FINANCIAL TIMES

الصين تقلب الطاولة على بيونج يانج لضرب عصفورين بحجر

الصين تقلب الطاولة على بيونج يانج لضرب عصفورين بحجر

طوال أعوام، لعبت الصين دور المدلِّل في المفاوضات بشأن العقوبات على البرنامج النووي في كوريا الشمالية، وهي مُتّهمة بإضعاف قرارات الأمم المتحدة في ذلك الخصوص، بالإضافة إلى عدم انتهاك العقوبات المفروضة على الدولة المارقة، من قِبل الشركات الصينية.
غير أنه في يوم السبت الماضي، فاجأت بكين المحللين بقرار جريء يقضي بحظر واردات الفحم من كوريا الشمالية حتى نهاية العام، ما أثار التساؤلات حول ما إذا كان ذلك إشارات إلى غضب مؤقت من بيونج يانج، أم أنه تحوّل جذري في الاستراتيجية، أم شيء آخر تماما.
قليلون هم الذين يعتقدون أن الصين تُريد التسبب بخسائر اقتصادية خطيرة في كوريا الشمالية. وفي حين أن الولايات المتحدة لا تُخفي رغبتها في رؤية تغيير النظام في بيونج يانج، إلا أن بكين تُصر على أن هدفها من نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية لا ينبغي أن يأتي على حساب عدم الاستقرار أو انهيار النظام.
مثل هذه النتائج قد تؤدي إلى تدفق اللاجئين إلى الصين أو توحيد شبه الجزيرة الكورية في ظل حكومة موالية للولايات المتحدة، الأمر الذي يُعتبر بمثابة لعنة بالنسبة للحكومة الشيوعية في الصين.
من المتوقع أن يُلحق الحظر ضررا كبيرا ببيونج يانج من خلال حرمانها من النقد الأجنبي التي هي بحاجة ماسة له. جوهون كوون، خبير اقتصاد فيبنك جولدمان ساكس، قال إن الحظر سيؤدي إلى تخفيض مليار دولار، أو نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدولة المنعزلة في شرق آسيا.
قال ويليام نيوكومب، خبير بشأن عقوبات كوريا الشمالية في المعهد الأمريكي الكوري في جامعة جونز هوبكنز، في مدوّنة بشأن العقوبات: "الصدمة السياسية والرعب هو إشارة لا لبس فيها لفقدان الصبر على مستوى عال" في الصين، تجاه كوريا الشمالية.
من بين الأسباب الرئيسة لاختيار بكين الآن معاقبة بيونج يانج هو الاغتيال الواضح الأسبوع الماضي لكيم جونج نام، الأخ غير الشقيق لقائد كوريا الشمالية كين جونج أون، في مطار كوالالمبور في الأسبوع الماضي.
كان كيم يقيم علاقات قوية مع الصين ويُذكر أنه كان يعيش تحت الحماية الصينية في ماكاو. وجاء موته بعد يوم من أحدث اختبار على الصواريخ البالستية في كوريا الشمالية.
أما بوني جليزر، خبيرة الشؤون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فقالت إن بكين قد تكون أيضا تسعى لاسترضاء البيت الأبيض، الذي انتقد الصين لكونها لينة جدا فيما يتعلق ببيونج يانج.
وقالت: "الصين لديها هدفان. الإشارة إلى بيونج يانج عن غضبها بشأن اغتيال كيم جونج نام، والتملّق لإدارة ترمب لتحقيق الاستقرار في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، في التحضير لمؤتمر الحزب الـ 19". قالت السيدة جليزر إن من الممكن في نهاية المطاف أن يظهر خليفة للرئيس تشي جين بينج في مؤتمر بكين في الخريف.
يقول محللون صينيون إن الصين يُمكن أن تكون أيضا تُشير إلى رغبتها في إجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية، من خلال تلبية مطالب الولايات المتحدة باتّباع نهج أكثر صرامة. قال تساي جيان، الأستاذ في مركز الدراسات الكورية في جامعة فودان: "هذا يُمثّل رد الصين على الانتقاد طويل الأمد من الغرب بأن الصين لا تبذل جهودا كافية لمعاقبة كوريا الشمالية".
في اليوم نفسه الذي وُضع فيه الحظر حيز التنفيذ من قِبل وزارة التجارة، أشار مسؤول صيني بارز في مؤتمر الأمن في ميونيخ إلى أن الصين تريد إعادة جميع الأطراف إلى طاولة التفاوض.
قالت فو يينج، التي ترأس لجنة الشؤون الخارجية لهيئة التشريع في الصين: "إن الصين تستمر بإعلامكم أن هذا الأمر لا يحقق المطلوب منه، على الرغم من أننا نسايركم. عليكم الإدراك أنه، من دون التحدث معهم، ستدفعوهم فقط في الاتجاه الخاطئ".
ما يُسمى المحادثات السداسية، حيث يجلس جيران كوريا الجنوبية والولايات المتحدة معا للتوصل إلى حل بشأن البرنامج النووي في البلاد، عُقدت آخر مرة في عام 2009. المحادثات غير الرسمية لم تحدث على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
الرسالة من السيدة فو أشارت إلى أن الحظر هو بادرة عن حسن النية، لكن بكين تتوقع إجراء محادثات في المقابل.
ستيفان هاجارد من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي كتب في مدوّنة: "إذا كانت الصين تضغط على كوريا الشمالية، فهذا لهدف واحد فقط: تقديم بادرة تعاونية لإدارة ترامب القادمة مقابل مبادرة بشأن المفاوضات".
قال محللون إن الحظر لن يكون مُكلفا بالنسبة للصين، التي تُريد خفض الإنتاج والواردات كجزء من خطوات لمكافحة الضباب الدخاني. كذلك، قد تكون بكين أيضاً تقترب من الحد الأقصى للواردات من كوريا الشمالية الذي حدده قرار سابق للأمم المتحدة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES