Author

تحديات حكومات المستقبل عالميا

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


المواطنة الرقمية من أبرز سمات المستقبل القريب؛ لأن العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص والأفراد ستكون على أسس وقواعد العالم الافتراضي الجديد في مشهد يجمع البشر والاقتصاد والآلات معا؛ فالنماذج الحكومية المحتملة في المستقبل ستعتمد على التشاركية الشديدة في تبادل المنافع الاقتصادية والاستثمارية، وسينعكس ذلك بشكل إيجابي على مسائل العدالة ومعالجة فجوة الفرص، كما أن الحكومات ستركز على الانتقال من قياس الرضا إلى قياس السعادة للخدمات الحكومية وجودة الحياة.
التأثيرات الناتجة عن تفاعل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والديموغرافية في حكومات المستقبل، كلها تحديات كبرى تجعل المفكرين الاقتصاديين مطالبين بأدوات جديدة لإدارة الاقتصاد، فعلى سبيل المثال العملات المشفرة الرقمية أصبحت أمرا واقعا أمام صناع السياسات النقدية في البنوك المركزية، وما سيتبعها من ضعف السيطرة على الاقتصاد إذا ما اكتسبت الثقة والقبول بين الشركات والمستهلكين عبر الحدود، كما أن الأمر يصبح أكثر ضبابية وتعقيدا إذا لم تتوافق دول مجموعة العشرين على سياسات جديدة موحدة لإدارة اقتصاد المستقبل.
أما في الدول الأقل نمو فإن الفجوة الرقمية ستجعل الحكومات أمام مصاعب في زيادة ارتباط أسواقها مع العالم الخارجي وبقاء الشعوب على مستوى عال من المهارات التي تسهم في تقدم الاقتصاد؛ فالاستثمار في حكومات المستقبل تقنيا مكلف من حيث الإنفاق الرأسمالي، وهذا ما لا تطيقه معظم الدول الإفريقية على سبيل المثال؛ لذا قد نرى مبادرات وتوجيهات "صندوق النقد والبنك الدوليين أكثر تركيزا على معالجة فجوتي العوز الرقمي والمهارات في تلك الدول؛ لأن تلك العناصر ستكون ذات أهمية في النمو الاقتصادي والتنمية والاستدامة، خصوصا في جانبي التعليم والصحة، لأن التعليم سيكون مدى الحياة، كما أن النقل سيكون أسرع؛ بسبب استخدام التكنولوجيا وبتكلفة أقل؛ وهذا يفرض أن تكون صحة وسلامة المسافرين أمرا ملزما على المستوى العالمي لمنع حدوث أي أوبئة عابرة للحدود، كما أن أي كوارث صحية قد تلحق بقطر معين في العالم ستكون مؤثرة في الأسواق، ولا سيما إذا ما كانت تلك المنطقة ذات تأثير في الاقتصاد العالمي.
أما على المستوى الفردي فإن التشاركية الاقتصادية في الإبداع والابتكار، ستزيد السعادة الفردية نتيجة زيادة كفاءة استخدام الموارد المالية والأصول بشكل تشاركي موسع بين جميع الطبقات الاجتماعية المختلفة.
حاليا وأكثر من أي وقت مضى، يعد استخدام التكنولوجيا من الأمور المقلقة للحكومات عند استخدامها لأهداف سياسية من دول أو مجموعات معادية؛ لذا ستأخذ حكومات المستقبل مراقبة الاتجاهات الاجتماعية حيزا كبيرا من أعمالها، كما أن تحليل البيانات الضخمة سيركز على مراقبة الاتجاهات كأمر حتمي لضمان سلامة الأمن الوطني والقومي.
أخيرا، التحديات موجودة يوميا في حياتنا ولا يجب أن نقلق بقدر ما يجب أن نستعد للمستقبل بمزيد من المهارات والاستثمار في القوى البشرية الوطنية.

إنشرها