المشهد التنافسي في سوق السيارات

يسود العالم نقاش ساخن بشأن مستقبل صناعة السيارات في العالم، وهل قطاع السيارات الكهربائية قادر على تحقيق اختراق ضخم للسوق وإحداث تحولات اقتصادية هائلة؟ والسبب ليس في مستويات الأمان الكبيرة التي تدعي السيارات الكهربائية توفيرها أو في الحصول على مزيد من التكنولوجيا مثل ميزة استدعاء العملاء سياراتهم إلى مكان وجودهم دون وجود سائق خلف عجلة القيادة، لكن للتأثيرات الكبيرة في قطاع الطاقة نفسه، فالمنافسة كبيرة في قطاع الطاقة على توليد الكهرباء من مصادر متجددة غير أحفورية. وللحقيقة فإن هناك بعض النجاح في هذا الجانب مع انخفاض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية، لكن إذا لم يحدث اختراق كبير لجهود استخدام الكهرباء في وسائل النقل الاستراتيجية مثل السيارات فإن بقاء الطاقة المنتجة من مصادرها الأحفورية أمر لا مفر منه في المستقبل، هذا النقاش حول هذا الاختراق الرئيس للسيارات الكهربائية هو الذي جعل بعض المتفائلين بهذا الشأن يتوقعون نمو سوق السيارات الكهربائية بشدة خلال الأعوام المقبلة، ليصل إلى 567 مليار دولار بحلول عام 2025، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركبا قدره 22.3 في المائة من 2018 إلى 2025، لكن هذا التوقع لم يستند إلى مبررات قوية سوى نمو الوعي البيئي على المستوى الدولي، إضافة إلى ما شهده سعر سهم شركة تسلا من ارتفاعات مستمرة، فبعد أن كان السعر 17 دولارا للسهم عند الطرح عام 2010، حقق عام 2017 قفزة نوعية عندما بلغ 350 دولارا، وارتفع السهم أخيرا إلى أكثر من 887 دولارا للسهم الواحد.
في المقابل يرى المشككون في قدرة هذه الصناعة على إحداث إحلال حقيقي في الأسواق والحصص بأن ما شهده السهم من ارتفاع قوي يعود أساسا إلى أن بعض المستثمرين تعرضوا للضغط لشراء مزيد من الأسهم، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وأضاف باكو أن "تقرير شراء أسهم "تسلا"، له ما يبرره حيث إن الشكوك لم تزل مستمرة بشأن قدرة الشركة على الاستمرار، فالشركة تحقق خسائر سنوية منذ تأسيسها، كما أن انتشار فيروس كورونا في الصين أجبرها على إغلاق مصنعها في شنغهاي مؤقتا، وهو ما سيشكل ضغوطا كبيرة لا تفسر تلك التوقعات الإيجابية في أسواق الأسهم، فبينما تجاوزت القيمة السوقية لـ"تسلا" القيمة السوقية لشركة فولكسفاجن، فإن الأخيرة قد باعت العام الماضي 11 مليون سيارة، ولذا فإن حدوث تحول ضخم يعكس هذا المشهد الاقتصادي في الحصص السوقية أمر لم يزل محل نقاش.
لعل الفصل الأساس في هذا النقاش لن يكون في هذا المشهد الراهن الذي يعاني إرباكا واسعا بشأن التوقعات، وتأثير هذه التوقعات في الاتجاهات المستقبلية في صناعة السيارات خاصة مع نمو نوع جديد من السيارات الهجينة، حيث أعلنت الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات حدوث زيادة 50 في المائة في مبيعات السيارات الهجينة وهي التي تعمل بالغاز النفطي المسال والغاز الطبيعي وحصلت على حصة 10.7 في المائة من إجمالي سوق السيارات في الاتحاد الأوروبي في 2019.