FINANCIAL TIMES

شركات المدفوعات تتوحد من أجل البقاء .. تخشى عمالقة التكنولوجيا

شركات المدفوعات تتوحد من أجل البقاء .. تخشى عمالقة التكنولوجيا

إما الاتحاد وإما الموت. يبدو أن هذا هو شعار صناعة خدمات المدفوعات، التي تتكامل بشكل رأسي وأفقي وجغرافي وبسرعة. جاء أحدث اندماج الأسبوع الماضي، عندما وافقت "ويرلدلاين" على شراء شركة إينجنيكو Ingenico مقابل 7.8 مليار دولار، ما يشكل أكبر شركة مدفوعات أوروبية في قطاع تهيمن عليه الشركات العملاقة في الولايات المتحدة.
مثل عمليات الاندماج السابقة، عملت هذه على ضم شركتين لديهما نقاط قوة في أجزاء مختلفة من سلسلة القيمة في قطاع المدفوعات. شركة ويرلدلاين هي الأقوى في برامج الدفع للتجار، بينما تتخصص شركة إينجنيكو - التي بقيت منذ فترة طويلة هدفا للاستحواذ - في الأجهزة التجارية والمعاملات عبر الإنترنت.
يأتي هذا الدمج في أعقاب سلسلة من عمليات الاندماج في المدفوعات خلال الأعوام القليلة الماضية ، شملت استحواذ FIS على شركة ويرلدباي Worldpay مقابل 43 مليار دولار، وشراء "فيسيرف" Fiserv شركة فيرست ديتا First Data مقابل 39 مليار دولار، وصفقة "جلوبال بايمنتس" Global Payments التي دفعت 21.5 مليار دولار ثمنا لشركة TSYS؛ وسلسلة من الصفقات الصغيرة الأخرى. كل هذه الشركات تساعد التجار على قبول المدفوعات داخل المتجر، أو عبر الإنترنت، وتوجيههم عبر شبكات بطاقات الائتمان أو السماح للبنوك بقبول المدفوعات من تلك الشبكات - أو بعد الدمج، من الطرفين.
هناك عدد من العوامل التي تجعل منطق التوحيد مقنعا في صناعة المدفوعات التي كانت في يوم من الأيام صناعة نائمة، لكنها ظهرت في الأعوام القليلة الماضية باعتبارها واحدة من أكثر مصادر النمو إثارة في قطاع التمويل. مثل عديد من شركات القطاع، التكاليف الثابتة - أي استثمارات التكنولوجيا المطلوبة - مرتفعة، في حين أن التكاليف الهامشية لمعالجة مزيد من المعاملات لا تكاد تذكر. تتمتع الشركات التي تتعامل مع كثير من المدفوعات بهوامش أعلى، ويمكنها إعادة استثمار الأرباح في تكنولوجيا أفضل لتوسيع ميزتها على منافسيها الأصغر.
قال أحد المصرفيين الاستثماريين الذي عمل على عدد من صفقات المدفوعات الأوروبية: "عليك أن تفعل (الصفقات) لأن حجم الاستثمار اللازم لمواكبة الأمر سيجعلك غير مربح بخلاف ذلك. إذا لم تستثمر ستكون خارج السوق قريبا جدا".
دارين بيلر، محلل المدفوعات في شركة وولف للأبحاث، لاحظ أن الشركات تتعرض أيضا لضغوط من أجل الوصول بشكل أفضل إلى التجار الأصغر في مختلف الصناعات والأسواق، حيث أصبح توفير الخدمات لأكبر شركات التجزئة يتخذ طابع السلع على نحو متزايد.
قال: "خدمات القيمة المضافة والبرامج مهمة للشركات الصغيرة. عمليات الاندماج هذه تمكن الشركات التي لديها عرض واحد من تقديم ثلاثة أو أربعة عروض إلى شركة صغيرة، والشركات الصغيرة تدفع أكثر مقابل كل معاملة".
أكبر عامل دافع في موجة المعاملات التي عززت ثلاثة أعوام متتالية من الصفقات القياسية في هذا القطاع قد يكون الحجم الضخم للأموال الموجودة على المحك. من شبه المستحيل إزاحة الشركات التي أنشأت مراكز احتكارية في قلب شبكات المدفوعات. فهي تستفيد من اتجاه عالمي متمثل في انتقال المستهلكين من النقد إلى المدفوعات الإلكترونية، مدفوعا في كل مكان بالهواتف الذكية وصعود التسوق عبر الإنترنت.
المثال الثنائي لشبكة بطاقة فيزا ماستركارد هو الأخير على ذلك. نمت إيرادات الشركتين بمعدلات سنوية مكونة من خانتين على مدار العقد الماضي، وتتمتع أسهمهما، وهي من أكثر الأسهم تداولا في وول ستريت، بتقييمات عالية للغاية. يتم تداول أسهم كلتا الشبكتين بمعدل سعر إلى الربح بأكثر من 30، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف تصنيف "جيه بي مورجان"، أفضل البنوك أداء.
لدى FIS و"فيسيرف" و"ويرلدباي" معدلات سعر إلى الربح في العشرينات، لكنها تسعى إلى الارتفاع. قال جيف سلون، الرئيس التنفيذي لشركة جلوبال بايمنتس، إن صفقة TSYS جعلت شركته "نوعا من شركة فيزا أو ماستركارد صغيرة".
هذا يعني أن هناك بلا شك مزيد من الصفقات المقبلة، ولا سيما في أوروبا، حيث لا تزال الصناعة مجزأة.
شركة نيكسي الإيطالية، التي أسستها في الأصل مجموعة من البنوك الإيطالية قبل بيعها إلى مجموعتي الأسهم الخاصة "أدفنت" و"باين"، أدرجت أسهمها العام الماضي واشترت منذ فترة شركة مدفوعات أخرى من "إنتسا سانبالو". وتم ربطها مع نظيرتها الإيطالية Sia، كما تشارك مستثمريها الرئيسيين مع Nets، التي تنشط في جميع أنحاء المنطقة الاسكندنافية وألمانيا.
يمكن لمجموعات أوروبية أخرى، بما في ذلك "أدين" Adyen، الوافد الجديد الهولندي، أن تلعب دورا في التوحيد، وفقا لمطلعي الصناعة.
كذلك توحيد الشركات الأمريكية لم ينته بعد. قال سلون: "الآن أصبح تكامل TSYS في حالة جيدة، ولدينا في الطريق مجموعة كاملة من الصفقات التي ننظر إليها - مع اقترابنا من الربيع والصيف، أتوقع أن أرى مزيدا من النشاط".
من الصعب أن نرى ما الذي يمنع الصناعة من الاندماج في مجموعة صغيرة من اللاعبين الأقوياء. من شأن التباطؤ الاقتصادي الواسع النطاق أن يؤذي وتيرة النمو، لكن التنفيذيين واثقون بأن أحجام المعاملات ستستمر في الارتفاع بفضل التحول الهيكلي عن المدفوعات النقدية.
يواجه المختصون أيضا منافسة متجددة من البنوك - التي اعتادت الهيمنة على القطاع - حيث يستثمر أمثال "رويال بانك أوف سكوتلاند" و"سانتاندر" و"بانك أوف أمريكا" في هذا المجال.
قال سلون إن البنوك يمكن أن تستفيد "في أسواق معينة" تكمل خدماتها المصرفية للشركات القائمة، لكنه قال إن التنافس مع المختصين الدوليين مثل "جلوبال بايمنتس" أمامه "عائق أعلى بكثير".
هناك خوف أكبر، مألوف في مختلف أنحاء القطاع المالي، وهو التعدي من قبل منصات التكنولوجيا الرئيسية. حولت "تنسنت" و"آنت فاينانشيال" منذ فترة مدفوعاتها في الصين، في حين أن مجموعات أمريكية مثل "جوجل" و"أمازون" تتحول بشكل متزايد إلى الخدمات المالية.
حتى الآن، اقتصرت مبادرات المجموعات الصينية في أوروبا والولايات المتحدة على توفير الخدمات للسياح الصينيين. في الوقت نفسه، كان المسؤولون التنفيذيون يأملون في تنفير عمالقة التكنولوجيا الغربيين بسبب اللوائح الثقيلة التي تأتي مع تشغيل شبكات المدفوعات.
مع ذلك، يعتقد بعضهم أن التهديد الحقيقي لهذه الشركات هو أمثال "أمازون" و"جوجل" و"أبل".
قال مصرفي الاستثمار الأوروبي: "شركات المدفوعات في منطقة بين فيزا وماستركارد - اللتين تملكان النظم - والمستهلك النهائي. إذا قررت أبل صباح غد أن تقول ’لم أعد مضطرة إلى الذهاب إلى شركات الدفع هذه بعد الآن‘، فهذا هو الذي سيؤذي هؤلاء الأشخاص حقا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES