default Author

التوزيع الرشيد للموارد الطبيعية

|

لا يعني التوزيع المباشر أننا لن نحتاج إلى مواجهة هذه القضايا على نحو مسبق. فرغم أن البعض يزعم أن تحويل عبء إدارة التقلبات إلى القطاع الخاص قد يؤدي إلى نتائج أفضل، لا تؤيد هذا الادعاء شواهد كثيرة. فكما أشرنا آنفا، تشير الدلائل المستمدة من تجربة الدول المتلقية لتحويلات المغتربين إلى أن الجزء الأكبر من التحويلات التي يتلقاها البلد يستخدم في الاستهلاك وليس في الادخار. ورغم أن إدارة القطاع العام للتقلبات في الدول الغنية بالموارد الطبيعية لم تكن فاعلة على الإطلاق، أشارت دراسة صادرة عن صندوق النقد الدولي عام 2012 إلى تحسن نظم الإدارة على ما يبدو مع تحول هذه الدول من سياسات أدت إلى تغيرات حادة في أسعار السلع الأولية بين عامي 1970 و1999 إلى سياسات محايدة بوجه عام خلال العقد الماضي.
ويمكن أن يكون للتوزيع المباشر للإيرادات تأثير حاد في توزيع الدخل. ففي غانا على سبيل المثال، تبلغ الإيرادات من الموارد الطبيعية نحو 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، في حين لا يحصل أفقر 10 في المائة من السكان سوى على 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ما يعني أن التوزيع المباشر على جميع الفئات السكانية سيؤدي إلى زيادة دخل هذه الفئة بنسبة 25 في المائة تقريبا. لكن توزيع الإيرادات سيحد من موارد الموازنة المتاحة لتوفير الخدمات العامة، ما قد يؤدي بدوره إلى تداعيات عكسية على توزيع الدخل.
ومن الآثار الأخرى الناتجة عن التوزيع المباشر للإيرادات تقليص حجم الحكومة بالطبع. فتحويل الإيرادات إلى القطاع الخاص قد يحد النفقات المهدرة في بعض الدول الغنية بالموارد، لكنه قد يؤدي في البعض الآخر إلى خفض الإنفاق العام إلى مستوى يهدد توفير البنية التحتية والسلع العامة الضرورية. ويبلغ متوسط إجمالي المصروفات في الدول الغنية بالموارد نحو 28 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو مستوى مقارب عموما لمستوى الإنفاق في الاقتصادات غير الغنية بالموارد. لكن توجد اختلافات ملحوظة في حجم الحكومة والقدرات المؤسسية بين الدول الغنية بالموارد. وهذه الآثار المحتملة في توزيع الدخل وتوفير السلع العامة تؤكد ضرورة البدء بآلية توزيع مباشر محدودة كما ذكرنا آنفا.
تلقى الآراء التي تربط بين التوزيع المباشر وزيادة المساءلة استحسانا كبيرا، لكن برامج التوزيع المباشر واسعة النطاق لم تجرب في أي بلد على مستوى العالم. ولا توجد شواهد كثيرة على مدى فاعلية توزيع جميع الإيرادات المتأتية من الموارد على السكان، لكن يوجد من الحجج ما يؤيد التوزيع المباشر لجزء بسيط من الإيرادات كما في حالة ألاسكا.
لكن حتى التوزيع الرشيد للموارد يجب أن يتم من خلال إطار مالية عامة ملائم ويكون على نطاق محدود للحد من مخاطر واردة للغاية قد تنجم عن توزيع الإيرادات، وتتمثل في تقويض القدرة على توفير الخدمات العامة الضرورية، أو انخفاض نسب المشاركة في القوة العاملة، أو تقويض القدرات الإدارية للحكومة.

إنشرها