Author

.. ويبقى الخليج عربيا رغم الرعونة والغطرسة

|

خادم الحرمين الشريفين وبصوت جهوري على منصة مؤتمر عالمي غير مسبوق عربي إسلامي قال بصراحة شاهقة إن النظام الإيراني منذ مجيء الخميني عام 1979 حتى اليوم ودولته لم تكف عن الدفع بشرورها وعنفها للتدخل في شؤون المنطقة، في لبنان، وفي العراق، وفي سورية، وفي اليمن، وفي البحرين وإنها وضعت في قلب مؤامراتها تصدير الثورة، وبالفعل لم تكف عن تصدير المتفجرات والإرهابيين لداخل السعودية منذ البداية مستغلة شعيرة الحج المقدسة وغيرها من الظروف لا يردعها حس من ضمير ولا خلق، متاجرة بالدين ومهدرة دماء شعبها وشعوب المنطقة، فهي لم تراعِ حرمة لأحد ولم تنصت قط لصوت العقل والحكمة التي حاولت القيادة السعودية أن تأخذها إليها بالحسنى، وإنما تمادت وخيل لها غرورها وغطرستها الطائفية أن ذلك علامة ضعف.. غير أن الأيام قلبت السحر عليها وكانت تظن نفسها الساحر.
أهدرت حكومة الولي الفقيه في طهران كل فرص العقل ومنطق الحكمة وركبت رأسها الملي بعقد مغالطات وحزازات تاريخية لو سارت الأمم على أساسها لما صار هذا العالم إلا غابة دم وساحة موت.. فكم من حروب بعشرات ومئات السنين خاضتها أوروبا، على سبيل المثال، في نزاعات قومية أو دينية أدارت لها تلك الشعوب ظهرها واعتبرتها من أوزار وعي فاسد وعقل جاهل فنستها أنوار المعرفة ورياح التقدم فصاغوا بلدانهم لتنعم بحياة كريمة، بل توحد بعضهم على أسس المصلحة وتحقيق الأمن والاستقرار وصناعة مستقبل يليق بكرامة الإنسان والأوطان.
لم يكن خادم الحرمين في موقف الشكوى من تغول ولاية الفقيه ودسائسه ومؤامراته بقدر ما كان يبسط السجل الإجرامي لنظام لا يرى مقومات وجوده إلا بإشعال الحروب وزرع الفتن بجانب إزهاق روح شعبه وتدمير موروثه الحضاري حين كانت إيران جزءا من منظومة الحضارة العربية الإسلامية، أسهم فيها فقهاء وعلماء وأدباء ومفكرون هم عند العرب ومع العرب شركاء في ضخ منجز تلك الحضارة الزاهية التي استثمرها الغرب وكانت درجات في سلم صعوده من أمية ظلام العصور الوسطى إلى معارج التقدم الذي سار فيه حتى غمرت أضواؤه العالم.
إن عُقد التاريخ وضغائن الخرافة الساسانية ونزوات وهلوسات الولي الفقيه أسقمت الشعب الإيراني، وسلبت قوته وكدسته في جحور بؤس أو في زنازين تعذيب رهيب تزداد أعدادها يوما بعد يوم. فحين يعيش الملالي يحيون في مترف الملذات بفراديس قصورهم وضياعهم على حساب خمس الفقير وجل ثروة البلاد لا يقتطع منها إلا ما هو لأرتال من سلاح يشهره الملالي وحرسه الثوري في وجوه شعبه ويسلطونه بغيا وعدوانا ضد شعوب الجوار، فلا يتركون المدن والقرى إلا خرابا ولا يغادرون البشر إلا مزقا تسبح في حمامات الدم والرعب التي تدير رحاها الكارثي ميليشياته وعصابته المرتزقة من شذّاذ طالبان والقاعدة وداعش إلى سفاحي الحرس الثوري وحزب الله والحشد الشعبي.
هذا السجل الأسود لحكومة الولي الفقيه في طهران الذي لقي من كل العالم الشجب والتنديد والاستنكار فاعتبروا على أساسها إيران الراعي الأول للإرهاب في العالم ومع ذلك، وبرغمه يكابر أمير قطر بالتنطع في صداقته بهذا النظام الطاغوتي على حساب المصير المشترك الواحد لدول الخليح العربي، شقا بجحا وحدة الصف العربي وموقف الجميع الرافض جملة وتفصيلا للدسائس والمؤامرات، التي لم تتوقف إيران عن القيام بها في السر والعلن متطاولة بالتدخل في شؤون المنطقة الخليجية والعربية، بل ودول أخرى في العالم، لكن أمير قطر يصم أذنيه ويتعامى عن أن يحس أو يرى حجم الجرم الإيراني وبشاعته، وليعتبر ذلك مدعاة للارتماء في حضن الولي الفقيه مثل ارتمائه المتهالك بصداقة مع العدو الصهيوني ولتبلغ به حالة الاستلاب في الارتماء بأحضان الولي الفقيه إلى حد أن يتخلى عن سيادة وطنه ومياهه الدولية فلا يخجل من عار أن يسمي الخليج العربي الخليج الفارسي قافزا على أصالة الاسم وأصالة شعوب الخليج العربي نفسها ومنها دولته قطر ملغيا حقا تاريخيا لا يملكه ولا يملكه غيره، وإنما هو حق مرتبط بشعوب دول مجلس التعاون العربية وبالتأكيد شعب قطر الشقيق واحد رئيسي منها، ولن نقول كأنه يمنح لدولة البغي الإيراني حقا لم يكن لها على الإطلاق، بل هو ببجاحة الاجتراء على القول بفارسية الخليج يرتكب خطأ شنيعا لم يرتكبه أحد قط بحق وطنه، فما بالنا وهو يفعل ذلك مع عدو أسرته الخليجية وعدو أمته العربية وعدو السلم والأمن العالميين أيضا.
وحين يشير خادم الحرمين الشريفين إلى هذه الكارثة التي يديرها ملالي طهران، ويصادق معه العالم كله على بشاعة وغشامة الدور الإيراني وعلى خطره الكبير وتهديده لأمن العالم والسعي إلى حرمانه من حقه في التنعم بالاستقرار والتنمية، فهذا يعني أن مهمة كونية لا بد وأن تنجز، تتلخص بالضرورة القصوى لردع وتركيع هذا النظام الطاغوتي وإجباره على الانصياع لصوت العقل والحكمة تحت سيف الشرعية الدولية بكل مواثيقها.. فالرعونة الإيرانية، بلغ بها حد الغطرسة مدى صارت معها لا ترى ولا تسمع وقد يساورها الأمر الاستهانة بإحراق العالم.. وهذا بالتأكيد سيناريو كارثي، نقوله على سبيل المقاربة لوصف جنون حكومة الولي الفقيه، وإلا فإن عالم اليوم، مهما بدا متردداً عن قمع هذا الطغيان الطاغوتي.. فليس في مصلحته ودياناته وفي قاموسه أن يتيح لأحد اللعب بالنار.. فما تعب العالم وجاهد في علمه وعمله وفلسفاته ومؤسساته الحضارية إلا لكي يجعل من العالم قرية كونية مطمئنة وليس ساحة يحيلها جنون الولي الفقيه إلى محرقة.. وطبعا يعرف الملك سلمان بن عبد العزيز أن الانحياز كلية للحياة وثقافتها هو صوت شرف العالم اليوم.. وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.

إنشرها