صوت القانون

سرية الحسابات المصرفية وعمليات غسل الأموال

سرية الحسابات المصرفية وعمليات غسل الأموال

أشرنا في مقالنا السابق إلى أهمية نظام السرية المصرفية وتأثيره الإيجابي في الاقتصاد الوطني وذلك لما لهذه السرية من دور في دعم الثقة في الجهاز المصرفي ومن ثم توفير مناخ استثماري يسهم في تنمية الاقتصاد وإصلاحه. هذه السرية ليست مطلقة في كل تطبيقاتها، فكثيرا ما ترد عليها بعض الاستثناءات التي بموجبها تزول الأسباب الموجبة للسرية المصرفية ذلك أن هذه السرية أصبحت تتعارض مع مصالح عامة أو خاصة الأمر الذي يجعل هذه المصالح أولى بالرعاية من مصلحة العميل نفسه. لعل أبرز الاستثناءات الواردة على نظام السرية المصرفية هو الاستثناء المتعلق بعمليات غسل الأموال، حيث لا يمكن جعل نظام السرية المصرفية مانعا قانونيا يحول دون كشف حسابات أصحاب الدخول غير المشروعة الأمر الذي من شأنه المساهمة في استفحال عمليات غسل الأموال. تجرّم غالبية القوانين المحلية والدولية عمليات غسل الأموال باعتبارها أفعالا تهدف إلى تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة إجرامية إلى أموال تتمتع بمصدر قانوني سليم، وذلك عن طريق طمس المصدر الحقيقي لتلك الأموال وضخها من جديد في أنبوب الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية المشروعة. لذلك فإن هذه القوانين تجيز للمصارف تجاوز مبدأ السرية المصرفية في حالات الاشتباه بوجود غسل أموال، حيث يجوز للمصارف الإفصاح عن المعلومات المصرفية للزبائن وحساباتهم ومعاملاتهم وفق شروط قانونية محددة تختلف باختلاف قوانين كل دولة. فالتشريعات التي تأخذ بنظام السرية المطلقة للحسابات المصرفية مثل سويسرا ولوكسمبورج تتمسك بمبدأ السرية المصرفية حتى ولو ثبت وقوع عمليات غسل الأموال ولا تجيز الخروج عن المبدأ إلا في استثناءات ضيقة، بينما تعتبر فرنسا وبريطانيا أقل تشددا فيما يتعلق بالخروج على قواعد السرية المصرفية حيث يجوز للقضاء والدوائر المالية والجهات العامة مطالبة المصارف بالكشف عن المعلومات المصرفية للعملاء المشتبه في ارتباطهم بعمليات غسل أموال أو أي عمليات مالية مشبوهة. مستشار قانوني [email protected]

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من صوت القانون