default Author

«المقارنة المرجعية» هل هي استراتيجية ناجحة للأسواق؟

|


يؤثر نمو الأصول التابعة لإدارة المستثمرين المؤسسين في الكفاءة المعلوماتية للأسواق المالية، وأسعار الأصول وعائدات محفظة المستثمرين. إن أغلب الأسهم الأمريكية مملوكة اليوم لمستثمرين مؤسسين، كصناديق الوقف أو المصارف التجارية أو صناديق الاستثمار المشتركة أو صناديق التحوط أو صناديق التقاعد أو شركات التأمين. بلغت نسبة امتلاك المستثمرين المؤسسين 7 في المائة من الأسهم الأمريكية عام 1950، لترتفع النسبة بشكل صادم وتصل إلى 80 في المائة بحلول عام 2017. مع سيطرتهم على الأسهم بهذا الشكل، أصبح للمستثمرين المؤسسين تأثير كبير في أسعار الأصول، ليس بطريقة إيجابية دائما. فمع زيادة سيطرة الاستثمار المؤسسي قد تتدهور الكفاءة المعلوماتية. تعد المقارنة المرجعية Benchmarking بمنزلة ممارسة لقياس أداء مدير الصندوق بالنسبة إلى المؤشر، وتكون أداة فعالة بالنسبة إلى المستثمرين كونها تعود بالمكافآت على كل من المستثمرين ومديري الصناديق. يحصل المستثمرون المؤسسون على ربح أكبر عندما يحققون عائدا أعلى من المعدل، ومثال على ذلك، صندوق استثمار معاشات الحكومة اليابانية، أكبر صندوق تقاعد في العالم، الذي يدفع لمديري الصناديق بناء على العائدات التي يحققونها، لذا يحصل مديرو الصناديق على مبلغ أكبر في حال كان عائد الاستثمار أعلى من المؤشر. على الرغم من تبني المقارنة المرجعية بشكل كبير، إلا أن تأثيرها غير مفهوم كثيرا، فهل يمكن اعتبارها استراتيجية ناجحة للأسواق، وبالتالي سببا في تحقيق الرفاهية الاجتماعية؟ على سبيل المثال نشر صندوق النقد الدولي تقريرا في نيسان (أبريل) 2019 جاء فيه "الحصة الكبرى من الاستثمارات المدفوعة بالمقارنة المرجعية من مجمل تدفق المحافظ، تزيد خطر التدفقات المفرطة الداخلة أو الخارجة، وغير المرتبطة ببنية اقتصاد الدول، وقد تقوم في بعض الحالات بزعزعة استقرار الأسواق الناشئة". استخدمت وزميلي ماتيجس بريوجيم إطارا نظريا لدراسة الكيفية التي يؤثر بها أسلوب المقارنة المرجعية عموما في كفاءة الأسواق المالية، وأسعار الأصول وعوائد محفظة المستثمرين، وجدنا لأول مرة أنه كلما زاد عدد المستثمرين المتوقعين، كان الحصول على معلومات خاصة من المديرين أقل، قمنا أخيرا بنشر بحثنا في مجلة الدراسات الفصلية تحت عنوان "المستثمرون المؤسسون والاستحواذ على المعلومات .. تأثيرات أسعار الأصول والكفاءة المعلوماتية".
كما أن المبادلة القمعية تؤدي إلى إبطاء عملية الحصول على المعلومات الخاصة، وخنق عملية المقارنة المرجعية، كونها تقود إلى أسعار تعكس بشكل أقل أساسيات الشركة.

قوتان أساسيتان تحدان تدفق المعلومات
1 - بسبب المخاوف المرتبطة بعملية المقارنة المرجعية، يلجأ المستثمرون المؤسسون إلى جعل محفظتهم أقرب إلى المقارنة المرجعية. وبالنتيجة ينتهي بهم الأمر إلى الحصول على المعلومات بصورة أقل، فما فائدة الحصول على معلومات أكثر في حال لم يتم استخدامها؟ من الضروري أن يكتسب مديرو الصناديق المعرفة، تجب عليهم مراجعة البيانات المالية أو مقابلة عملاء الشركة، فمن دون وجود مكافأة محتملة لتطبيق تلك المعلومات، يصبح من غير المرجح أن يقوم مدير الصندوق بالتأكد من أن سعر الشركة يعكس هذه المعلومات.
2 - تستخدم الصناديق التي تعتمد أسلوب المقارنة المرجعية المعلومات الخاصة بشكل أقل مما يجب، على سبيل المثال، حتى في حال امتلاكها معلومات تشير إلى شيء إيجابي حول شركة معينة، فمن غير المرجح أن يقوم مديرو تلك الصناديق بشراء الأسهم بكثرة، نتيجة لذلك لا يتأثر سعر الشركة كثيرا وتنعكس المعلومات الإيجابية بشكل أقل على السعر.
عموما قد يؤدي ذلك إلى الدخول في دوامة، حيث لا يتم جمع المعلومات وتحليلها وجعلها جاهزة للاستخدام كما يجب، لذا فإن سعر السهم لم يعد يعتمد على المعلومات الأساسية حول الشركة، وينخفض سعر المعلومات حول الأسهم داخل المؤشر وخارجه. تترجم قوة المستثمرين المؤسسين، خاصة فيما يعتمد على المقارنة المرجعية إلى معلومات أقل عن الأسهم والمؤشر، وبالنتيجة فإن أي معلومات إضافية حول الشركة تنعكس على سعر الأسهم، وبالتالي تصبح أسعار تلك الأسهم أكثر تقلبا.

أكثر من بيضة في سلة واحدة
إن الاستثمار السلبي طريقة أخرى للاستثمار الذي لا يربط بالضرورة بين الأسعار والأساسيات، ويخشى بنك الاحتياطي الفيدرالي من مساهمته في حالة عدم الاستقرار المالي، وكما هو الوضع في المقارنة المرجعية فإن الاستثمار السلبي يضع أكثر من بيضة في سلة واحدة، تمتلك مجموعة فانجار، وبلوك روك، وستيت ستريت، وفيديليتي، وتشارلز شواب في المجمل 44 في المائة من أسهم القطاع، وكما هي الحال في المقارنة المرجعية، لا يشجع الاستثمار السلبي على تعزيز المعلومات، ويجعل السوق أكثر صخبا كما ورد في "فاينانشيال تايمز" العام الماضي.
هذا المزيج من الحصة الضخمة للمستثمرين المؤسسين في السوق، والمقارنة المرجعية يعني أن الصناديق الأقل اعتمادا على المقارنة المرجعية التي تستخدم المعلومات الخاصة ربما تكون في موقع أفضل لاتخاذ قرارات تتعلق بالاستثمار، وبالتالي تتفوق على الصناديق التي تعتمد أسلوب المقارنة المعيارية. فكلما زادت المعلومات تحسن الأداء مع الوقت. هناك مزايا واضحة للمقارنة المرجعية، لكن تأثيراتها السلبية أكثر مما كان متوقعا. لا نقصد هنا أنه يجب تنظيمها، لكن يتعين على جميع المستثمرين بما في ذلك صغار المستثمرين أن يكونوا على دراية بالتراجع المحتمل للمعلومات وتفوق المستثمرين الذين يمتلكون المعلومات ولا يتبعون هذا الأسلوب. المقارنة المرجعية أداة مهمة، لكن ازدياد عدد الصناديق المرجعية، يعني مخاطر أكثر ليست أقل.

إنشرها