FINANCIAL TIMES

الجدل حول تسعير الدولار ينذر باندلاع حرب عملات .. والصين هدف ترمب

الجدل حول تسعير الدولار ينذر باندلاع حرب عملات .. والصين هدف ترمب

الأسهم ليست وحدها التي تنتعش هذا الشهر. ارتفع الدولار بنحو 2 في المائة مقابل مجموعة من العملات النظيرة، في الوقت الذي تستأنف فيه العملة مسارا تصاعديا يُعتقد أنه النتيجة الطبيعية للسياسات الاقتصادية التي وعد بها دونالد ترمب، الرئيس الأمريكي.
نظراً لقول ترمب إنه يفضّل الدولار الضعيف، فإن قوته الجديدة تركت السوق تتوقع أن يقوم البيت الأبيض بتصعيد الاتهامات عن التلاعب بالعملة من قِبل الشركاء التجاريين. في الوقت الذي يتدبر فيه المستثمرون والمتداولون مقدار الدور الكبير الذي سيلعبه النزاع بخصوص التلاعب بالعملة هذا العام. فيا يلي بعض الأسئلة المهمة:

ما اتهام ترمب؟
بعبارة بسيطة، البلدان كانت تُخفّض قيمة عملاتها على حساب القدرة التنافسية والوظائف في الولايات المتحدة. المكسيك وألمانيا واليابان، الشركاء التجاريون المهمون للولايات المتحدة، يتعرضون للانتقاد. الصين، التي تُمثّل نحو نصف العجز التجاري العالمي في أمريكا البالغ 763 مليار دولار في البضائع في عام 2016، يراها خبراء الاستراتيجية بأنها الهدف الرئيس لترمب. في بداية الشهر ، اتّهم الصين واليابان "بالتلاعب في سوق تخفيض قيمة العملة، ونحن نجلس هناك كمجموعة من الدُمى".

هل تملك الولايات المتحدة طريقة لتحديد المتلاعبين بالعملة؟
نعم. من الناحية الرسمية، حتى يتم تحديد أي بلد بأنه مُتلاعب بالعملة، هو بحاجة إلى فائض تجاري "كبير" مع الولايات المتحدة، فائض الحساب الجاري الذي يصل إلى أكثر من 3 المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد والاستمرار في التدخل "من جانب واحد" في سوق العملات. عندها تستطيع الولايات المتحدة رسمياً تسمية أي دولة بأنها تتلاعب بالعملة بموجب قانون التجارة والتنافس لعام 1988. هذا حدث في خمس مناسبات: عام 1988، مع كوريا وتايوان، وعام 1992 عندما تم استهداف تايوان والصين، وفي حالة الصين، مرة أخرى في عام 1994.
إذا كانت الولايات المتحدة ستُحدد أي بلد بأنه مُتلاعب بالعملة، فإن المفاوضات حول إجراء تسوية سوف تتبع. لكن إذا انهارت تلك المحادثات، فإن الولايات المتحدة تملك عدة عقوبات تحت تصرفها، مثل حرمان شركات البلاد المُتسببة في الضرر من الوصول إلى سوق المشتريات الحكومية في الولايات المتحدة.

هل هناك منطق في اتهامات الرئيس؟
بالتأكيد، عندما يتعلق الأمر بأرباح الشركات في الولايات المتحدة، التي قد تتضرر بسبب ارتفاع الدولار.
جين فولي، خبيرة استراتيجية العملات في رابوبانك، تقول إنه استنادا إلى عدة مقاييس لمعادِل القوة الشرائية، يبدو الدولار بالفعل أنه أكبر من قيمته الحقيقية مقابل اليورو والين، مُضيفةً أنه من حيث التقييم الرئيس "لديه فعلا وجهة نظر".
بحد ذاته، هذا لا يُثبت مزاعم ترمب. تقول فولي إنه لا يمكن اتّهام ألمانيا بالمشاركة في نشاط في حرب عملات، لكن شركات التصدير في البلاد تستفيد من اليورو الذي هو علامة على ضعف بلدان منطقة اليورو الأخرى. أما بالنسبة للصين، فقد كانت تستنزف احتياطياتها من العملة في محاولة للحد من الانخفاض في قيمة الرنمينبي، الذي كان يتعرض للضغط من تدفقات رأس المال الخارجة.

ما تأثير لغة ترمب الطنانة؟
معظم البلدان التي كانت ويُمكن أن تكون أهدافاً لترمب شهدت عملاتها ترتفع هذا العام. ارتفع الين بنسبة 4 في المائة، وارتفعت قيمة اليورو والرنمينبي بنحو 2 في المائة. الدولار التايواني ارتفع بأكثر من 4 في المائة، والوون الكوري بنسبة تزيد على 5 في المائة، والفرنك السويسري بنسبة 2 في المائة مقابل الدولار هذا العام.
لا يُمكن تفسير كل هذا على أنه بسبب الضجيج حول التلاعب بالعملات. في حين أن الدولار أصبح أقوى هذا الشهر، إلا أنه ضعف في كانون الثاني (يناير) الماضي، بسبب انتظار المستثمرين ظهور دليل على سياسات الإنعاش التي قادت ارتفاع الدولار بعد فوز ترمب بالانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
مع ذلك، فإن إجراء أكثر وضوحاً من الرئيس يمكن أن يلحق الضرر بالأسواق. يقول بول لامبيرت، رئيس قسم العملات في شركة إنسايت للاستثمارات: "إذا ذكر أسماء البلدان [ بأنها مُتلاعبة بالعملات ]، فأغلب ظني أنه بالنظر إلى الطريقة التي استجابت فيها الأسواق للغة الطنانة حول مواضيع أخرى سيكون هناك رد فعل أولي غير محسوب".

كيف استجابت البلدان للغة الطنانة؟
رد يينس فايدمان، رئيس البنك المركزي الألماني، هذا الشهر على هجوم بيتر نافارو مستشار التجارة الأمريكي على ألمانيا بسبب اليورو "المقوم بأقل من قيمته بشكل فاضح"، قائلاً إن الولايات المتحدة كانت تتمتع "بموقف تنافسي مناسب جداً لمدة عقد". في الوقت نفسه، قالت اليابان إن سياسة التسهيل الكمي التي تتبعها تهدف إلى زيادة التضخم وليس إضعاف الين وإنها لم تتدخل في أسواق العملات منذ الزلزال وإعصار تسونامي في عام 2011.
كيف يمكن أن تتطور القضية؟
إذا قام البيت الأبيض بتحديد كوريا أو تايوان بأنها مُتلاعبة بعملتها، يقول جيسون داو من بنك سوسييتيه جنرال: "هذا الأمر سيؤثر سلباً في المزاج العام لأن مصدر القلق التالي سيكون ما هي، إن وجدت، الإجراءات التجارية التي سيتم اتّخاذها ضدهما. وهذه المخاوف يُمكن أن تتصاعد بسبب الأهمية العسكرية لهذين البلدين في المنطقة".
التهديد باتخاذ إجراءات من قِبل الولايات المتحدة ضد سويسرا يُمكن أن يقوّض بنكها المركزي، الذي يتدخل منذ فترة طويلة في الأسواق لإضعاف الفرنك، الذي كان بمثابة "ملاذ" للمستثمرين خلال الأزمات الاقتصادية.
الأهداف الأكثر صعوبة بالنسبة لإدارة ترمب هي تلك التي يمكن أن تلحق الضرر بالولايات المتحدة في معركة حول الحمائية والردود الانتقامية.
لاحظ أنه، كما يقول لامبيرت: إذا كانت البلدان المُتّهمة ستتراجع عن موقفها، "فهل سيعني هذا أنه لا يمكن أن تحصل على سياسة نقدية مستقلة؟ إذا كنتَ اليابان تريد أن يرتفع معدل التضخم إلى 2 في المائة، فلن تكون قادرة على اتّباع هذه السياسة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES