Author

التنمر في المدارس

|

حاولت الولايات المتحدة لأعوام أن توجد مناخا إيجابيا عاما بين السكان، وكانت إشكالية النقل المدرسي للطلبة بين أحياء المدينة لإثبات حسن نيات الولايات، وعدم اعترافها بالتفرقة العنصرية التي كانت سائدة قبل وفي الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي. لكن الواقع كان مخيفا، فتحولت المدارس إلى ساحات عنف بسبب الاختلاف الإثني والمبدئي الذي كان يسيطر على مختلف مكونات المجتمع.
انتهت الإشكالية عندما أنهت كثير من الولايات عمليات نقل الطلبة بين الأحياء وحافظت على كل حي ومكوناته، حتى تكونت حالة من الفروق المجتمعية في المدن، لكنها في الوقت نفسه منعت كثيرا من الجرائم التي كانت مسيطرة كجرائم الاعتداء والمخدرات التي انتشرت في الستينيات الميلادية.
يحدثني ابني عن حالات التنمر التي يعانيها بعض الطلبة في المدارس التي يعمل فيها، وتلكم حالة أظنها ملازمة لعملية التعليم نفسها - أذكر أنه كان منتشرا عندما كنت تلميذا خصوصا في المدارس المتوسطة - ما يوجد حالة من المسؤولية المشتركة بين المنزل والمدرسة، بل ويضع كثيرا من المسؤولية على المدرسة للعمل على تحسين البيئة المدرسية ومتابعة العلاقة بين الطلبة والتعامل مع حالات الشذوذ فور مشاهدتها.
فمع التغيير الذي نشاهده في تكوين الطلبة الجسماني، وقدرتهم على التعامل مع الصعوبات التي يمثلها التنمر والتعدي اللذان يمكن أن يكونا من أطفال لا يعيشون في البيئة نفسها التي خرج منها الطفل، تعيش المدرسة حالة من الاستنفار اليومي ويواجه المعلمون والمرشدون صعوبات أكبر في المحافظة على علاقات إيجابية بين المكونات المختلفة في المدرسة.
يضع الأمر مسؤولية أكبر على الوزارة في مجالات تشمل، دعم عمليات التخصص في الإرشاد النفسي والاجتماعي والخاص بما يزيد أعداد العاملين في التخصصات أرقاما وشهادات وتخصصا. يؤدي هذا إلى إلغاء كثير من الأمور التي تعودت عليها إدارات المدارس وأهمها الحد من مسؤوليات وحقوق المشرفين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين. هنا لا بد من ملاحظة أن عدم تحقيق نجاحات مهمة في المجال سيؤدي في النهاية إلى خسائر مجتمعية كثيرة، فالعنصر غير الإيجابي في المجتمع وهو في مرحلة الدراسة قادر على التأثير في عدد أكبر من زملائه.
هذا يوجد مسؤولية مهمة لإيجاد مزيد من المدارس الإصلاحية التي ينقل إليها من يمكن أن يسيئوا لغيرهم لتكون وسيلة للتقويم السلوكي المباشر والسريع قبل أن يتحول مزيد من الطلبة إلى السلوك السلبي الذي يخسر معه المجتمع الاستفادة من إسهاماتهم في المستقبل.

إنشرها