Author

علموا أولادكم الحب

|

سألت مصمما مبدعا يعمل في تصميم الهويات الإبداعية والعلامات التجارية عن سر إبداعه وبريقه، فأجابني بكلمة واحدة: "أبي". هذه الإجابة لم تشبع فضولي، بل أثارت اهتمامي للحصول على إجابة وافية وشافية.
سألته: "كيف، اشرح لي، هل علمك والدك فنون التصميم؟".
ابتسم وتدفق قائلا: "لا.. لكنه فعل أكثر. اشترى لي جهازا ثمينا خاصا بالمصممين، بعد أن شاهدني أقضي وقتا طويلا أمام الشاشة".
يتذكر أن والده سأله في إحدى الليالي التي كان منهمكا فيها في تصميم أحد الشعارات، عن سبب تأخره في التصميم الواحد، رغم أن الفكرة جاهزة، فرد عليه أن سبب ذلك هو بطء الجهاز، نظرا لعدم مناسبته ومواكبته لبرامج التصميم.
لم يتأخر والده، اشترى له في اليوم التالي جهازا، يصفه صديقي المصمم بأنه "أكبر من حلمه"، وذلك بعد "أن تآمر والده" مع صديق ابنه لشراء الجهاز المناسب على حد تعبيره.
لم يكتف والده بدعمه المادي من خلال تأمين الجهاز الحلم لابنه، وإنما أتاح له حرية اختيار تخصصه في الجامعة.
يسترجع اللحظة التي أبلغ والديه باختياره تخصص التسويق، ليستطيع تسويق منتجاته، قال "دعيا لي بالتوفيق، وقال لي والدي، حتى لو لم تدرس جامعة، فأنا متأكد أنك ستنجح وترفع رؤوسنا عاليا، ليس لدي شك في إمكاناتك".
يؤكد لي صديقي المصمم أن ثقة والديه جعلته يجتهد ويثابر أكثر. وها هو اليوم يحقق حلمه وينجح في تصميم أهم الشعارات، وأصبح مطلبا لكثيرين، نتيجة تشجيع والديه ودعمهما لاختياراته. يقول، "لم يكن معدلي الجامعي عال جدا. لكن طموحي كان هو العالي".
جميل أن يركز الآباء والأمهات على دراسة أبنائهم، لكن الأجمل التركيز على مهاراتهم. ومساعدتهم على اكتشافها، ومن ثم دعمهم بكل ما أوتوا من محبة وأناة وحماس.
عندما التفت حولي وأرى رفاق الفصل الذين عاصرتهم، وما آلوا إليه أكتشف أن المتميز منهم حاليا لم يكن متفوقا في المراحل الدراسية في الأحوال كلها.
القاسم المشترك بين من استطاع أن يجد له مكانا في المقدمة أولئك الذين امتلكوا مهارة وطوروها.
الصنعة هي التي تصنعك وترفعك.
لذا فعلى الآباء أن يولوها جل اهتمامهم وحرصهم، فهي التي تصقل أبناءهم، وتحلق بأحلامهم.
علموا أولادكم أن يحبوا شيئا. وحينها سيقوم الحب بترتيب كل الأشياء كما ينبغي.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها