Author

تعلمت من وجه صديقي

|

يصغي زميلي فؤاد على نحو غير مسبوق. ينصت بكل مشاعره وجوارحه، يستمع بعينيه وأطرافه وجسده، يسخر كل وقته مركزا على ما تقول.
لا يجد ضيرا في أن يكتب بعضا مما تسكبه وتطرحه في المفكرة الصغيرة، التي يحملها في جيبه، يخرجها مع جملة لا تشيخ أبدا وهي، "تسمح لي أن أسجل دررك في مفكرتي حتى ألجأ إليها وقت ضيقي".
يرى متعة بالغة في الإصغاء إلى زملائه، يستمع إليهم بسخاء راسما على محياه ابتسامة لا تذوب، يشعرك بأنه مأخوذ بكل كلمة تتفوه بها.
تحس أنه مغرم برأيك، فتسيل أفكارك متدفقة سلسة.
حاولت أن أتعلم من فؤاد هذه الفضيلة العميقة، وكتبت له رسالة معبرا خلالها عن مدى تقديري واعتزازي بمهارته وفروسيته في الإنصات المدهش، الذي يجعله دائما الخيار الأول لي للقاء والحوار.
فهو يثري أي اجتماع معه. يستدرج الطمأنينة لتشاركنا حوارنا. يدعو السكينة لتتقاسم معنا لحظات لقائنا.
رد فعله اللطيف على رسالتي جعلني أقرر أن أكتب رسالة رأس كل شهر إلى زميل أو صديق بعنوان، "تعلمت منك".. أكتب فيها السمات والصفات التي تعلمتها منه.
(أحبني) أكثر عندما أكتب هذه الرسالة الدورية.
أبتسم طوال كتابتي لها وبعدها.
أبتسم طويلا طويلا، أتذكر مواقف ولحظات تنعش روحي وأعماقي.
كتبت رسالة إلى صديقي ماجد قبل أيام، أشرت فيها إلى مدى إعجابي بعلاقته بأمه. كيف يكلمها يوميا. الساعة التاسعة لديه، ليست موعد متابعة نشرة الأخبار، أو مشاهدة برنامج، أو مباراة، إنها موعد اتصاله بوالدته، يروي لها ما دار في يومه كله، يتحدث إليها بسعادة تامة. أراها في عينيه وجبينه.
زاملته في مشروع، وكنا نظل إلى ساعة متأخرة في المكتب.
ولاحظت كيف ينشرح صدره إذا تكلم معها،
تضيء على وجهه هالة فرح لا تنطفئ،
تبقى معه إلى بقية اليوم واليوم اللاحق.
تعلم من أصدقائك واكتب لهم أنك تعلمت منهم. عندها سنصبح أسعد جميعا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها