Author

برنامج استدامة الطلب على البترول .. خطوة بألف خطوة «1»

|
مختص في شؤون الطاقة


الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات ومن أدق التعريفات التي قرأتها عن الاستدامة أنها "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة"، حيث إن تطبيق هذا المبدأ المهم والاستراتيجي بفاعلية في أي قطاع أو جهة بلا شك دليل على بعد النظر وحصافة الفكر وتحمل المسؤولية تجاه الأجيال المقبلة. أعتقد جازما أن "رؤية السعودية 2030" التي أرسى قواعدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أصبحت مثالا يحتذى به ويشار إليه بالبنان في حرص حكومتنا الرشيدة على أهمية تطبيق هذا المبدأ الاستراتيجي وعمل كل ما يمكن بلا هوادة لتحقيقه، وما الأرقام -وليس أصدق من لغة الأرقام- إلا خير دليل على ذلك. قبيل أيام أعلن الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة خلال مؤتمر "سابك 2020" عن "برنامج استدامة الطلب على البترول"، فماذا يعني ذلك؟ وما أهدافه؟ بداية أود أن أوضح أن هناك لبسا لدى البعض حول الفرق بين انخفاض الطلب على النفط وانخفاض "نمو" الطلب على النفط، الطلب على النفط حاليا 102 مليون برميل يوميا، ومرشح أن يتجاوز هذا الرقم بنهاية العام الحالي. هذا لا يعني أن ينخفض الطلب في المستقبل، لكن قد ينخفض "نمو" الطلب، ولتوضيح الصورة للقارئ الكريم حول الفرق بينهما، لو افترضنا أن استهلاك النفط العالمي سيزداد سنويا بما يقارب 750 ألف برميل، هذا يعني أن النمو على الطلب قد انخفض، بينما الطلب في ازدياد مستمر. أعتقد أن الأوضاع الاقتصادية العالمية وعلى رأسها اقتصاد الصين التي تعاني الأمرين بسبب الحرب التجارية وتبعات تفشي فيروس كورونا، أعتقد أنها أسباب مقنعة لتشاؤم البعض فيما يخص انخفاض النمو على الطلب النفطي، لكن للأسف استغلت بعض الجهات خصوصا التي لا تملك النفط هذه الأحداث وتداولاتها وعززتها ولبست على "بعض" المتلقين أن عصر النفط قد أفل، وهذا طرح غير صحيح وغير علمي. خصصت مجموعة من المقالات عن النفط واستخداماته ومستقبله بنظرة المحايد لعل القارئ الكريم يعود إليها ومنها مقالان أحدهما يحمل عنوان: "النفط ليس حكرا على الطاقة"، ويحمل المقال الآخر عنوان " الطاقة ليست حكرا على النفط" فصلت فيهما استخدامات النفط المختلفة ومصادر الطاقة العالمية المختلفة حاليا والمتوقعة مستقبلا بناء على دراسات موثوقة من جهات ومراكز يعتد بها وبمهنيتها. ولمعرفة صناع القرار لدينا القناعة التامة بهذا المبدأ وأعني هنا أن النفط ليس حكرا على الطاقة، وانبثق هذا البرنامج المميز والنوعي لاستدامة الطلب على البترول، وهو برنامج استراتيجي من الأهمية بمكان أن نسلط عليه الضوء بالتفصيل ونوضح أهدافه ومخرجاته وثماره المتوقعة -بإذن الله- التي تتسق مع أهداف "رؤية السعودية 2030". برنامج استدامة الطلب على البترول يعمل على تحقيق هدف استراتيجي وهو التكامل بين صناعة البترول والمصافي مع صناعة البتروكيماويات وهو تكامل حقيقي لصناعة المنبع والمصب وما بينهما، ما سيولد عائدا أعلى من الاستثمارات والأصول الموجودة في المملكة. نكمل ما بدأناه في المقالات المقبلة.

إنشرها