Author

«من يلوث يدفع»

|

العنوان جملة وردت في نتائج دراسة "المشاكل البيئية وأثرها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة" التي نفذها منتدى الرياض الاقتصادي وعرضها في دورته التاسعة قبل أيام قليلة، وهي جملة تثلج صدر المهتم بوطنه وبيئة وطنه كجزء من بيئة الكوكب، بل كجزء من حياته وجودتها التي يروم منذ عرف مفهوم الجودة، وبدأت ترومها "الرؤية السعودية" الجديدة والمجددة لكثير من أحوالنا.
نعم، من يلوث يدفع، من يلوث البيئة يجب أن يفعل، مثله مثل من يلوث الأمان في الشارع بالتهور المروري، والأمان الشخصي والصحي بالغش التجاري، ومن يلوث سمعة الآخرين طلبا لشهرة أو خانة جديدة في رقم المتابعين وقطيع المهللين.
التجربة العالمية أثبتت أن الضرائب البيئية هي الأكثر فاعلية في مكافحة التلوث، هكذا تقول الدراسة وهكذا قال واقع كثير من الأشياء والممارسات الغبية التي يفعلها الإنسان في أكثر من شأن.
الدراسة جيدة، وسيكون الأجود أن يبدأ قطاع الأعمال بنفسه فيما يتعلق بالمعايير البيئية، وتحديدا القطاعات التي وردت في الدراسة، ويبدو لي أن وعي الغرفة بالمشكلة خطوة مهمة في تثقيف القطاع الخاص قبل أن يبدأ القطاع العام في العلاج بالكي، أي بالضرائب والعقوبات المالية.
البهجة بفتح هذا الملف المهم الذي اهتمت به "الرؤية السعودية" تنغصت مع مواصلة قراءة الدراسة، فالبعد البيئي في المستشفيات والمستوصفات الحكومية الخاصة تضمن معلومات عن نسب التخلص الكلي والجزئي من النفايات الطبية في بعض مناطق المملكة وهي تفاوتت لكن لا يزال هناك تخلص جزئي، وهو يعني أن بعض النفايات الطبية تتسرب إلينا بكل ما تحمله من مواد صلبة وسائلة، وكيماويات، وفيروسات، وبكتيريا، وما لا يعلمه إلا الله، فكيف نقبل بذلك.
هاجس مقلق حد الرعب أن هناك نسبة تساهل وإهمال فيما أعتقد أنه ثاني أخطر نوع من النفايات بعد النفايات النووية، والمزعج أكثر فكرة أن هذه المستشفيات الحكومية والأهلية لديها خلل في التخلص من النفايات التي هي أحد أسباب الأمراض وتناقلها، وهذا يعني أن لديها خللا في التفكير والممارسة والوعي، فهل يعني لنا هذا شيئا عندما يتعلق الأمر بإحصاءات الأمراض والأخطاء الطبية؟
من يلوث يدفع، ربما ينفع هذا في ردع مصنع أو مزرعة، فهل ينفع في مستشفى جزء من مهمته إنقاذ حياة الناس والحفاظ على صحتهم بإذن الله؟

إنشرها