطاني بمنزلة خيار.
يُشير هذا النمط إلى أن بعض ناخبي حزب الاستقلال البريطاني لعام 2015 دائما ما كانوا سيصوتون إلى حزب المحافظين هذه المرة، بغض النظر عما إذا كان حزب الاستقلال البريطاني خيارا أم لا.
من ناحية أخرى، أصبح حزب العمال هو الخيار الأفضل التالي للناس الذين صوّتوا لحزب الاستقلال البريطاني أكثر باعتباره احتجاجا مناهضا للمؤسسة.

إعادة رسم حدود الطبقات في السياسة
تم إنشاء حزب العمال كحزب للطبقة العاملة، بينما حزب المحافظين قائم على جوهر الطبقة المتوسطة، لكن تلك الروابط المُلزمة بدأت تتلاشى. مقارنة بعام 2015، حقق حزب المحافظين أداء أسوأ في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة الطبقة المتوسطة من السكان. في الواقع، كما أبرز عالِم السياسة جون كورتيس في البداية، انخفضت نسبة حزب المحافظين بما يزيد على نقطتين مئويتين في معظم الدوائر الانتخابية من الطبقة المتوسطة البالغة 10 في المائة، على الرغم من ارتفاع نسبة حزب المحافظين بـ 5.5 نقطة مئوية على الصعيد الوطني.
هذا لا يعني أن حزب المحافظين لم يعُد حزب الطبقة المتوسطة - بشكل عام لا يزالون يحققون نسبا من الأصوات في مناطق الطبقة المتوسطة في الغالب أعلى مما هي في مقاعد الطبقة العاملة - لكن تدرّج الطبقة نحو التصويت لحزب المحافظين يُصبح ضئيلاً.
الارتباط المتحول بين الطبقة والحزب في السياسة البريطانية واضح في مجالات أخرى: حزب العمال اقتنص بمنتهى الشراهة حصة أصوات المحافظين في المقاعد التي يوجد فيها أدنى النسب من ناخبي الطبقة العاملة.
وفي حين أن المحافظين خسروا أصوات الطبقة المتوسطة في المناطق العمرانية والريفية لصالح العمال، إلا أنهم كانوا أكثر كفاءة في الفوز بناخبي الطبقة العاملة في المناطق الريفية والعمرانية، نفسها.
العامل المهم والأساسي يظل هو نفسه: لم يعد بمقدور الأحزاب الاعتماد على اقتناص الناخبين من طبقة اجتماعية- اقتصادية بعينها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES