Author

نمو استثنائي للسندات المحلية

|


من الإصلاحات التي اهتمت بها رؤية المملكة 2030، إصلاح السوق المالية لتحقيق أهداف عدة، من بينها فتح منافذ استثمارية أمام المستثمرين حتى تكون آمنة وتحقق عوائد ثابتة بما يوفر للمؤسسات المختلفة استدامة التدفقات النقدية. وعلى الرغم من أن هيئة السوق المالية السعودية أطلقت سوق السندات في منتصف عام 2009، إلا أن حركة التداول عليها كانت ضعيفة ولا تتخطى نسبة 10 في المائة من إجمالي الأيام المتداولة، حتى جاءت رؤية المملكة 2030، لإعادة إحياء هذه السوق من خلال إصدارات حكومية ضخمة، حيث بلغت الإصدارات الحكومية في السوق المحلية 271 مليار ريال، بينما بلغ إجمالي قيمة الصكوك والسندات المطروحة للتداول في عام 2019 قريبا من 300 مليار ريال، هذه الخطوة المهمة عززت كثيرا من الأهداف الاقتصادية، أهمها وصول المالية العامة إلى مصادر تمويل سريعة وسهلة وآمنة من خلال السوق المحلية، كما أن المؤسسات باختلاف أنواعها تجد في السندات الحكومية ملاذا آمنا وتدفقات نقدية مستدامة تمكنها من تغطية مصروفاتها التشغيلية، وجاءت نتائج هذه التوجهات الاقتصادية والإصلاحات بأكثر مما كان متوقعا لها. سجلت السوق في كانون الثاني (يناير) الماضي أعلى تداولات شهرية منذ نشأتها في 2009، عندما بلغت التداولات 2.6 مليار ريال؛ لتقفز بنسبة 598 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما أشارت التحليلات الاقتصادية إلى أن هذا الاتجاه في نمو التداولات يتصاعد من شهر إلى آخر، فقد نمت أحجام التداولات في بداية هذا العام بنسبة بلغت 1034 في المائة مقارنة بالشهر ما قبل الماضي "ديسمبر 2019"، وهو الأمر الذي يشير إلى أن عام 2020 سيكون استثنائيا وقياسيا، ذلك أن نسبة تداولات كانون الثاني (يناير) من العام الجديد 26.20 في المائة من إجمالي تداولات عام 2019 التي بلغت 10.1 مليار ريال، وهذه القيمة كبيرة دون أدنى شك.
مما لا شك فيه أن أهم الإصلاحات التي قادت إلى هذا النمو الاستثنائي هي تلك التي تعلقت بأمرين معا: الأول، هو تخفيض القيمة الاسمية للصكوك والسندات المحلية إلى ألف ريال، وهو ما شجع عديدا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من السوق من خلال شركات الوساطة، ولهذا ظهرت شركات الوساطة بقوة رغم أن التقارير تشير إلى أن هذه الشركات لم تكن تلعب دورا صانعا للسوق يهدف إلى توفير سيولة فيها لتعزيز التداول، فقد أكدت التحليلات الاقتصادية أن شركات الوساطة هذه استحوذت على 81.24 في المائة من أحجام التداولات، بينما تلك الشركات التي تلعب دور صناع السوق استحوذت على 18.76 في المائة من إجمالي التداولات، هذا يؤكد دون جدل أن هناك طلبا فاعلا على سوق السندات نظرا لما توفره هذه السوق من مزايا، خاصة أن أسعار الفائدة بالنسبة للمالية العامة تمثل فرصة من حيث انخفاض تلك المعدلات عن فترات سابقة بينما هي أيضا تمثل عوائد جيدة للمستثمرين مقارنة بما هو سائد عند مستوى المخاطرة نفسه. أمر آخر لا يقل أهمية في دعم السوق والتداول، جاء من قرارات هيئة الزكاة والدخل بشأن تحمل الدولة الزكاة وضريبة الدخل على الاستثمار في الصكوك والسندات الحكومية التي تصدرها وزارة المالية محليا "المقومة بالريال السعودي". كما جاءت قرارات تعديل رسوم التداول التي كانت توصف بأنها مرتفعة نظرا لأن القيمة الاسمية للصكوك مرتفعة أيضا، فكانت التعديلات محفزا لا يقل أهمية، وبهذا فإن النتائج الاقتصادية على عديد من الأصعدة تؤكد النتائج الرائعة لمبادرات رؤية المملكة 2030.

إنشرها