FINANCIAL TIMES

«بينيتون» في سبيلها إلى النمو خارج إيطاليا

«بينيتون» في سبيلها إلى النمو خارج إيطاليا

في عام 1965، لوتشيانو بينيتون البالغ من العمر 30 عاماً، الأكبر بين أربعة أطفال لعائلة إيطالية شمالية فقيرة، اغتنم فرصة تجارية - سوق ما بعد الحرب العالمية الثانية للملابس الملونة في إيطاليا.
من فكرته نما متجر التجزئة "بينيتون"، الذي كان يبيع في ذروته في الثمانينيات في 120 بلدا، ودخل الثقافة الشعبية من خلال حملاته الإعلانية وجعل أفراد عائلة بينيتون من أصحاب المليارات.
آخر تكرار لقصة عائلة بينيتون التي انتقلت من الفقر الشديد إلى الغنى الكبير هو محاولة الاستحواذ بقيمة 16.3 مليار يورو هذا الشهر من قِبل أكبر أصول العائلة اليوم، شركة تشغيل رسوم الطُرق "أتلانتيا"، على مجموعة البنية التحتية الإسبانية "أبيرتيس". كما يُحتمل أن تكون حاسمة لمستقبل العائلة بقدر فكرة لوتشيانو التجارية الأولى.
إذا نجحت المحاولة فستكون المجموعة المُندمجة أكبر شركة لتشغيل رسوم الطرق في العالم، والجزء الأكبر من أعمال عائلة بينيتون سينتقل بشكل كبير من وطنها. مع عملية استحواذ ناجحة، ستُمثُل إيطاليا 46 في المائة من الإيرادات لشركة إديزيونه، الشركة القابضة لعائلة بينيتون، مقارنة بـ 70 في المائة اليوم.
يقول بعض الأشخاص المُقرّبين من العرض "إن الدافع الرئيسي لعملية الاستحواذ صناعي، إذ توجد أكبر شركة لتشغيل رسوم الطرق في العالم مع 14095 كيلو مترا تحت الإدارة في 19 بلدا وتُصبح أكبر وحدة في إديزيونه".
المجموعة القابضة، التي لا تزال قائمة في تريفيزو، شمال شرقي إيطاليا، حققت إيرادات بمقدار 11.3 مليار يورو في عام 2016 ويمتد نشاطها إلى المنسوجات والملابس، والمواد الغذائية والمشروبات، والبنية التحتية، والعقارات، والزراعة. وستُشكّل البنية التحتية أكثر من ثُلثي إجمالي إيراداتها إذا تم الاتفاق على الصفقة. وإديزيونه هي أكبر مساهم في "أتلانتيا"، مع حصة بنسبة 30 في المائة.
في صناعة حيث التكنولوجيا وتوقعات الاقتصاد الكلي المتقلبة تضغط على هوامش الربح، فإن الاقتصادات الأكبر حجما ستكون حيوية، كما يقول كارلو ألبيرتو كارنيفال مافي، أستاذ الاستراتيجية وريادة الأعمال في جامعة بوكوني في ميلانو.
وسيسمح الاندماج أيضاً لشركة أتلانتيا بالاستفادة من الديون الرخيصة المتوافرة بسهولة للحصول على العائدات التي تتجاوز تكلفة اقتراضها. نسبة الديون إلى حقوق الملكية في أتلانتيا ستزيد إلى 5.4 ضعف من ثلاثة أضعاف للدفع مقابل الصفقة، وذلك وفقاً لوكالة موديز. وستوجد عملية الدمج مجموعة ذات إيرادات مجتمعة تبلغ 14 مليار يورو. المنافس الأكبر التالي سيكون شركة فينسي الفرنسية، مع إيرادات تبلغ 4.4 مليار يورو.
الأهم من ذلك أن الصفقة تجعل عائلة بينيتون أيضاً أحدث سلالة إيطالية تتنوّع خارج سوقها المحلية، بعد مبادرة عائلة أجنيلي المالكة لمجموعة فيات ـ كريسلر. وهم يسعون إلى تحقيق النمو خارج إيطاليا في الوقت الذي يُكافح فيه اقتصادها من أجل الانتعاش من أكثر من عقد من الركود وفي الوقت الذي يرتفع فيه الخطر السياسي المتمثل في تسلم حزب حركة "الخمس نجوم" الشعبوي السلطة.
قال الرئيس التنفيذي لشركة أتلانتيا، جيوفاني كاستيلوتشي، بعد إطلاق العرض "هذه صفقة (...) تستغرق أعواماً من الإعداد".
إنه تغيير في الوجهة بالنسبة إلى أبناء عائلة بينيتون الأربعة - لوتشيانو "82 عاماً" جوليانا "79 عاماً" جيلبرتو "75 عاماً" وكارلو "73 عاماً" - الذين لا يزالون يحتفظون بأكبر حصص في إديزيونه.
في العقد الأول من الألفية تركّزت إديزيونه في إيطاليا بين متجر التجزئة بينيتون، أوتوستراده "الاسم السابق لشركة أتلانتيا" ومجموعة المواد الغذائية للسفر أوتوجريل، وهب علامة تجارية مرتبطة بطفرة ما بعد الحرب في إيطاليا وارتفاع السياحة.
وكانت عائلة بينيتون، بقيادة جيلبرتو، أيضاً تملك حصصا في أكبر مجموعة اتصالات في إيطاليا، تليكوم إيطاليا، وشركة صناعة الإطارات "بيريلي" ومالكة الصحيفة الوطنية الراسخة في البلاد "كوريري ديلا سيرا". هذه جعلت أفراد عائلة بينيتون من المشاركين الرئيسيين في النادي المريح لأعضاء مجالس الإدارة في إيطاليا المعروف باسم "سالوتو بيونو" أو غرفة الرسم الرائعة.
"أوتوجريل" كانت أول من تنوّع خارج إيطاليا عندما اشترت المجموعة الأمريكية "إتش إس إم هوست" وشركات السوق الحرة في إسبانيا والمملكة المتحدة. تم بيع بعض من حصص حقوق الملكية خلال العقد الماضي" لكنها لا تزال تملك حيازات في أكبر شركة تأمين في إيطاليا، وفي أكبر مصارفها الاستثمارية "ميديوبانكا"، وفي صحيفة الأعمال الوطنية "إل سول 24 أور" ومجموعة الإعلام "كالتاجيرونه" في روما.
أُزيل متجر التجزئة بينيتون من البورصة في عام 2012 بسبب عملية إعادة هيكلة عميقة بعد فشل عملية تحويل جذرية بقيادة ابن لوتشيانو، أليساندرو، البالغ من العمر 53 عاماً، الذي كان الفرد الوحيد من الجيل الثاني الذي يتولى دورا تنفيذيا، في وقف تراجعت فيه الإيرادات في مواجهة المنافسة من "زارا" و"هينيس أند موريتس".
بين عام 2000 وعام 2010، بقيت إيرادات "بينيتون"، التي جاء نصفها من إيطاليا، ثابتة تقريباً عند نحو ملياري يورو، بينما المبيعات في شركة إنديتيكس، مالكة العلامة التجارية "زارا"، ارتفعت خمسة أضعاف لتُصبح 12.5 مليار يورو. وعلى الرغم من خفض الوظائف وإغلاق المتاجر، إلا أن شركة التجزئة أعلنت في عام 2016 عن خسارتها السنوية الرابعة على التوالي، وذلك وفقاً لوسائل الإعلام الإيطالية. رئيسها التنفيذي الأحدث، ماركو إيرولدي، استقال هذا الشهر ولم يحضر بديله بعد.
تراجع العلامة التجارية للتجزئة - بعد فشل العائلة في إدراك التهديد من أمانسيو أورتيجا، صاحب مشاريع الأزياء السريعة الذي يقف وراء مجموعة إنديتيكس، أو إمكانيات المستهلكين الآسيويين - كان بمنزلة دعوة للاستيقاظ بالنسبة إلى عائلة بينيتون.
ذلك دفع جيلبرتو إلى سحب جميع أفراد العائلة من إدارة الأعمال اليومية، وهو قرار في نهاية المطاف مهّد الطريق لمحاولة "أتلانتيا" للاستحواذ على "أبيرتيس"، كما يقول أشخاص مقرّبون من العائلة.
قبل عشرة أعوام، كان أفراد عائلة بينيتون يفكرون في عملية دمج مع "أبيرتيس". لكن ذلك العرض - عرض من الإسبان للإيطاليين - أوقفته حكومة رومانو برودي من يسار الوسط. صرخات الاحتجاج السياسية، هذه المرة في إسبانيا، قابلت عرض "أتلانتيا" للاستحواذ على "أبيرتيس"، وفي الوقت نفسه أثارت التساؤلات حول جدوى العرض بالسعر الحالي مقابل "أبيريتس"، التي هي في الأصل متنوعة جغرافياً بشكل جيد.
لكن يعتقد محللون في مصرف سانتاندر أنه من غير المحتمل حظر الصفقة، خاصة لأن العرض مصوغ بشكل دقيق لكي يجعل "أبيريتس" تبقى كيانا قانونيا مستقلا واستمرار رئيسها التنفيذي فرانسيسكو رينيس في دوره.
الأمر الحاسم لمحاولة العرض الثانية، كما يقول أشخاص مشاركون، كان النفوذ المتزايد للمديرين الخارجيين: كاستيلوتشي وماركو باتوانو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة تليكوم إيطاليا، الذي تولى إدارة "إديزيونه" في العام الماضي من جياني ميون. في حين إن ميون حوّل متجر التجزئة إلى قوة صناعية إيطالية، إلا أنه يُنظر إلى باتوانو بأنه يملك خبرة السوق الدولية لجعل "إديزيونه" مجموعة أوروبية ذات نفوذ عالمي.
لويجي دي فيشي، رئيس مجلس إدارة "سيتي جروب" في أوروبا، الذي يُقدّم المشورة لشركة أبيرتيس، يرى العرض - سواء نجح أم لا - ضمن هذا السياق الصناعي الأوروبي الأوسع.
قال لـ "فاينانشيال تايمز" في مؤتمر هذا الشهر "نحن بحاجة إلى بعض الأبطال الأوروبيين لنكون قادرين على المنافسة عالمياً".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES