Author

اقتصاد المعرفة

|

لا يختلف اثنان أننا نعيش الآن في عصر المعرفة، وذلك في ضوء التغيرات السريعة المتلاحقة، التي يشهدها العالم في مختلف المجالات وعلى جميع الأصعدة، تقود ذلك كله ثورة التكنولوجيا والمعلومات، فأصبح قدر الدول كافة إذا ما أرادت التقدم والمنافسة أن تعتمد على العقول للإبداع والابتكار، ولا تعتمد على مورد أو موارد قابلة للنضوب.. من هنا، جاءت الرؤية الثاقبة 2030 لتدعم الاقتصاد القائم على استثمار العقول البشرية والتنوع والإبداع.. وفي ظل هذه الرؤية الطموحة، فإنه يتعين على جميع القطاعات أن تعيد صياغة أهدافها لتتواكب مع التحول نحو المجتمع المعرفي.. وتحسن هنا الاستفادة من تجارب بعض الدول التي جل دخلها الوطني مبني على هذا النوع من الاقتصاد، لدرجة أنه يرتبط أحيانا اسم دولة ما بمجرد ذكر شركة معرفية متميزة، فمثلا إذا ذكرت شركة سامسونج تقفز إلى الذهن كوريا الجنوبية، وإذا ذكرت شركة أبل تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة وهكذا.. من هنا فإنه من الضروري الالتفاتة الجادة لدعم عمليات البحث والتطوير في مختلف القطاعات وسن التشريعات، التي تسهم في إيجاد بيئة علمية متميزة تمكن أصحاب العقول المبدعة من تحويل إنتاجهم الفكري إلى منتجات ملموسة، وكذلك حث الأجهزة الحكومية منها والخاصة على إيجاد معايير أداء محددة تكون قابلة للقياس والمتابعة.. إن اقتصاد المعرفة يحتاج إلى مجموعة من المتطلبات الرئيسة يأتي في مقدمتها تأسيس وتطوير رأس المال البشري من خلال توفير المناخ الملائم للإبداع بما في ذلك تحسين وتطوير القوانين المستخدمة ودعم انتشار ثقافة المجتمع التي تشجع الابتكار.. إنه لمن الواضح للعيان على مستوى دول العالم أن الاقتصاد المبني على المعرفة أخذ في تضييق الخناق على الاقتصاد التقليدي وأي دولة لا تلتفت لذلك سيتجاوزها الركب مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاقتصاد المعرفي هو اقتصاد وفرة وليس اقتصاد ندرة أو نضوب لأن الاقتصاد التقليدي قائم على مورد أو موارد تنضب من جراء الاستخدام على خلاف الاقتصاد المعرفي الذي يقوى ويشتد عوده بالتعلم والممارسة والاستخدام.. ولو أمعنا النظر لوجدنا أن مقومات نجاح تحول المملكة إلى الاقتصاد المعرفي قوية ولله الحمد إذ تتوافر لدينا الكفاءات العلمية والقدرات البشرية والكيانات التقنية والمعلوماتية، يدعم ذلك كله إيمان الدولة ورغبتها الواضحة في اقتصاد قوي يقوم على الابتكار والإبداع والمعرفة وهو ما نلمس بوادره القوية في الظهور.

إنشرها