Author

الطاقة المتجددة تعاني أيضا فيروس «كورونا»

|

بينما يقوم المحللون ومنظمات الطاقة الدولية بتقييم الآثار المترتبة على تفشي فيروس "كورونا" في الطلب العالمي على النفط، يبدو أن الأضرار التي لحقت بصناعة الطاقة العالمية تتجاوز قطاع النفط والغاز، حيث إن تقنيات الطاقة الخضراء الواعدة سريعة النمو وقطاعات الطاقة المتجددة تعاني أيضا تفشي المرض، بسبب تعطل النشاط الصناعي الصيني وتصنيع المكونات الأساسية لمنظومات الطاقة الشمسية، طاقة الرياح وصناعات بطاريات التخزين. مثلما أثر تراجع الطلب الصيني في النفط بالسوق العالمية، فإن التباطؤ الصيني في تصنيع مكونات الطاقة المتجددة له تأثير كبير في سلسلة التوريد العالمية لصناعات الطاقة المتجددة الرئيسة.
يبرز الوضع الحالي أهمية الصين المتزايدة في أسواق الطاقة العالمية على مدار العقدين الماضيين منذ اندلاع "سارس" - من قطاع النفط إلى قطاع تخزين البطاريات، جميع قطاعات الطاقة العالمية تعاني عندما تتأثر الصناعات التحويلية والطلب على النفط في الصين.
ففي قطاع الطاقة الشمسية، أدى إغلاق المصانع وتعطل الإنتاج في جميع أنحاء الصين إلى تأخير صادرات الألواح الشمسية والمكونات الأخرى، ما عطل سلسلة الإمدادات في صناعات الطاقة الشمسية وأثر في مشاريع الطاقة الشمسية في آسيا وأستراليا. في هذا الجانب، قالت إحدى شركات S&P Global ، في بداية الأسبوع الماضي، إن تعطل سلسلة إمدادات الطاقة الشمسية قد يكلف الصناعة نحو 2.24 مليار من مشاريع الطاقة الشمسية في الهند وحدها، التي تعتمد على الصين في 80 في المائة من الوحدات الشمسية التي تستخدمها. وأشارت الشركة إلى أن ما مجموعه ثلاث جيجا واط من مشاريع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء الهند قد تتعرض للتأخير وتجاوز التكاليف، بما في ذلك فرض غرامات تأخيره.
من جانب آخر قال كبير محللي أبحاث نقل الطاقة في "وود ماكنزي"، إذا استمرت انقطاعات الإنتاج الرئيسة في الصين لفترة أطول من شهر واحد، ستبدأ مصانع وحدات الطاقة الشمسية في جنوب شرق آسيا والولايات المتحدة في معاناة نقص الإمدادات، ما من شأنه أن يقلل إنتاجها. ويضيف كبير محللي "وود ماكنزي"، لم تسلم أيضا صناعة طاقة الرياح من تداعيات انتشار فيروس "كورونا". حيث ستؤدي اضطرابات الإنتاج المرتبطة بتفشي المرض إلى خفض بناء منشآت طاقة الرياح في الصين بنسبة تراوح بين 10 و 50 في المائة هذا العام، وهذا يتوقف على مدى احتواء انتشار المرض وعودة الإنتاج إلى طبيعته، ونوه إلى أن التوقعات ما قبل الفيروس قدرت طاقة منشآت طاقة الرياح الجديدة بنحو 28 جيجا واط.
خارج الصين، الأسواق التي ستكون أكثر عرضة للتأثر – وبالتالي تتعرض لأكبر المخاطر – هي في الولايات المتحدة، وفقا للمصدر نفسه. حيث تستورد صناعة الرياح الأمريكية مكونات من الصين وهي في عجلة من أمرها لتركيب مشاريع طاقة الرياح بحلول نهاية عام 2020 للحفاظ على الإعانات الفيدرالية. في هذا الصدد، تم تحديد منشآت بطاقة 6 جيجا واط التي تستهدف بدء التشغيل التجاري لها في عام 2020 ، إلا أنها معرضة للخطر الآن بعد اندلاع المرض، هذه المشاريع تتطلب إعفاءات من إيرادات الخدمات الداخلية للحفاظ على الوصول إلى قيمة 100 في المائة من ائتمان ضريبة الإنتاج، من المحتمل أن يرتفع عدد هذه المنشآت الآن. أخيرا وليس آخرا، يؤدي تفشي فيروس "كورونا" إلى كبح جماح تصنيع خلايا البطاريات في الصين، حيث يؤثر الاضطراب بالفعل في الإنتاج وفي سلسلة التوريد. في هذا الجانب يتوقع "وود ماكنزي" أن يتقلص إنتاج خلايا البطاريات في الصين بنسبة 10 في المائة، أي بنحو 26 جيجا واط - ساعة، هذا العام، ومن الممكن حدوث مزيد من التأخير وتعطل الإنتاج إذا استمر تباطؤ المصانع وقيود السفر مطبقة لفترة أطول. ووفقا للمصدر نفسه، فإن الـ26 جيجا واط - ساعة المتوقعة من الإنتاج المفقود تمثل 7 في المائة من الطاقة الإنتاجية العالمية. إن انخفاض إنتاج البطاريات الصينية لن يؤثر فقط في أسواق السيارات الكهربائية العالمية وأسواق تخزين الطاقة، ولكنه قد يتحدى أيضا التوجه العام بأن السيارات الكهربائية ومشاريع تخزين الشبكة ستستفيد من انخفاض أسعار البطارية بشكل مستمر.
استنادا إلى الوقت الذي قد تتمكن فيه الصين من احتواء تفشي المرض وعودة صناعة تقنيات الطاقة المتجددة إلى نشاطها الطبيعي لما قبل فيروس "كورونا"، يمكن أن تتأثر صناعات طاقة الرياح، الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات العالمية ما بين بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر حتى منتصف هذا العام.
ولكن بغض النظر عن مدى تأثير فيروس "كورونا"، فقد ارتفع الطلب على الصناعات التحويلية والطلب على الطاقة في الصين بشكل كبير على مدار العقد الماضي أو العقدين الماضيين، بحيث إن أي اضطراب كبير في قطاع الطاقة أو الصناعة الصيني قد يتسبب في صدمة في أسواق الطاقة العالمية.

إنشرها