FINANCIAL TIMES

تراجع الليرة التركية يعزز هجرة معاكسة للمستثمرين

تراجع الليرة التركية يعزز هجرة معاكسة للمستثمرين

بعد النجاة من محاولة انقلاب العام الماضي، فإن خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتحويل الاقتصاد الوطني، بجعله متماسكا، وفي الوقت نفسه إجراء تغييرات شاملة على الدستور ومن ثم المراهنة الاستقرار السياسي الموعود من أجل الترحيب بالمستثمرين. تعرضت لهزة بعد أن انخفضت الليرة بشكل كبير.
بعد الانخفاض بنسبة 12 في المائة خلال أسبوعين من التداول في عام 2017، فإن العملة، أكثر من أي شيء آخر، كشفت عن أكبر نقاط الضعف الاقتصادي في تركيا – وهو المتمثل في إدمان على الواردات واعتماد على الأموال الأجنبية، في وقت يتسم بقدر كبير من عوامل اللبس.
تراجعت الليرة بنسبة 4 في المائة يوم الأربعاء الماضي، لتصل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق وتسلط الضوء على كيف أن الحملة الحكومية، حملة أردوغان لوضع دستور جديد ومنحه الرئاسة التنفيذية، والهجمات الإرهابية، تثير توتر المستثمرين في الداخل والخارج.
انتعشت الليرة قليلا، بينما قال أردوغان إن الاقتصاد يتعرض لهجوم "إرهابي" في الوقت الذي ألقت فيه حكومته باللوم على مضاربي العملات ووكالات التصنيف للتسبب بالاضطراب.
الذعر الناتج عن الآثار الجانبية لضعف العملة أدت إلى تفاقم الكآبة التي جلبها ما يبدو أنه عمليات تطهير بلا نهاية والتي غزت كل قطاع من قطاعات المجتمع. عملية التطهير هي رد أردوغان على محاولة الانقلاب في تموز (يوليو) الماضي، وتم وصفها بأنها هجوم مستهدف ضد الأشخاص الذي على صلة بفتح الله جولن، رجل الدين المنفي، الذي يلومه الرئيس على محاولة الانقلاب الفاشلة.
على أن اتساعها شوه ما كان واحدة من أفضل الأسواق الناشئة أداء في العالم – وأدى تباطؤ المعاملات، وإخافة المستثمرين، ودفع أصحاب المشاريع الأتراك، الذين في العادة يتخذون المخاطر، لاتخاذ موقف دفاعي.
بالنسبة للشركات، فإن الخطر الأكبر هو ما هو غير معلن - فشركاؤها اليوم يمكن أن يتعرضوا للمضايقات غدا، وشركات التوريد التي تتعامل معها يمكن أن تتعرض للإغلاق، والمصرفيون يمكن أن يتعرضوا للقدح والسب، ويمكن أن يذهب تنفيذيو تلك الشركات ولا يعودون. تم اعتقال المئات من رجال الأعمال ومصادرة ما قيمته نحو عشرة ملايين دولار من الأصول من أكثر من 600 شركة.
بالنسبة للموظفين الحكوميين، الذين تم اعتقال أو طرد عشرات الآلاف منهم، فإن منح تصاريح أو الموافقة على مناقصات يحمل القدر نفسه من المخاطر – وهو شعور باللبس من عدم المعرفة ما إذا كان مقدم الطلب الذي يأتي إليك تم اتهامه، أو سيتم اتهامه، بوجود علاقة مع جولن.
قال جوفين ساك، رئيس مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية، جزء من مجموعة صناعية تقدم المشورة للحكومة: "عندما تبدأ أي تحقيق، يجب أن ينتهي في مكان ما، لكن هذا تحول إلى تحقيق بلا نهاية. دون شك، تركيا لم تواجه أبدا شبكة مثل هذه من قبل، لكننا بحاجة إلى المزيد من المعلومات من الحكومة".
المزاج العام في مجتمع الأعمال هو مزيج من القلق والخوف. قال الرئيس المالي لإحدى شركات البناء: "لدي اقتراحات موجودة على مكتبي أود تنفيذها، لكنني لا أعرف بمن أثق".
مثل غيره من التنفيذيين الذين تحدثوا إلى صحيفة "فاينانشيال تايمز"، طلب عدم الكشف عن هويته.
بعض من أكبر وأشهر الشركات في البلاد كانت مستهدفة منذ فترة في الحملة.
تم أخيرا اعتقال ثلاثة مسؤولين تنفيذيين في شركة دوجان هولدنيج، مالكة صحيفة "الحرية"، ومحطة سي إن إن تركيا، القناة الإخبارية، وأبراج ترمب في إسطنبول.
السبب: علاقة بين عام 2012 وعام 2014 مع واحدة من شركات المحاماة التي كانت تحظى باحترام فيما مضى والمتهمة الآن بكونها واجهة لجولن، وذلك وفقا لصحيفة "الحرية".
قال ساك إن الاضطراب ألقى بظلاله على الإنجازات التركية، مشيرا إلى افتتاح نفق أوراسيا بقيمة 1.3 مليار دولار، الذي يمر تحت مضيق البسفور، الشهر الماضي.
"كل يوم يحدث شيء جديد وكل منها بحاجة إلى تحليل عميق، لكن علينا الانتقال إلى الأمر الكبير التالي - وبالتالي، نفق أوراسيا يصبح حدثا غير مهم، وحتى أننا لا نناقش تأثير الموازنة على استثمار جديد ضخم في البنية التحتية".
يتم الشعور بعدم اليقين في أنحاء قطاع الشركات كافة. قال مؤسس واحدة من التكتلات المشهورة: "الأمور تتغير بسرعة، بشكل غير متوقع، إلى درجة أننا نجد أنه من الأفضل أن ننتظر استقرار الأمور.
دون تحركات كبيرة، دون استثمارات كبيرة، لا شيء". الحذر مبرر. في الوقت الذي تراجعت فيه الليرة، الفجوة بين القروض المقومة بالعملات الأجنبية التي تحتفظ بها الشركات التركية وبين أصولها اتسعت إلى 213 مليار دولار، وذلك وفقا لحسابات أجرتها وكالة بلومبيرج.
قال الرئيس المالي لإحدى شركات الخدمات التي يجب إما أن تسدد قرضا بقيمة 80 مليون دولار في شباط (فبراير) المقبل، أو تعيد تمويله بشروط جزائية: "كل دولار، كل يورو، كل سنت - نحن ندخره للبنك. أنا لا أوافق على أي بند واحد من النفقات الجديدة في الوقت الحالي".
الخوف أثر منذ الآن على الناتج الاقتصادي - حيث تقلص النمو بنسبة 1.8 غب المائة في الربع الثالث من العام الماضي. مع كون الليرة في تراجع، يخشى خبراء الاقتصاد الآن من حدوث ركود.
وقف التراجع يقع على عاتق البنك المركزي المتعب، الذي يتعرض للضغط من قبل أردوغان لخفض أسعار الفائدة من أجل الانطلاق بالاقتصاد ومن قبل أسواق العملات التي تطالب برفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم ودعم الليرة.
من المقرر أن يعلن البنك عن قرار بشأن أسعار الفائدة في غضون أسبوعين. قال أردوغان يوم أمس إنه يملك "الأدوات اللازمة والقدرة لاتخاذ التدابير فيما يتعلق بهذا الشأن".
بعد ثلاثة أيام، من المتوقع أن تصدر وكالة فيتش قرارها بشأن التصنيف الائتماني لسندات تركيا السيادية. إذا قامت بتجريد تركيا من تصنيفها من الدرجة الاستثمارية الوحيدة المتبقية، من المتوقع أن تتعرض الليرة إلى المزيد من الألم. قال تنفيذي بارز في أحد المصارف، "الأسابيع المقبلة مهمة، لكن في الوقت الحالي، كل ساعة تبدو مهمة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES