Author

التآكل وأعمار الألواح الشمسية الضوئية

|

إذا تآكلت طبقة حماية واحدة فإن وحدة الخلايا الشمسية بأكملها سوف تعاني. وحيث إن تصميم الوحدات الشمسية الضوئية يضمن عمرا تشغيليا ميدانيا يتجاوز 25 عاما، فإن تصميم المجموعة بأكملها - وليس فقط المكونات باهظة الثمن - يجب أن يستهدف تحقيق عمر مماثل. ويعتقد الناس أن التآكل هو الصدأ الذي يصيب السيارات أو الأكسدة التي تسبب اسوداد الفضة فقط، ولا يدركون أنه أيضا يضر الإلكترونيات والوصلات الدقيقة في الألواح الشمسية، ما يخفض كمية الكهرباء المنتجة. ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بالتآكل، والأصعب من ذلك تصميم الطرق للحد منه لأنه يعتمد بشكل كبير على الظروف البيئية والمادية.
ويتعاون الباحثون من مختلف الدول لتسريع التآكل تحت الظروف الاصطناعية وتوظيف علومهم لمساعدة الصناعة في تطوير ألواح كهروضوئية تدوم لفترة أطول مع زيادة الموثوقية. ويتمثل أحد الأهداف الرئيسة في التنبؤ بكيفية حدوث التآكل السريع والضرر الذي سيخلفه في ظل بيئات ومواد معينة. وهذا بدوره سيقدم لنا معلومات لتحديد المواد المناسبة لتصميم الهياكل أو لتطوير مواد مقاومة للتآكل لبيئة معينة. كما يسمح لنا بتقييم المخاطر الصحية والتشغيلية للنظم بعد مرور وقت طويل على تشغيلها. وهذا أمر مهم لأنظمة الطاقة الشمسية بشكل خاص، لأنها على الرغم من كونها عرضة للتآكل ينتظر منها الاستمرار في التشغيل لعقود.
وليس التآكل مشكلة صغيرة، حيث قدرت دراسة أجريت عام 2002 بواسطة الرابطة الوطنية لمهندسي التآكل بدعم من الإدارة الفيدرالية للطرق السريعة أن تآكل المعادن في مختلف الصناعات، والبنية التحتية والتصنيع تبلغ تكلفته 276 مليار دولار سنويا. وعبر استنساخ الظروف البيئية لدراسة التآكل يقوم الباحثون بتبسيط الظروف البيئية المعقدة في المختبرات لدراسة كيفية تآكل المواد. وليس من السهل اختيار الظروف البيئية التي سيتم استنساخها. وتختلف العناصر المؤثرة في التآكل باختلاف المواقع والمواد. ويكمن التحدي في تحديد العناصر المهمة، ثم ضبط الأجهزة في المختبر للحصول على بيئة تماثل بيئة الهواء الطلق.
وهناك حاجة إلى بناء الجسور بين المختبرات العلمية والصناعة حتى يمكن للأبحاث المنفذة في المختبرات أن تفيد مجتمع الخلايا الكهروضوئية. ويزيد من أهمية الأمر حقيقة أن المواد المعرضة للتآكل تشكل نحو 40 في المائة من إجمالي تكاليف الوحدات الكهروضوئية. ويجب استخدام تقنية تسارع عمر التشغيل، وتحاليل التناظر الاستقصائية للوقوف على حقيقة ما يحدث، وتنفيذ المشاريع اعتمادا على موثوقية الأنظمة الكهروضوئية، ودراسة كيفية تأثير عمر الخلايا الشمسية ومكوناتها وكيفية عمل جميع العناصر معا.
وهناك حاجة إلى بذل جهد على المستوى الوطني لجعل تكلفة الطاقة الشمسية قادرة على منافسة أشكال الطاقة الكهربائية الأخرى. ويجرى حاليا عديد من الدراسات لتحديد خصائص الوحدات الكهروضوئية المنتجة من مختلف المصنعين لتوفير معلومات للمصنعين حول نوع التدهور الذي يمكن توقعه بعد 30 عاما للمساعدة على تحديد سبل إبطاء انتشاره. وغالبا ما تطبق مبادئ تسارع عمر التشغيل لتسريع دراسات الآثار بطيئة التطور بما في ذلك التآكل.
"هل نسبة التدهور السنوي 1 أم 2 في المائة؟ ربما سنرى بعض الحالات النسبة فيها نصف في المائة، وربما سنرى بعض الحالات النسبة فيها 10 في المائة. هل كان المنتج الأصلي سيئا أم أنه كان مثبتا في مكان تبلغ درجة الرطوبة فيه 80 في المائة يوميا؟" يدرس عديد من العلماء التآكل وغيره من صور التدهور من زاوية التحليل التناظري الاستقصائي للوقوف على الحالة الأصلية السابقة ثم التغيير الذي حدث بالفعل. وعادة تتبنى الفرق العلمية منهج تحليل البيانات الكبيرة عند دراسة وتحليل المعلومات الخاصة بالمنشآت المثبتة في جميع أنحاء العالم.
ويستهدف بعض العلماء منع التآكل تماما، حيث يسعى هذا الفريق بالتعاون مع جيمي جرنلان من جامعة تكساس "إيه آند إم" إلى تطوير أغشية من مركبات متناهية الصغر مصنوعة من مواد غير مكلفة لتستخدم كحواجز ضد بخار الماء والغازات المسببة للتآكل. ويأمل الفريق في أن هذه المواد المركبة - التي تعد أرق بنحو 1000 مرة من الشعرة البشرية - سوف تؤدي إلى تحسين سبل حماية الخلايا الشمسية من التآكل.
وظلت النظم التي تحتوي على معادن معرضة للتآكل محل دراسة طوال عقود، وتم تحليل هذه المشكلة في جميع أنواع الأنظمة لأن أي شيء يحتوي على معدن يصبح عرضة للإصابة. وتتم حماية المكونات الكهربائية للخلايا الشمسية من التآكل عن طريق البوليمرات المغلفة والمواد المانعة للتسرب والزجاج، ولكن بخار الماء والغازات المسببة للتآكل تتمكن من اختراق هذه الطبقات بسبب تحلل المواد المغلفة. وبالطبع تتآكل المواد عادة بشكل أسرع في ظل درجات الحرارة والرطوبة الأكثر ارتفاعا.
ويقوم الباحثون بتسريع ظروف العالم الحقيقي في الغرف البيئية المختبرية لدراسة تآكل الإلكترونيات وغيرها من مكونات النظم الكهروضوئية. وتقوم اختبارات التسارع بالتسريع المصطنع لآثار التآكل عبر التحكم في درجات الحرارة والرطوبة والملوثات والمياه المالحة. وعلى سبيل المثال يؤدي الملح الموجود على الطرق الشتوية الجليدية أو بالقرب من المحيطات إلى تآكل السيارات مع مرور الوقت. وحيث إن مصنعي السيارات لا يمكنهم الانتظار لعقود لمعرفة مدى مقاومة منتجاتهم لذلك، فإن اختبارات التسارع المعملية تقوم برش الملح بشكل مستمر على سطح المنتج المراد اختباره للوقوف على جودة الطلاء والمواد وضمان سلامتها وموثوقيتها خلال فترة حياة المنتج. ويستخدم المهندسون غرف التآكل لدراسة المواد المختلفة في الأنظمة التي يجب أن تستوفي احتياطات تآكل معينة، أو لتعريض مكونات إلكترونية للبيئة لمعرفة الأثرالذي سيحدث مع مرور الوقت.
كما تتم أيضا دراسة الآليات الكامنة وراء التآكل، وهو تحد كبير لأن حدوث التآكل في الغلاف الجوي يشتمل على عوامل متعددة مثل كيمياء الغلاف الجوي والجزيئات المترسبة على الأسطح، والرطوبة النسبية ودرجة الحرارة وغيرها. وعلينا أن نفهم التفاعل بين هذه العوامل بعضها بعضا وتفاعلها مع سطح المعدن. وبدلا من الانتظار لمدة 30 سنة من التشغيل الميداني تحت أشعة الشمس، يجلب العلماء الألواح الكهروضوئية إلى داخل المختبرات لتعريضها لتركيزات أعلى بكثير من الضوء أو وضعها في غرف حرارية لمحاكاة دورات درجة الحرارة خلال المدة المحددة، حيث تستطيع تجارب العمر الافتراضي المتسارعة خلال ستة أشهر الوقوف على ما يمكن أن يحدث ميدانيا خلال عقود.

إنشرها