default Author

تعزيز صحة القوة العاملة والنمو الاقتصادي «2 من 2»

|


من المتوقع أن تزداد الأمراض المزمنة وغير المعدية بحلول عام 2030، على الرغم من تغير أنماط الحياة، وزيادة عدد المسنين بين السكان، والزحف العمراني المتنامي. وحيث إن هذه الدول تشهد تغيرات في النمو الاقتصادي والنظام الغذائي، تزداد الإغراءات أمام الناس لاستهلاك أطعمة غير صحية والتراجع في ممارسة الرياضة.
"إن الحد من زيادة الوزن والسمنة منفعة عامة عالمية. وستسهم معالجة هذه القضية بشكل استباقي إسهاما ملموسا في بناء رأس المال البشري، وضمان ارتفاع النمو الاقتصادي، والحفاظ على قوة عاملة تتمتع بالصحة ومؤهلة لمستقبل مثمر".
لم يتبق سوى عشرة أعوام على الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، لذلك يقوم المجتمع الدولي، بما في ذلك البنك الدولي، بتكثيف جهوده لمعالجة تزايد الأمراض غير المعدية.
ومن أجل حماية الأجيال المقبلة، ينبغي للحكومات وشركاء التنمية اعتماد نهج شامل قائم على أنظمة أقوى للرعاية الصحية الأولية مع التركيز على التدابير الوقائية.
يساعد البنك الدولي الحكومات على تدعيم أنظمة الرعاية الصحية وبناء القدرات لتحديد عوامل الخطر ومعالجتها. ومن خلال المساندة المالية والمشورة في مجال السياسة العامة والمساعدة الفنية، يستجيب البنك الدولي لطلب مختلف الدول للحفاظ على صحة القوة العاملة وبناء رأسمال بشري.
فقد قررت مصر القضاء على المخاطر المتنامية من الأمراض غير المعدية بتطبيق مجموعة من المبادرات الرامية إلى حماية صحة المواطنين وإعادة توجيه النظام الصحي نحو تقديم رعاية صحية شاملة منصفة وأعلى جودة. وبدأت الدولة التأمين الصحي الشامل مع تحسين جودة الرعاية الصحية في المستشفيات العامة واستهدفت بعض الأمراض المحددة بوصفها أولويات وطنية.
وبمساندة من البنك الدولي، بدأت مصر حملة "100 مليون صحة" في جميع أنحاء البلاد، وذلك للمساعدة على فحص التهاب الكبد الوبائي وعوامل الخطر في الإصابة بالأمراض غير المعدية "مثل زيادة الوزن أو السمنة ومرض السكري وضغط الدم".
وفي الأرجنتين، طلبت الحكومة مساعدة من البنك الدولي لتحسين قدرات المنشآت الصحية العامة كي تقدم خدمات عالية الجودة وحماية الأشخاص الأكثر ضعفا من عوامل خطر الأمراض غير المعدية المنتشرة. وبين عامي 2015 و2019، أدى المشروع إلى توسيع نطاق التغطية للوقاية من الأمراض والتشخيص والعلاج، ويشمل الآن اختبار وعلاج السل والدم الآمن ومكافحة الأمراض غير المعدية والمتعلقة بنمط الحياة.
التعلم من الأمثلة القُطرية الناجحة، أيضا حدد البنك الدولي سلسلة من الإجراءات التدخلية الواعدة مثل الإلزام بوضع بطاقات بيانات المنتج على الأغذية المصنعة؛ وزيادة توعية المستهلك؛ وإعداد سياسات مالية قوية، مثل فرض الضرائب على الأطعمة غير الصحية؛ والاستثمار في برامج التغذية في مرحلة الطفولة المبكرة؛ وتحسين تصاميم المدن، مثل الملاعب في المدارس ومسارات المشي والدراجات.
في تونجا، استحدثت الحكومة نظام "ضرائب الصحة" الذي يهدف بشكل أساسي إلى تثبيط الإنفاق وخفض استهلاك المنتجات غير الصحية، مثل التبغ والكحول والمشروبات السكرية. وطلبت تونجا من البنك الدولي تقييم فعالية هذه السياسة المالية التي تضمنت، بشكل عام، إجراء تغييرات إيجابية في عادات الاستهلاك والإنفاق لدى المواطنين حالما يتم فرض الضرائب. وفي بيرو، هذه الدولة المعروفة بأنها تمكنت من خفض انتشار التقزم بين الأطفال "انخفاض الطول بالنسبة للعمر" أكثر من النصف، خلال عقد واحد، بين عامي 2008 و2016، تعيد الحكومة تصميم الخدمات الصحية في البلاد للتعامل مع الأمراض المزمنة. وسيوفر مشروع الشبكة الصحية المتكاملة الجديد الذي يموله البنك الدولي المساندة لأكثر من 20 مليون شخص لا يتمتعون بتغطية تأمينية للرعاية الصحية العامة أو الخاصة.
سيركز هذا النموذج الجديد من الرعاية على كل مواطن من مواطني بيرو طوال حياته ويتيح استمرارية الرعاية لتشمل الوقاية في العيادات الخارجية ومكافحة الأمراض وعلاج الأمراض المزمنة ورعاية البالغين.
كما وجدت بعض الدول طرقا أبسط لعلاجهم بإجراء تعديلات على نمط الحياة من خلال التغذية السليمة. ففي ولاية كيرالا جنوب الهند، يعمل البنك الدولي مع الحكومة على توعية المواطنين ومنتجي الأغذية. والهدف من ذلك هو تقليل الدهون غير المشبعة "الدهون المتحولة" والملح في الأطعمة التجارية، وخاصة ما يتم إنتاجه في المخابز والمطاعم والأطعمة التي يتم قليها وذلك عن طريق توعيتهم بالآثار الضارة للزيوت التي تحتوي على دهون متحولة والبدائل الأفضل لها.
وتشمل التدابير الأخرى استخدام الرعاية الصحية الأولية كنقطة دخول مهمة للأفراد في النظام الصحي لتحسين قدرة أي دولة على إدارة عبء الأمراض المزمنة.
ففي طاجيكستان، على سبيل المثال، يعد مرض نقص تروية القلب أحد الأسباب الرئيسة للوفاة. ويساند البنك الدولي الحكومة لتحسين نطاق التغطية وجودة خدمات الصحة الأولية الأساسية في المنشآت الصحية الريفية لضمان جودة الفحص المبكر.
وإلى جانب الأمراض غير المعدية المرتبطة بالوزن الزائد والسمنة، فإن أنواع السرطان المختلفة ستكون واحدة من أهم ثلاثة أسباب للوفاة المبكرة بحلول عام 2030، مع أكثر من 22 مليون حالة جديدة من حالات الإصابة بالسرطان ونحو 13 مليون وفاة مرتبطة بالسرطان في جميع أنحاء العالم. وسيحدث أكثر من نصف الحالات الجديدة وثلثي الوفيات الناجمة عن السرطان في المنخفضة أو المتوسطة الدخل.
لتعزيز قدرات وزارات الصحة على إنتاج إحصائيات موثوق بها عن السرطان، ساعد البنك الدولي على إنشاء برنامج إقليمي لسجلات السرطان في خمس دول من شرق إفريقيا "بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا" عام 2017 وذلك لإثراء سياسات وبرامج الوقاية من السرطان ومكافحته.
يتطلب تحقيق تقدم في نتائج رأس المال البشري ألا تهمل الدول المختلفة بعد الآن الأمراض غير المعدية، ولا أحد العوامل الكامنة وراءها، وهو السمنة.
ففي حين أن بعض الدول بدأ بالفعل في معالجة هذه القضية، فإن هذا سيتطلب نهج الحكومة بأكملها والمجتمع بأكمله، حيث يعمل في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وأيضا المناخ والحضر والنقل، بما في ذلك من خلال القطاع الخاص، وتخصيص موارد كافية لحماية الأجيال المقبلة. لقد حان وقت العمل.

إنشرها