FINANCIAL TIMES

بعد «كورونا» .. البحث عن الأسهم الصاعدة لن يكون سهلا

بعد «كورونا» .. البحث عن الأسهم الصاعدة لن يكون سهلا

تفشي سارس في عام 2003 علم المستثمرين الآسيويين أنه عندما ينتشر المرض، يمكنك أن تجني أرباحا من وراء ذلك. لذلك بالنسبة لكثيرين، تعد آفة فيروس كورونا سببا لإعادة تموضع الصناديق وتوجيهها في انتظار حدوث انتعاش.
لكن ما القطاعات والأسهم التي من المتوقع أن تعود وتكون الأقوى؟ هناك بعض الأسماء المرشحة بشكل واضح: أسهم شركات الطيران، وسلاسل المطاعم، والشركات الأخرى التي تتطلب تقارب الأشخاص إلى بعضهم بعضا، تضررت بشكل خاص حينما تم إغلاق المدن والمصانع.
إذا كنا سنسترشد بوباء سارس ، فإن تقييمات الشركات في هذه القطاعات ينبغي أن تنتعش مرة أخرى بمجرد انتهاء الأزمة. مثلا، ارتفع سعر سهم "كاثي باسيفيك" نحو الضعف في الفترة بين أدنى مستوى له في عام 2003 وذروته في منتصف عام 2004. في ذلك الوقت كان معظم الناس واثقين أن الفيروس قد تم التغلب عليه.
لكن يصعب كثيرا تحديد صناعات أخرى. إحدى الطرق لذلك هي النظر إلى القطاعات التي كانت تظهر عليها علامات انتعاش دوري قبل وقوع الأزمة مباشرة، ودعمها لاستئناف هذا الانتعاش بمجرد أن يفقد فيروس كورونا - الذي أودى بحياة أكثر من ألف شخص - نشاطه.
أحد هذه القطاعات هو شركات صناعة أشباه الموصلات في آسيا، بحسب ستيفن هولدن، مؤسس "كوبلي فند ريسيرتش" Copley Fund Research، الذي يتتبع القرارات الاستثمارية لـ223 من صناديق الأسواق الناشئة التي تدير مجتمعة أصولا بقيمة 450 مليار دولار.
تظهر بيانات هولدن أن هذه الصناديق زادت حصصها في أسهم شركات أشباه الموصلات ذات الأوزان الترجيحية القياسية بحلول نهاية عام 2019. كان متوسط إجمالي حيازاتها في مثل هذه الأسهم 7.33 في المائة في 31 كانون الأول (ديسمبر)، أي قبل نحو ثلاثة أسابيع من اتضاح انتشار الوباء.
بعد شيوع الأخبار عن تأثير الفيروس، تراجع وضعها في المتوسط إلى 7.15 في المائة من إجمالي الحيازات، لكنه حافظ على وزن ترجيحي قوي عند 0.91 نقطة مئوية مقارنة بمؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشونال المرجعي للأسواق الناشئة.
وكانت أسهم شركات صناعة الرقائق الأكثر شراء هي "إس كي هاينيكس" SK Hynix، وهي شركة كورية لتوريد رقائق الذاكرة الإلكترونية، وثلاث شركات من تايوان: شركة تي إس إم سي TSMC لصناعة أشباه الموصلات، وشركة ميديا تيك MediaTek لتوريد الرقائق لشركات تصنيع الاتصالات اللاسلكية، وشركة وين سيميكوندكترز Win Semiconductors لتقديم خدمات سبك الرقائق.
قال هولدن: "يتم وضع مديري الأسواق الناشئة في نطاقات قياسية من الأوزان الترجيحية في أسهم شركات أشباه الموصلات بعد زيادة نشاط الشراء خلال الأشهر الستة الماضية حتى كانون الثاني (يناير)". وأضاف: "بعد الصدمة الأولية التي تلت تفشي فيروس كورونا، يبدو أن أسهم الشركات، مثل ’تي إس إم سي‘ و ’إس كي هاينيكس‘ مدعومة بشكل جيد في ظل تجاهل المخاوف بشأن اضطرابات العرض والطلب من الصين".
حالة الاستثمار في أسهم شركات التكنولوجيا المتخصصة هذه شجعتها تصريحات متفائلة من شركات صناعة الرقائق الآسيوية التي وصفت بدء تنفيذ شبكات الجيل الخامس للاتصالات السلكية واللاسلكية في الصين وغيرها من الدول بأنه "المحرك الرئيسي" وراء الأرباح المتوقعة في عام 2020. كذلك ظهر انتعاش دوري في شرائح أخرى من صناعة الرقائق وكان محل اهتمام.
من أجل تعزيز الاهتمام بشبكات الجيل الخامس، ذكرت "تشاينا أسيت مانيجمنت" – إحدى شركات الصناديق الرائدة في البر الرئيسي - أن أصولها في أحد الصناديق المتداولة في البورصة، التي تركز على شبكة الجيل الخامس، الذي أطلقته في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ارتفعت في مطلع شباط (فبراير) الجاري وتجاوزت عشرة مليارات رنمينبي (1.44 مليار دولار) الأسبوع الماضي.
ينظر المستثمرون إلى شبكة الجيل الخامس للاتصالات السلكية واللاسلكية، التي ستعلن بداية عصر جديد من الاتصالات فائقة السرعة، على أنها اتجاه موثوق نسبيا لاتباعه. بدفعة قوية من بكين، تم بحلول نهاية العام الماضي تركيب نحو 86 ألف محطة قاعدية لشبكة الجيل الخامس في 50 مدينة – ظهور أقوى من أي دولة أخرى.
آرثر كروبر، رئيس الأبحاث في شركة جافيكال Gavekal للخدمات المالية ـ مقرها هونج كونج ـ يرى أن بعض القطاعات الأخرى التي يمكن أن تتماشى مع الانتعاش هي شركات البناء وشركات صناعة السيارات والإلكترونيات في الصين. قال: "كانت قصتنا الأساسية حول الاقتصاد الصيني في عام 2019 هي أن نشاط شركات البناء القوي بشكل مفاجئ عوض الركود في شركات صناعة السيارات وشركات الإلكترونيات".
أضاف: "وكانت قصتنا في عام 2020، في فترة ما قبل فيروس كورونا، هي أن تباطؤ نشاط قطاع البناء سيقابله انتعاش متواضع في قطاعين رئيسيين من البضائع المصنعة - السيارات والإلكترونيات. الثلاثة لديها قدرة جيدة على الانتعاش".
السؤال الذي تصعب الإجابة عنه هو: متى يأتي هذا التعافي، وإلى أي مدى سينخفض النشاط قبل ذلك التعافي؟ من السهل العثور على نقاط بيانات مروعة. في الأسبوع الأول من شباط (فبراير)، مثلا، انخفضت مبيعات الشقق الجديدة 90 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وفقا لبيانات أولية عن 36 مدينة جمعتها شركة تشاينا ميرشانتس سيكيوريتيز China Merchants Securities.
هذه الأرقام تعزز الشعور المتزايد بأن الأداء العام للناتج المحلي الإجمالي في الصين في الربع الأول من هذا العام قد يصدم حتى المتشائمين. ويرى كروبر أن التداعيات في بعض القطاعات قد تكون "مروعة"، بالنظر إلى تعطيل قاعدة التصنيع الضخمة في الصين نتيجة نقص العمال الذين لا يستطيعون العودة إلى العمل، أو لا يرغبون في ذلك.
قال: "من المتوقع أن تكون هناك انخفاضات كبيرة مكونة من رقمين في كثير من المؤشرات الاقتصادية في جانب الإنتاج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري". الأسهم التي تعاود الصعود ربما تكون ظاهرة للعيان، لكن بلوغ القاع سيكون صعبا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES