Author

أسواق النفط حبلى يلدن كل عجيب

|
مختص في شؤون الطاقة

مرت أسواق النفط بظروف مزعجة وتقلبات كثيرة خلال السنوات القليلة السابقة، ولكنها ليست مستغربة فهذه طبيعة أسواق النفط. أدت هذه الظروف إلى هبوط أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارا للبرميل. ولذلك أود توضيح أن المحرك الأساس لأسعار النفط صعودا وهبوطا هو قاعدة العرض والطلب. جميع العوامل المؤثرة الأخرى تصب أخيرا في هذه القاعدة لا محالة. تختلف هذه العوامل وتتنوع فمنها الاقتصادية التي تتعلق بنمو وانكماش الاقتصاد العالمي عموما، واقتصاد بعض الدولة المؤثرة ذات الثقل الاستهلاكي الكبير للنفط على وجه الخصوص. أضف إلى ذلك الظروف السياسية والجيوسياسية والاضطرابات الأمنية، وكذلك المشكلات التقنية والكوارث الطبيعة التي تؤثر سلبا وبشكل مباشر في الإمدادات النفطية إما جزئيا أو كليا ولفترات متفاوتة يحكمها حجم الضرر الذي تسببت فيه.
مطلع هذا العام 2017 دخلت اتفاقية خفض الإنتاج حيز التنفيذ ولمدة ستة أشهر تنتهي في منتصف العام. أسهمت هذه الاتفاقية في تخفيف حدة التخمة النفطية وتبعاتها السلبية، وذلك بتخفيض الإنتاج بكمية وقدرها 1.8 مليون برميل يوميا. أدى هذا الخفض إلى تحسن جيد واستقرار لا بأس به في أسعار النفط خلال مدة الاتفاق.
قبل يومين، اتفق أعضاء "أوبك" والمنتجون المستقلون خارجها على تمديد اتفاقية خفض الإنتاج حتى نهاية الربع الأول من عام 2018 وهي بلا شك خطوة ممتازة وإيجابية لدعم توازن أسواق النفط، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم تتفاعل الأسعار إيجابا مع هذا الاتفاق؟
أعتقد أن المتعاملين في أسواق النفط يدركون أن تمديد هذه الاتفاقية بالحصص نفسها المتفق عليها سابقا التي تبلغ في مجملها 1.8 مليون برميل يوميا، ستساعد على عدم إغراق الأسواق بمزيد من المعروض النفطي. يدركون أيضا أن التخمة النفطية مازالت موجودة وعدم تفاعل الأسعار مع تمديد الاتفاق غير مستغرب بل كان طبيعيا.
في ظل الظروف الراهنة المؤثرة في أسواق النفط من ضعف الطلب العالمي على النفط، ودخول النفط الصخري كلاعب حيوي لا يمكن تجاهله منظومة النفط العالمية. أعتقد أن أسواق النفط تحتاج إلى ثلاثة إجراءات مهمة خلال التسعة أشهر القادمة لترتفع الأسعار أو تبقى مستقرة على أقل تقدير.
أولا: يجب على جميع أعضاء "أوبك" والمنتجين المستقلين خارجها دون استثناء، أن يلتزموا التزاما كاملا بحصص الخفض المطلوبة منهم والمتفق عليها. وألا يتم تحميل المملكة العربية السعودية المسؤولية وحدها، فالمسؤولية على الجميع، فهم جميعا على مركب واحد، ويواجهون المصير نفسه.
ثانيا: أن يتم تعميق خفض الإنتاج لرفع أسعار النفط أو للحفاظ على مستواها الحالي على أقل تقدير. وأتوقع أن يتم التعميق بعد خمسة أشهر تقريبا من الآن، بعد أن تمتلئ المخزونات النفطية ويزيد المعروض النفطي بسبب ضعف الطلب على النفط في فصل الصيف.
ثالثا: التنسيق الإعلامي بين المسؤولين والمتحدثين الإعلاميين لكل دولة منتجة للنفط داخل "أوبك" أو خارجها. حيث إن التضارب بين بعض التصريحات سينعكس سلبا على أسواق النفط وأسعارها وهذا ما لا نرجوه.
ختاما، تعميق الخفض من عدمه وتحديد كميته، تحددها السياسات النفطية لمنتجي النفط التقليدي في هذه المرحلة. الأولوية من منظوري الشخصي لمنتجي النفط التقليدي حاليا هي الحفاظ على المستوى الحالي لأسعار النفط، حيث إنها معقولة للمنتجين والمستهلكين، وفي الوقت نفسه تقنن الازدياد المطرد للنفط الصخري، الذي كنت ولا أزال أعتقد أنه ليس إلا رافدا من روافد النفط يمكن احتواؤه والتكامل معه.

إنشرها