Author

كيف ننشئ أسرا سعودية منتجة صناعيا؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


تأتي هذا المقالة على خلفية نقاش مع صديقي عبدالله آل محسن أثناء مكالمة هاتفية، حول لماذا لا توجد لدينا أسر منتجة للسلع ذات التصنيع الخفيف على غرار الأسر المنتجة للأطعمة؟ لعل صديقي طرح سؤالا عميقا ويلامس احتياجا ملحا ولا سيما أنه عمل في مجال الصناعات الخفيفة في وقت مبكر، طرحت السؤال نفسه على حسابي على منصة توتير، وكان التفاعل كبيرا، عزز فكرة الحديث عن الصناعات الاستهلاكية الخفيفة في اقتصادنا الوطني من منظور اقتصادي في مقال اليوم.
حتى نتمكن من فهم هيكل الصناعات في الاقتصاد يتعين علينا أن ندرك أن هناك ثلاثة أنواع من الصناعات، تأتي في مقدمتها الصناعات الأولية أو الأساسية كالتعدين والزراعة واستخراج النفط، أما المستوى الثاني الذي يطلق عليه الصناعات الثانوية فيشمل الصناعات الخفيفة التي هي مدار حديثنا اليوم، ثم الصناعات الثقيلة، أما النوع الثالث فهو الصناعات الخدمية ويشمل السياحة والمالية والصحة والتعليم وغيرها كثير.
بالعودة إلى الصناعات الخفيفة فهي تلك الصناعات الموجهة إلى المستهلك النهائي؛ على سبيل المثال لا الحصر، صناعة الجلود والأحذية البلاستيكية والكمامات للاستخدامات المنزلية والأنسجة كالجوارب والأشمغة وصناعة أزرار الملابس والإكسسوارات، وأي منتجات ذات قيمة موجهة إلى المستهلك النهائي مباشرة.
أعتقد أن فاتورة الواردات السعودية تحمل كثيرا من الأرقام عن تلك الواردات الصناعية الخفيفة وبسبب ندرة المعلومات المنشورة من الجمارك لم أستطع الحصول على أرقام كافية أتمكن من خلالها من تحديد حجم الواردات من الصناعات الخفيفة، لكن من واقع المشاهدة معظمها يحمل عبارة "صنع في الصين".
عمدت الصين والهند إلى استخدام الصناعات الخفيفة كعنصر تحفيزي لجميع القطاعات الاقتصادية، لأنها تعد العمود الفقري للاقتصاد ومصدر الرزق الأول في تلك الدول، يشكل القطاع الصناعي الثانوي في الهند 24 في المائة و40 في المائة في الصين من الناتج المحلي في الدولتين، أما في دول الخليج فمن الصعب استهداف تلك النسب؛ لأسباب تتعلق بفقدان المهن منذ زمن طويل؛ لذا من الأفضل أن يتم تحفيز هذا القطاع لأغراض تتعلق بتخفيف فاتورة الواردات وزيادة معدل استيراد المواد المصنعة جزئيا لزيادة القيمة عليها؛ للاستهلاك الداخلي أو التصدير، وزيادة ثراء الأفراد عن طريق الصناعة الخفيفة.
أما منهجية التطبيق على واقعنا فيمكن تقديم الدعم المالي إلى القطاع العائلي عن طريق الأسر المنتجة صناعيا وتقديم القروض الحكومية من 50 ألفا إلى 2.5 مليون ريال؛ لأن الصناعات الخفيفة لا تستهلك مساحات أو طاقة أو حتى مواد كبيرة، إضافة إلى أن رأسمالها منخفض، وزيادة التوعية بهذا القطاع ضرورية من خلال مبادرات خاصة كما حصل مع الأسر المنتجة للأغذية، إضافة إلى السماح بوجود الصناعات الخفيفة العائلية في المنازل أو بالقرب من المناطق السكنية؛ مثل اليابان والصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي، التي سمحت بإقامة تلك المشاريع بالقرب من المناطق السكنية.

إنشرها