FINANCIAL TIMES

تراجع الأسعار يدفع «أوبك» إلى مراجعة الدفاتر القديمة

تراجع الأسعار يدفع «أوبك» إلى مراجعة الدفاتر القديمة

تراجع الأسعار يدفع «أوبك» إلى مراجعة الدفاتر القديمة

مباشرة تخفيضات الإنتاج التي اتُّفق عليها في العام الماضي بين بعض من أكبر البلدان المنتجة في العالم داخل وخارج "أوبك"، تدفع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، إلى أن تخسر هيمنتها بسبب الانخفاض بنسبة 10 في المائة في خام برنت المرجعي خلال الأسبوع الماضي.
وفرة صهاريج التخزين العالمية وطفرة صناعة الزيت الصخري في الولايات المتحدة تُلقي بظلالها على سوق النفط، حيث الأسعار تمحو كل مكاسبها منذ أن وافقت منظمة أوبك ودول مُنتجة مثل روسيا على اتفاق خفض الإمدادات.
يتساءل مندوبو منظمة أوبك، الذين يواجهون معضلة مألوفة، عن مدى الإيلام الذي سيترتب على العودة إلى كتاب قواعدها القديم لدعم سوق النفط، بعد أن أمضت عامين في إعطاء الأولوية لحجم الصادرات على الأسعار، وها هي تجد نفسها في وضع قد تخسر فيه الآن فيما يتعلق بالأمرين.
قالت منظمة أوبك بقيادة السعودية مراراً وتكراراً "إن المنظمة لن تخفض الإنتاج رداً على تحول هيكلي في السوق، لكن هذا هو بالضبط الموقف الذي تمر به الآن".
في عام 2008 ارتفعت مخاوف المنظمة بشكل صارخ في الوقت الذي ارتفع فيه عدد حفارات الزيت الصخري - الأكثر فعالية والأقوى منذ الأزمة - مرة أخرى بسبب ارتفاع الأسعار بعد امتثال شبه كامل لاتفاق خفض الإمدادات.
يقول أحد مندوبي دول الخليج، الذي يشير إلى أن منظمة أوبك أصبحت مرة أخرى في وضع غير مناسب "لقد كان واضحاً أنه مع الانعكاس في الأسعار، فإن إنتاج الزيت الصخري في الولايات المتحدة كان سيرتفع، لكن حجم التحسن لم يكُن معروفاً فعلاً".
بغض النظر عن مدى كون الجهود الحالية للحد من فائض المخزونات ودعم الأسعار مؤلمة، فإن الصمود هو الخيار الوحيد لمنع حدوث انخفاض آخر في الأسعار.
السعودية، التي تقود هذه التخفيضات، تُدرك هذا. بيان المملكة يقول "إنها مُلتزمة بالاتفاق، بما أوقف تراجعا في الأسعار نحو 50 دولارا للبرميل هذا الأسبوع".
في الوقت الذي يسعى فيه مندوبو منظمة أوبك إلى سعر نفط يراوح بين 55 دولارا و60 دولارا للبرميل، فهم يتطلّعون إلى الخطوة التالية من المجموعة. في اجتماع في فيينا في أيار (مايو) المقبل، ستقرر المجموعة ما إذا كانت ستتخلى أو تُمدد أو تزيد تخفيضات الإنتاج.
يقول مندوب من أحد بلدان الشرق الأوسط المنتجة "منظمة أوبك بحاجة إلى اتخاذ قرار بشأن تجديد اتفاق التخفيضات". ويُضيف أنه "حتى يحقق تخفيض المخزون الزخم المطلوب منه، من الأهمية بمكان دعم الأسعار".
تحقيق التوازن هو فعل تعترك معه منظمة أوبك منذ بدء تراجع أسعار النفط في منتصف عام 2014: كيفية استنزاف المخزونات العالمية ودعم الأسعار بدون إطلاق العنان لإمدادات هائلة من المنافسين.
يقول أحد المندوبين من بلد إفريقي "في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار، هذا يجذب كثيرا من المُنتجين للعودة. هذا أصبح واقعاً. ومع منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة وآخرين، بالتأكيد لا نستطيع مجرد التخلص منهم. هذا أمر واضح"، لكنه يُضيف "عصر ارتفاع أسعار النفط انتهى في الوقت الراهن. وربما إلى الأبد".
بلدان أخرى في منظمة أوبك رفضت الانخفاض الأخير في الأسعار باعتباره حالة ذعر قصيرة الأمد، وتقول "إنه من السابق لأوانه معرفة كيف ستنتهي السوق".
على الرغم من أن الآمال بتأثير سريع للتخفيضات في السوق قد ضعفت، إلا أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع تحقيق توازن بين العرض والطلب بحلول منتصف عام 2017، حتى مع توسيع دول منتجة خارج منظمة أوبك الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً هذا العام.
يقول بعض المحللين "إن توقع انخفاض سريع في المخزون هو مضلل بسبب الكميات العالقة الضخمة، التي تولدت إلى حد كبير نتيجة الارتفاع في إنتاج منظمة أوبك نفسها في أواخر العام الماضي".
أمريتا سين، كبيرة محللي النفط في وكالة إينرجي أسبيكتس، تقول "إنه بعد التخفيضات الكبيرة في الإنتاج في عام 2008 - آخر مرة خفّضت منظمة أوبك الإنتاج بشكل جماعي - استغرق استنزاف المخزونات وتحرّك منحنى العقود الآجلة نحو الميل إلى التراجع حتى الربع الأول من عام 2011".
هذا عندما يكون الشهر الأول بسعر مرتفع على العقد الذي سيُنفَّذ بعد عام، ما يُشير إلى أن السوق لم تعُد في حالة فائض.
تقول سين "هذه المرة كميات المخزون الفائضة هي أكبر بكثير. في عام 2008 كان مقدار كميات المخزون العالقة هو 150 مليون برميل من الخام فقط. هذه المرة، وفقا للأرقام الموجودة لدينا، الرقم هو 250 مليون برميل".
في المرة السابقة، انتعشت الأسعار بشكل عجيب بعد أعماق الأزمة المالية، مع انتشار المخاوف من أن الطلب الصيني سريع النمو يمكن أن يثير حالات من نقص المخزون. طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة لا تجعل هذا الأمر مصدرا للتخوف على الأمد القصير.
تقول سين "رغم أن الأساسيات تخضع الآن للتحول، إلا أن الناس قللوا من أهمية المستوى الضخم من فائض المخزون"، وأضافت أن "النفط يخرج أولا من الكميات المخزونة في السفن قبل أن يخرج من الصهاريج على اليابسة".
في الوقت الذي تنتظر فيه "أوبك"، يلجأ بعض المندوبين إلى البحث في أنفسهم، حيث يشعرون بالقلق من أن أي اتفاق يتعلق بالإنتاج لديه فاعلية محدودة. وهناك مصدر قلق آخر، وهو إقناع روسيا مرة أخرى بالدخول في جولة أخرى من الالتزامات.
شركة روسنفت، أكبر شركة إنتاج في روسيا، أعلنت منذ فترة أن روسيا ربما لا ترغب في المشاركة. وقال متحدث باسم الشركة، في معرض تحذيره من حرب أسعار جديدة "هناك مخاطر تنتج عن عدم تمديد الاتفاقية، وهي مرتبطة برغبة المشاركين الرئيسيين، وبديناميكيات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة".
مع بقاء شهرين على اجتماع أيار (مايو) المقبل، يقول بيل فارين برايس، من مؤسسة Petroleum Policy Intelligence، "إن المسار الوحيد أمام "أوبك" هو المحافظة على الموقف الحالي".
ويضيف "من خلال عدم التجديد، فإنهم يوجهون رسالة إلى العالم مفادها أن انضباط "أوبك" من حيث الإمدادات لا ينجح. وبالتالي فإن تكلفة تغيير المسار ستكون ضخمة. عند هذه المرحلة، الأمر يقوم على أن تفعل كل ما في وسعك من أجل الدفاع عن الأسعار، ناهيك عن زيادتها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES