Author

الجامعات الأجنبية .. من يملك القرار؟

|

في منتصف فبراير 2006 كنت مدعوا في "الغرفة التجارية الشرقية" لحضور لقاء مفتوح لوزير "التعليم العالي البريطاني" مع نخبة من المهتمين بالاستثمار في التعليم والتدريب، وقد ضم الوفد البريطاني قرابة 28 مدير جامعة بريطانية وعددا آخر من مسؤولي الجمعيات المهنية والمعاهد البريطانية. كان الهدف الرئيس للوفد هو الاستثمار في المملكة واكتشاف الفرص المناسبة. يومها قال الوزير البريطاني "لم نأت من أجل حلاوة التمر السعودي نحن جاهزون للاستثمار في بلدكم بالشراكة مع المؤسسات الحكومية والخاصة فهل أنتم جاهزون؟".
تسابق مديرو الجامعات البريطانية في التعريف بجامعاتهم والخبرات التراكمية التي تمتلكها الجامعات البريطانية لتعزيز فرصها الاستثمارية وكان حماسهم كبيرا لافتتاح فروع بداخل المملكة.
انتهى اللقاء الذي امتد لساعات وانتقل من "غرفة الشرقية" إلى غرف الرياض، وجدة وإلى المكاتب الوثيرة "بوزارة التعليم العالي" آنذاك ولم نر شيئا على أرض الواقع سوى تصريحات مكررة "للوزارة" قالت وقتها: إن افتتاح فروع للجامعات الأجنبية تحت الدراسة.
وكان التوسع في التعليم العالي والنمو المتسارع يتطلب مزيدا من الجامعات.
ثم قرأنا تصريحات أخرى لمسؤولين في جامعات أجنبية معروفة في ماليزيا وسنغافورة، وفرنسا، وكندا أكدوا تقدمهم بطلبات لوزارة التعليم العالي بالسماح لهم بالاستثمار وافتتاح فروع لجامعاتهم بالمملكة. واكب ذلك حراك إعلامي وأكاديمي كان الغالب عليه التأييد لمثل هذا النوع من المشاريع لضخ أفكار جديدة وتنافسية تسهم في تحسين البيئات التعليمية وتجويد المخرجات.
مضت السنوات ولم يتحقق شيء ويبدو أن المسؤولين في الوزارة قرروا تجاهل الطلبات المقدمة لأسباب غير معلنة، وفهم الجميع أن هذا الملف غير قابل للنقاش.
في 2014 فاجأت "المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني" الجميع بمشروع كبير أسمته "كليات التميز" أسندت بموجبه تشغيل 37 كلية للبنين والبنات إلى كليات أجنبية معروفة في فرنسا وكندا، وبريطانيا، وأمريكا، وأستراليا، ونيوزيلندا أبرزها "جامعة لورييت العالمية" من الولايات المتحدة، تحالف "أكسفورد"، وتحالف "هيرتفوردشاير"، وتحالف "سوسيكس"، وكلية "لينكولن"، واتحاد "نيسكوت وبيرسون" من المملكة المتحدة، وكلية "نياجرا" وكلية "الجنكوين" من كندا، "وجي آي زد" من ألمانيا، و"ساينوب" العالمية من هولندا، و"موندراجون" من إسبانيا، و"آفيياشن" من أستراليا، و"وينتك للتكنولوجيا" من نيوزيلندا. وذكرت المؤسسة العامة على موقعها الإلكتروني أن هذه الكليات اجتذبت 17 ألف طالب وطالبة في تخصصات مطلوبة في سوق العمل، بمعنى أن التجربة تشهد نجاحا متزايدا لكن هذا الأمر يحتاج إلى تقييم علمي من جهات محايدة.
وأنا شخصيا زرت كلية "نياجرا" الكندية في الطائف وشاهدت فيها انضباطا رائعا وبرامج عملية غير مسبوقة، وأعضاء تدريس من كندا، وإذا كانت بقية الكليات على هذا النمط فأعتقد أننا كسبنا تجربة جيدة.
أما الأمر المحير لماذا رفضت وزارة التعليم العالي الاستفادة من الجامعات الأجنبية، بينما بادرت المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني واستفادت من التجربة؟ هل كان هناك قرار سيادي مثلا يمنع الوزارة ويسمح للمؤسسة مثلا؟ أم أن الأمر متعلق بقناعات المسؤولين في الجهتين؟ وماذا بعد ضم الجهتين التعليم العالي والتعليم المهني تحت مظلة "وزارة التعليم" ألا يعطي هذا الوزارة الحق في الاستفادة من الجامعات الأجنبية، والسماح بافتتاح فروع لها داخل المملكة؟ أسئلة تبحث عن إجابة واضحة!

إنشرها