Author

قرارات تعكس كفاءة الاقتصاد الوطني

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

قرارات استبشر بها المواطنون التي تعتبر تاريخية للمملكة وتعكس جوانب تؤكد قضايا مهمة تتعلق بمكانة الاقتصاد والارتباط الوثيق بين المواطن والقيادة وقربها منه كما أنه يؤكد كفاءة مجلس الشؤون الاقتصادية في كفاءة الإنفاق والترشيد. القرارات الملكية تنوعت في مضامينها من خلال تناولها مجموعة من الأمور أبرزها إعادة البدلات والمكافآت إلى ما كانت عليه وإعفاء وزير الخدمة المدنية ومحاكمته على ما صدر منه من تجاوزات، وقراءة في مضامين هذين القرارين في حد ذاتها تحتاج إلى استطراد فيها ولكن الاختصار والإشارات قد يغنيان. بعد مرور أقل من سنة على القرارات تمت ملاحظة مجموعة من الآثار التي لا تتفق مع التحول الوطني والتي قد تبطئ من وتيرة تحقيق "رؤية المملكة 2030" في الوقت المحدد، خصوصا في مجال التوظيف وتمكين المواطن من الحصول على سكن، إذ إن إلغاء البدلات كان له أثر في ضعف نشاط السوق داخليا في ظل مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى توطين مجموعة من الوظائف في القطاع الخاص الذي بدا عليه الانكماش في التوظيف بصورة واضحة ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل طفيف بدلا من أن ينخفض. كما أن ضعف قدرة المواطن المالية ترتبت عليه آثار فيما يتعلق بقدرته على الحصول على تمويل من قبل البنوك لشراء منزل، ما قد يؤدي إلى التأخر في الوصول إلى النسب المستهدف الوصول إليها لتملك المسكن للمواطنين. كما أن هذه القرارات تزيد من الاستقرار المالي للمواطنين خصوصا رجال الأمن والمرابطين في الحد الجنوبي الذين ضربوا أروع الأمثلة في التفاني لحماية هذا الوطن. القرارات قدمت نموذجا لنتائج المتابعة والمراجعة الدائمة لأثر كل قرار تتخذه الحكومة، إذ إن الأهداف واضحة، ولكن الوصول إلى تلك الأهداف قابل للتعديل ليتحقق الهدف وهو ما يؤكد فاعلية مجلس الشؤون الاقتصادية وكفاءة أدائه في اتخاذ القرارات، إذ هو يتحرك من خلال منظومة متكاملة وفي حال وجود خلل يتم اتخاذ الإجراء المناسب بشكل مباشر ضمن المنظومة الحكومية بشكلها المتكامل، كما أن هذه القرارات تأتي في وقت تسعى فيه الإجراءات الحكومية إلى تحسين بيئة الاستثمار محليا بما يعزز من إقبال المستثمرين في قطاع التجزئة للمملكة، ولعل الأهم في هذا الإجراء هو التأكيد على ثقة المواطن بالاقتصاد وهي ثقة تشكلت منذ فترة ليست بالقصيرة ما جعل إقبال كثير من المواطنين على أدوات الاستثمار محليا بمختلف صوره سواء في قطاع الأسهم أو العقار أو التجارة وغيرها، واستمرار تشكل نظرة سلبية لفترة قد يأخذ بعده بناء الثقة وقتا طويلا. القرار الذي أخذ حظا كبيرا من الاهتمام وهو امتداد لسياسة الحزم التي انتهجها خادم الحرمين الشريفين هو إعفاء وزير الخدمة المدنية من منصبه بعدما ثبت من ارتكابه تجاوزات وإساءة استخدام النفوذ والسلطة وذلك بناء على ما رفعه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورئيس هيئة الرقابة والتحقيق، حيث سيتم تشكيل لجنة وزارية لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة للتحقيق معه فيما ارتكبه من تجاوزات. ولا شك أن هذا القرار يحمل في طياته كثيرا من الأمور التي تؤكد ما ذكره خادم الحرمين الشريفين في أكثر من موضع أنه لا أحد فوق نظام الحكم والقضاء في هذه البلاد وأن المواطن يمكن أن يرفع دعوى على أي شخص مهما كان منصبه وهو ما كان لأحد المواطنين الذي أبدى شجاعته في مقاضاة رجل في مرتبة وزير على ما ثبت لديه من تجاوزات وتم استقباله لدى الجهات المختصة وعدم المساس به أو التأثير فيه، وأخذ الموضوع مساره دون الخضوع لضغط إعلامي أو من خلال مطالبات مواقع التواصل التي خصصت هاشتاقات لهذا الغرض إلى أن تم الوصول إلى ما يثبت ذلك، وهذا يدل على فاعلية الجهات الرقابية والقضائية، وأنها القناة الأكفأ والوحيدة للوصول إلى الإصلاح في المملكة بعيدا عن اللجوء إلى وسائل أخرى. القرارات حملت في طياتها اكتمال إعداد القادة من جيل الشباب سواء في الأسرة الحاكمة وشباب الوطن وهو ما انعكس على التعيينات الجديدة وهو تأكيد على استقرار منظومة الحكم في المملكة وقطع الطريق على كل من يشكك في كفاءة الجيل الجديد في القدرة على اقتفاء أثر من قبلهم. فالخلاصة أن قرارات خادم الحرمين الشريفين بإعادة البدلات إلى ما كانت عليه تأكيد على كفاءة الاقتصاد السعودي في مواجهة الأزمة ونجاح مجموعة من الإجراءات للترشيد في الإنفاق والمتابعة من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية لأثر القرارات، وأنه لا يوجد ما يمنع من التغيير لتحقيق أهداف "رؤية المملكة"، والحرص على استمرار الثقة بالاقتصاد وتعزيز كفاءته في معالجة مشكلات الإسكان والبطالة وأن المملكة المكان الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في المنطقة.

إنشرها