FINANCIAL TIMES

«كامبريدج» قلقة من تداعيات الصراع التكنولوجي الأمريكي - الصيني

«كامبريدج» قلقة من تداعيات الصراع التكنولوجي الأمريكي - الصيني

المعركة من أجل التفوق التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة تهدد بإلحاق أضرار بسمعة "كامبريدج" المتنامية باعتبارها مركزا عالميا للابتكار، حسبما حذر خبراء، في وقت تخضع فيه الجامعات البريطانية وغيرها من الجامعات الغربية إلى مزيد من التدقيق بسبب علاقتها ببكين.
"الخطر هو أن نجد أنفسنا عالقين بين قوتين عالميتين، نحاول استرضاء كليهما"، حسبما قالت أليكسي درو، باحثة مشاركة في مركز دراسات العلوم والأمن في جامعة كينجز كوليدج لندن.
كثير من الجامعات البريطانية اجتذب اهتمام المؤسسات الصينية التي تستفيد من البحث والتطوير في التكنولوجيات المتنوعة، بما في ذلك بعض التطبيقات العسكرية والأمنية.
"كامبريدج" حيث يعمل الأكاديميون وأصحاب المشاريع منذ فترة طويلة على رعاية تبادل ديناميكي بين عالم الشركات والأوساط الأكاديمية، تحظى بجاذبية فريدة، سواء بالنسبة للأجانب أو صناع السياسة البريطانيون الذين يسعون إلى تعزيز الأصول الوطنية على الساحة العالمية.
التطورات العلمية التي تحققت في المدينة شقت طريقها إلى عدد من أفضل الأدوية مبيعا في العالم وتقريبا كل الهواتف المحمولة، من خلال شركة أيه آر إم القابضة لأشباه الموصلات.
قال خبير في الشؤون الأمريكية-الصينية يعمل في شركة تكنولوجية ناشئة، طلب عدم الكشف عن اسمه: "بالنسبة للصينيين والأمريكيين "كامبريدج" تعد محطة رصد. إنها مركز نشط حقا لتطورات الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة وأشياء أخرى ليست متاحة للعامة حتى الآن، لكنها موجودة في مختبرات كامبريدج وفروع جانبية متكتمة".
هناك فرصة واضحة وراء هذا الاهتمام. لكن ثمة تعقيدات أيضا في وقت يزداد فيه التوتر بين القوتين العظميين ويزداد التركيز على مشاركة الدولة الصينية الواسعة في الأبحاث الجامعية الغربية وتورطها السابق في سرقة الملكية الفكرية.
أبرز مظاهر هذه التوترات هو قرار بريطانيا المثير للجدل السماح لشركة هواوي الصينية لأجهزة الاتصالات بأن تلعب دورا في بناء شبكات الجيل الخامس في المملكة المتحدة مستقبلا رغم ضغوط واشنطن لمنع التعامل مع الشركة.
في مرحلة ما جامعة كامبريدج وسلسلة مترابطة من البحوث والاستثمارات التي تربط العلماء البريطانيين والصينيين وكليات الجامعة وشركات يمكن أن تعلق، مستقبلا، في حالات ملتوية مماثلة. كيري براون، أستاذ الدراسات الصينية في معهد لاو تشاينا، قال: "إذا سارت الأمور على هذا النحو، فإن الجامعة يمكن أن يتم إقحامها في ذلك بسرعة كبيرة".
ظاهريا، كثير من نجوم "كامبريدج" البارزين يجدون أمورا كثيرة تستحق الإعجاب في انجذاب الصينيين إلى مدينتهم.
تشو زيمو، الشاعر الصيني الشهير الذي درس في كلية كينجز في عشرينيات القرن الماضي أضفى طابعا رومانسيا على المدينة الجامعية -و"التدفق اللطيف لنهر كام"- لأجيال في الصين مع قصيدته "في وداع كامبريدج"On Leaving Cambridge.
بعد قرن من الزمان، توافد السياح الصينيون إلى المدينة من أجل زيارة حديقة تذكارية مخصصة للشاعر من بين مناطق جذب أخرى. المدينة تضم نسبيا أكبر عدد من السكان الصينيين، نحو 4 في المائة مقارنة بأي مدينة بريطانية أخرى.
كانت هناك أيضا سلسلة من عمليات الاستحواذ البارزة، إضافة إلى تدفق الأموال الصينية في مشاريع بحث، بما في ذلك حديقة علمية جديدة خارج المدينة. من بين المشاريع التعاونية البحثية الرئيسة تعاون مع جامعة تسينجهوا في بكين، يجلب ملايين الدولارات من التمويل.
تشارلز كوتون الذي شارك في تأليف كتاب "ظاهرة كامبريدج"، الذي يرسم نجاح المدينة في تنظيم المشاريع منذ أكثر من 50 عاما، قال: "في الماضي كان عليك الذهاب إلى الولايات المتحدة ليكبر المشروع. الآن أصبحت الصين خيارا".
كامبريدج لم تفتقر قط إلى وجود شركات ناشئة. ما تفتقر إليه في كثير من الأحيان هو القدرة على التوسع، بحسب هيرمان هاوزر، رئيس مجلس إدارة شركة أماديوس كابيتال وأحد عباقرة شركة أيه آر إم. من هذا المنطلق يعد الصينيون مثلهم مثل الأمريكيين، في وضع مثالي للمساعدة. قال هاوزر: "نحن بحاجة إلى أن نكون قريبين من "تينسنت"، و"علي بابا"، و"هواوي" بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع "مايكروسوفت" و"أبل" و"جوجل".
لكن الأمريكيين ليسوا وحدهم الذين يرون خطرا في طموحات بريطانيا الرامية إلى التوجه شرقا وغربا في آن معا. خبراء الشؤون الصينية في المملكة المتحدة يشعرون بقلق متزايد من تطور العلاقات بين مدن الجامعات البريطانية والصين.
تشارلز بارتون، الدبلوماسي البريطاني السابق الذي عمل أعوما في الصين وهو خبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جادل بأنه أولا لا بد أن يكون هناك تمييز واضح بين ما يشكل التأثير وما الذي يشكل تدخلا. "المسألة برمتها فيما يتعلق بالتدخل الصيني، من ناحية التكنولوجيا العسكرية ذات الاستخدام الثنائي، هي مسألة حيوية للغاية وعلى المملكة المتحدة أن تستوعب هذا الأمر".
ماثيو هندرسون، دبلوماسي آخر في المملكة المتحدة لديه أعوام من الخبرة في آسيا ومدير دراسات آسيا في جمعية هنري جاكسون، يسترسل أبعد من ذلك. قال إن الصينيين سمح لهم بأن يحظوا بموطئ قدم هائل في واحدة من أكثر الأصول الوطنية البريطانية قيمة، مع قليل من التدقيق في نواياهم. "فعليا، ليس لدينا دفاعات حول حصننا. كل الحدود تم اختراقها".
أحد مسؤولي وزارة الخارجية اعترف بمدى حساسية المعايرة في وقت كانت فيه واشنطن ترى بشكل متزايد أن المنافسة من أجل التفوق التكنولوجي هي "لعبة محصلتها صفر". قال: "ليس من السهل بالنسبة لنا أن نتعامل مع ذلك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES