FINANCIAL TIMES

«آي بي إم» تكافح لمواكبة المنافسين في خدمة السحابة

«آي بي إم» تكافح لمواكبة المنافسين في خدمة السحابة

إذا اعتقدت "وول ستريت" أن "آي بي إم" تجاوزت أسوأ انتقال لها إلى خدمة السحابة، فعليها التفكير مرة أخرى. بعد خمسة أعوام من إعادة صياغة أساسية لأعمالها، شركة الكمبيوتر تخوض معركة - وبعض من أكبر وأغنى الشركات تستهدف سوقها.
المعركة المكثفة كانت في ذهن وارن بافيت في وقت سابق من هذا الشهر عندما أشار إلى "المنافسين الأقوياء الكبار" لشركة آي بي إم كسبب لقيام شركته، بيركشير هاثاواي، بتخفيض مقتنياتها في شركة التكنولوجيا. جاء ذلك في أعقاب أخبار تفيد بأن هوامش الأرباح في "آي بي إم" تعاني ضغطا غير متوقع في الربع الأول، ما أثار المخاوف بين المستثمرين أن أعمال التكنولوجيا القديمة وخدمات تكنولوجيا المعلومات فيها - التي لا تزال تُمثّل أكثر من نصف إيراداتها - تتعرّض لضغط كبير.
تراجع الإيرادات في "آي بي إم" يمتد إلى 20 ربعا متتاليا، وكان المحللون الماليون يخفّضون التوقعات حول متى ستعود أخيراً للنمو. الآمال بأنها خاضت أسوأ تكيّف لها لخدمة السحابة أدت إلى انتعاش بنسبة 50 في المائة في أسهمها. لكن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تخلّت عن نصف تلك المكاسب.
في قلب مأزق "آي بي إم" يوجد صعود ما يُسمى "خدمة السحابة العامة" - بُنية حوسبة جديدة تستفيد بشكل أكثر فعالية من موارد الأجهزة المركزية لخفض التكاليف وزيادة المرونة. "آي بي إم" التي هي الآن تقع على مسافة بعيدة من "أمازون" و"مايكروسوفت" في المرتبة الثالثة في هذه السوق، من المُقرر أن تتراجع أكثر قبل نهاية عام 2017، وذلك وفقاً لتقديرات من قِبل شركة الأبحاث التكنولوجية "آي دي سي". "جوجل"، مع أنها لا تزال أصغر، شهدت إيراداتها ترتفع بنسبة 93 في المائة في النصف الثاني من العام الماضي، مقارنة بـ 21 في المائة فقط في "آي بي إم".
عندما يتعلق الأمر "بمنصات خدمة السحابة الضخمة" التي تُصبح مهيمنة في هذه السوق، هناك أربعة لاعبين عالميين فقط - جنباً إلى جنب مع "علي بابا" في الصين - يبدو من المرجح أن يبقوا على قيد الحياة، كما يقول فرانك جينز، المحلل في "آي دي سي". في سوق حيث الحجم مهم، هذا يضع "آي بي إم" بالقرب من الحدود بشكل غير مريح.
الحاجة إلى حماية الإيرادات من أعمال تكنولوجيا المعلومات التقليدية التابعة لها لا يترك لشركة آي بي إم سوى خيار بسيط هو البقاء في المسار: أكثر من 40 في المائة من إيراداتها تتعرّض للمنافسة من خدمات السحابة العامة، وذلك وفقاً لستيف ميلونوفيتش، المحلل في "يو بي إس".
يقول جلين أودونيل، المحلل في "فوريستر للأبحاث"، "آي بي إم لا يُمكن أن تفشل "في خدمة السحابة" لأنها أساسية جداً في كل ما تقوم به. يجب أن تنجح. لكن سيكون الأمر مؤلماً بالنسبة إليها".
يقول ديفيد كيني، نائب الرئيس الأعلى المسؤول عن نظام واتسون ومنصة خدمة السحابة في "آي بي إم"، "إن ردّها هو محاولة الاستفادة من نقاط قوتها التقليدية. الشركات الكبيرة والحكومات التي تُعتبر زبائنها الرئيسيين تريد ربط خدمة السحابة العامة بالبنية التحتية الحالية لتكنولوجيا المعلومات التابعة لها. ويقول "هي تريد ربطها بأجهزتها الرئيسية، تريد ربطها بمراكز البيانات الخاصة بها. من حيث خدمة السحابة في المؤسسة بالنسبة (إلى هؤلاء الزبائن)، المعركة قد بدأت للتو". بإمكان "آي بي إم" أيضاً ادّعاء بعض الميزة الداخلية. كافحت "جوجل" لأعوام لبيع خدماتها لأمثال مشتري التكنولوجيا الكبار الذين هم زبائن "آي بي إم" الطبيعيين قبل إصلاح عمليات حوسبة خدمة السحابة التابعة لها في وقت مبكر من العام الماضي.
لكن حتى ما يُسمى خدمة السحابة "الهجينة" في "آي بي إم" هي طريقة مؤقتة مفيدة، حيث يعتبر المحللون أن خدمة السحابة العامة سريعة النمو بأنها ساحة المعركة التي سيتم فيها تحديد المستقبل. يقول جينز إنها الجزء "الأكثر استراتيجية" من سوق خدمة السحابة، والمكان "الذي تُطوّر فيه خدمات البرمجيات الجديدة".
كانت "آي بي إم "ترتب القطع من أجل ردّها، ابتداءً من استحواذها في عام 2013 على سوفتلاير، التي تُشغّل مراكز بيانات خدمة السحابة. هولجر مولر، المحلل في كونستيليشن للأبحاث، يثني على الشركة بأنها تحرّكت بسرعة أكبر من منافسيها لبناء بصمة عالمية بحق من أجل خدماتها السحابية لكنه يُضيف أنها لم تكُن قادرة على تحويل هذا إلى ميزة دائمة. يقول "دائماً ما يأتون في وقت مبكر - هذه مفارقة آي بي إم"، مُشيراً إلى الخطر المتمثل في أنها لن تكون قادرة على مطابقة حجم شركات مثل أمازون وجوجل.
"واتسون"، خدمة "الحوسبة المعرفية" التي تم تسويقها بشكل كبير، هي "التطبيق الناجح" الذي تأمل "آي بي إم" أنه سيجذب الشركات الكبيرة لاستخدام منصتها لخدمة السحابة. يقول كيني "لدينا مئات الزبائن على واتسون، يُشغّلون خدمة الزبائن، يُجرون الاكتشاف الداخلي، يُشغّلون سلاسل التوريد الخاصة بهم".
في الوقت الذي يضع فيه مزيد من الزبائن بياناتهم المؤسسية في خدمة الساحة التابعة لشركة آي بي إم، تأمل الشركة أن هذا سيمنحها ميزة في تطوير خبرة أكبر في الصناعة. يقول كيني "إن نظامها قد تعلّم منذ الآن "هياكل البيانات" في مجالات تراوح من علِم الأورام إلى التنقيب عن النفط، ما يمنحها التقدّم في بناء الذكاء الاصطناعي للأعمال".
ويعتقد مراقبون أن "آي بي إم" أفرطت في وعدها بشأن قدرات "واتسون"، ويؤكدون أن التكنولوجيا تُناسب بشكل أفضل أساساً الغربلة وتحديد المعلومات المفيدة في الكميات الهائلة من وثائق الشركات وليس معالجة مشكلات الذكاء الاصطناعي الأصعب. يقول أودونيل "يطبعون كل شيء بفرشاة واتسون - ينبغي أن يلتزموا بما يفعله بشكل جيد".
لكنه هو ومحللون آخرون يثنون على "آي بي إم"، التي تُنفق ما يُقارب ستة مليارات دولار سنوياً على البحث والتطوير، لأنها لا تعاني نقصا في التكنولوجيا المتطورة.
التطورات الحديثة تشتمل على تطوير منصة لجمع وتحليل البيانات من إنترنت الأشياء بناءً على التكنولوجيا التي حصلت عليها "آي بي إم" عندما استحوذت على أعمال كيني، شركة ويذر، قبل عامين. كما يُشيرون إلى جهودها لجعل تكنولوجيا البرمجيات مفتوحة المصدر دعامة أساسية لحوسبة الأعمال.
لكن إذا كانت "آي بي إم" تملك التكنولوجيا، فقد كافحت من أجل تكييف أعمالها مع نهج الخدمة الذاتية لتقديم خدمات السحابة التي تستخدمها الشركات الأخرى. أنموذج أعمالها، في المقابل، بُني على التعقيد، مع الاعتماد على استخدام فِرق من المستشارين لربط أنظمة تكنولوجيا المعلومات المعقدة لزبائنها.
يقول كيني "إن كثيرا من جهوده وُضعت في إصلاح نهج "آي بي إم" نحو خدمات السحابة لجعلها أبسط للمطوّرين. واتسون، مثلا، تفكك إلى سلسلة من "الخدمات الصغيرة". يقول "كان علينا إيجاد ثقافة داخل ثقافة"، بما في ذلك تطوير مقاييس جديدة لتعقّب أداء أعمال خدمة السحابة. هذا اشتمل أيضاً على جلب موظفين يملكون ما يدعونه "المهارات السحابية الأصلية" للعمل جنباً إلى جنب مع "موظفي آي بي إم طويلي الأمد". التعيينات في الأدوار العُليا تشمل ميشيل بيلوسو، المختص في التسويق الاستهلاكي الذي عيِّن في العام الماضي في منصب كبير الإداريين للتسويق الأول في "آي بي إم".
ووفقا لأودونيل "الأمر الآن يتعلّق بالإقناع"، في الوقت الذي تحاول فيه "آي بي إم" تغيير مفهوم علامتها التجارية وإقناع المطوّرين أنها تستطيع التنقل بسرعة - وبفعالية - مثل شركات الخدمات الاستهلاكية التي ولدت على الإنترنت.
وإذا كان وارن بافيت قد فقد حماسه لشركة آي بي إم، فقد يكون الأمر يتعلق بمصير واحد من برامج عمليات شراء الأسهم الأكثر انتشاراً في وول ستريت.
ففي الأعوام العشرة المنتهية في 2015، ضخت "آي بي إم" أكثر من 120 مليار دولار من نقودها الحرة في عمليات إعادة شراء أسهمها - أو نحو 80 في المائة من قيمتها السوقية بالكامل في نهاية الفترة. لكن مع زيادة الضغط لزيادة الاستثمار في خدمة السحابة، اضطرت جيني روميتي، الرئيسة التنفيذية، إلى تغيير المسار. عمليات إعادة الشراء انخفضت إلى متوسط يبلغ أربعة مليارات دولار خلال العامين الماضيين في الوقت الذي بدأت فيه "آي بي إم" فترة من الاستثمار وأدركت أنها لن تُحقق أهداف الربح السابقة الخاصة بها.
حتى ذلك قد لا يكون كافياً للبقاء في السباق ضد الشركات المنافسة الغنية. الإنفاق الرأسمالي في "آي بي إم" يبدو صغيراً مقابل إنفاق "جوجل" 10.9 مليار دولار في عام 2016، أو مبلغ العشرة مليارات دولار في "مايكروسوفت".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES