اقتصاد إعادة التدوير

نلحظ عند سفرنا خارج المملكة خاصة في الدول المتقدمة صناعيا حاويات بألوان مختلفة. كتب على كل منها أن هذه خاصة بالمخلفات الورقية وأخرى بالزجاجيات وثالثة بالبلاستيك وهكذا.. الغرض من ذلك إعادة التدوير Recycling ويقصد بها جمع المواد المستخدمة ثم تحويلها إلى مواد خام وإعادة إنتاجها، لتصبح مواد قابلة للاستهلاك مجددا أو بمعنى آخر، هي عملية تتم من خلالها الاستفادة من المواد غير الصالحة التي تعد نفايات، وإدخالها في عمليات إنتاج وتصنيع.. ويشمل ذلك كل ما يستغنى عنه من المواد المختلفة، كالزجاجيات والحديد والمعادن وعلب الألمنيوم والورق والبلاستيك وغيرها.. وبنظرة سريعة لمجتمعاتنا نجد أنه يمكن إعادة تدوير الآلاف من الأطنان من تلك المواد بدل إتلافها أو حرقها.. ولإعادة التدوير هذه فوائد اقتصادية كبيرة يصعب حصرها، من أهمها تقليل الطاقة المستخدمة للصناعات الجديدة.. وطبقا لإحصائية وكالة حماية البيئة الأمريكية، فإن إنتاج طن واحد من الورق من مخلفات ورقية سيوفر "4100 كيلو واط / ساعة" طاقة وسيوفر 28 مترا مكعبا من المياه، إضافة إلى نقص في التلوث الهوائي الناتج بمقدار 24 كيلوجراما من الملوثات الهوائية.. أما المخلفات المعدنية كالألمنيوم فيمكن إعادة تدويرها 100 في المائة والزجاج الذي يصنع أساسا من الرمل، ويحتاج تصنيعه إلى درجات حرارة عالية تصل إلى 1600 درجة مئوية، فإن إعادة تدويره تحتاج إلى طاقة أقل بكثير.. ولو نظرنا إلى بعض الدول الصناعية فسنجد أن دولة مثل ألمانيا تصل نسبة تدوير النفايات فيها إلى 65 في المائة، بينما تصل في كوريا الجنوبية إلى 60 في المائة.. أما عن الدول العربية فتشير إحدى الدراسات الاقتصادية إلى أنها تخسر سنويا نحو خمسة مليارات دولار نتيجة تجاهل إعادة تدوير المخلفات.. إن عملية إعادة التدوير توفر فرص عمل جديدة، فمثلا في ولاية أمريكية واحدة وهي ولاية كاليفورنيا فإن عملية إعادة التدوير وفرت نحو 85 ألف وظيفة في الولاية وحدها فضلا عن الإيرادات المالية الكبيرة المترتبة على ذلك.. كما تنعكس أهمية إعادة التدوير على الخصائص البيئية للدولة، وهو ما تؤكده باستمرار "قمة العشرين" ومنظمات الأمم المتحدة ذات العلاقة، إذ يكفي أن نعلم أن إعادة تدوير طن واحد فقط من الورق يحمي 13 شجرة من القطع.. إن الصحة مرتبطة بشكل مباشر مع السلوك البيئي وقد آن الآوان لاتخاذ الخطوات التي تحقق مثل هذا السلوك.