Author

الأمن في خدمة السياحة

|


هناك مؤشرات كثيرة لقياس جودة الحياة في المدن على المستوى العالمي وكذلك على مستوى الدول. ولا شك أن الأمن على النفس والعرض والمال من أهم مقومات جودة الحياة، بل إن الأمن هو العامل الأول المشجع لاستدامة السياحة في أي دولة أو مدينة. وأعتقد أن الخدمات الجيدة والطبيعة الخلابة تأتي لاحقا بعد الأمن الحضري. وهناك أمثلة كثيرة لدول فقيرة خدماتها متدنية، ولكنها تستقطب أعدادا كبيرة من السياح، في المقابل هناك دول لا تمتلك الطبيعة الجذابة أو الطقس الجميل، لكنها أصبحت مقصدا للسياحة. ويرى البعض أن من أبرز علامات أو دلائل الأمن في المدينة أن ترى امرأة تمشي في الشارع خلال ساعات الليل دون أن تمس بأذى. والمشي في الليل يتطلب بنية تحتية جيدة تشجع على المشي مثل الشوارع المضاءة والأرصفة المناسبة، بعيدا عن خطر دهس السيارات المارقة في الشوارع. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن التلوث يحد من إمكانية المشي، وأيضا مدى جودة الخدمات الصحية. وعلاوة على ذلك، لا تشعر المرأة بالأمان بالمشي في الشارع والاستمتاع بالترفيه والتسوق، إذا كانت بطاقاتها الائتمانية تتعرض لخطر السرقات الإلكترونية.
وفي هذا السياق، يعد مؤشر المدن الآمنة Safe Cities Index من المؤشرات المعروفة. ويحسب هذا المؤشر لأفضل 60 مدينة من حيث الأمن على المستوى العالمي. ويعتمد المؤشر على أربعة أركان أو محاور للأمن هي: الأمن الرقمي، والبنية التحتية، والصحة، والأمن الشخصي، وتقاس هذه المحاور باستخدام نحو 57 عاملا أو مؤشرا. وبناء على بيانات هذا المؤشر، فقد سجلت المدن الأكثر أمنا مستويات مرتفعة في إمكانية الحصول على رعاية صحية عالية الجودة ومدى توافر فرق متخصصة في الأمن الإلكتروني، وكذلك توافر الدوريات الشرطية لحماية المجتمع والتخطيط لمواجهة الكوارث. وتربعت مدينة طوكيو على رأس قائمة المدن الأكثر أمنا على المستوى العالمي لعام 2019، وتأتي سنغافورة في المرتبة الثانية، ثم مدينة أوساكا اليابانية. وبعد هذه المدن يأتي على الترتيب كل من أمستردام، وسيدني، وتورنتو، وواشنطن، وكوبنهاجن، وسيئول، وملبورن، وشيكاغو، وستوكهولم، وسان فرانسيسكو، ولندن، ونيويورك، وفرانكفورت إلى آخر القائمة. واستطاعت مدينتان عربيتان (أبو ظبي ودبي) الوصول إلى المرتبتين 27 و28 من بين مدن العالم، وحصلتا على مراتب أفضل من ذلك في مؤشرات الأمن الشخصي. كما احتلت مدينة الكويت المرتبة 38، والرياض 39، والقاهرة 55.
وكمثال لقياس العوامل أو المؤشرات التي تتكون منها المحاور، فمن مدخلات محور الأمن الشخصي ما يلي: مدى جاهزية الشرطة للتعامل مع الأحداث، ومدى وجود دوريات مجتمعية، وتوافر بيانات الجريمة على أساس الشارع، إضافة إلى انتشار الأسلحة، وأنظمة العدالة الجنائية، ورصد وإدارة المخاطر. ويقابل ذلك مخرجات الأمن الشخصي التي تقاس بالمؤشرات التالية: معدل انتشار جرائم النشل، ومدى انتشار جرائم العنف، والجريمة المنظمة، إضافة إلى معدل انتشار المخدرات، والهجمات الإرهابية، ومدى توافر الشعور بالأمان في المدينة.
وختاما، إذا أرادت المدن العربية جذب مزيد من السياحة ومن ثم دعم النمو الاقتصادي والتنمية فيها، فلا بد من الاهتمام بالأمن سواء كان الأمن الشخصي أو التقني أو البنية التحتية الداعمة للأمن بوجه عام. فالسائح يعشق الأماكن التي تتميز بالطبيعة الجميلة، وتحتضن الحضارة العريقة، والثقافة المميزة والتراث المختلف، ولكنه يفضل – في النهاية - الأماكن الآمنة.

إنشرها