default Author

السندات الخضراء والتمويل المستدام «1من 3»

|


مهدت السندات الخضراء التي أصدرها البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي منذ أكثر من عقد مضى الطريق للاستثمارات التي يمكن أن تصل إلى تريليونات الدولارات في المشاريع المرتبطة بالمناخ، ومنها مشاريع الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، وحماية النظام البيئي وإصلاحه.
وينطوي دور هذه السندات المحوري والأساس على دروس وعبر للمجتمع العالمي في ظل توسعه في استخدام التمويل المستدام بإلحاح غير مسبوق في مجالات متنوعة، كالتزامات القروض المضمونة المعقدة، وضمانات القروض والعملات المحلية، والدين الثانوي. وكان التحدي المبدئي أصعب كثيرا من مجرد إنشاء نموذج نمطي للسندات يرتبط بالأثر البيئي؛ إذ تمثل في إنشاء فئة جديدة من الأوراق المالية التي تتسم بموثوقيتها وإمكانية محاكاتها فضلا عن جاذبيتها للمؤسسات الاستثمارية والمنظمات المعنية بالبيئة على حد سواء.
وفي حدود هذه الأبعاد، كان النجاح بلا شك حليفا مؤسسيا لحركة السندات الخضراء. فقد أفادت "مبادرة سندات المناخ" في تقريرها لعام 2018 أن عشرات المؤسسات والحكومات أصدرت سندات خضراء بأكثر من 521 مليار دولار في الفترة من 2008 إلى 2018. وفي النصف الأول فقط من 2019.
تجاوز حجم إصدارات السندات الخضراء المعتمدة حول العالم 200 مليار دولار، وتشير التنبؤات أنه قد يتجاوز 250 مليار دولار بنهاية العام، وتفيد مبادرة سندات المناخ أن أكثر من خمسة آلاف إصدار للسندات الخضراء طرحت في الأسواق بنهاية 2019. لذا؛ لا شك أن سوق السندات الخضراء أثبتت تمتعها بالصلابة والقدرة على الاستمرار والتوسع أمام مجموعة متنوعة من المتعاملين في الأسواق حول العالم. ويقول "كينيث لاي" المدير العام الأول في شركة روك كريك، الذي قاد فرقة العمل التي أنشأت أول سندات خضراء أثناء توليه منصب أمين الخزانة في البنك الدولي، إن تجنيب عائدات إصدارات السندات من أجل مشاريع محددة متعلقة بالمناخ كان ينطوي على إمكانات وكان بمنزلة تغيير كبير جذب المستثمرين الجدد المؤيدين للاستثمار المؤثر وزيادة الحوافز داخل المصرف للتركيز على هذه السلع العامة الرئيسة. تلك الإمكانات بدأت تتحقق الآن، ربما ليس بالسرعة التي نتمناها، لكن التقدم كان كبيرا على مدار عقد منذ ذلك الحين. وكان التحدي الرئيس الآخر الذي سيظل يؤثر سلبا في كل أشكال التمويل المستدام، هو ضمان أن يتسم الأثر البيئي لمشاريع السندات الخضراء بالشفافية، وإمكانية التحقق منه، وقابليته للقياس، والتزامه بالمعايير الدولية.
وكان البنك الدولي منذ البداية قد وضع نموذجا صارما وشفافا للتحقق من المسائل المتعلقة بسنداته الخضراء. وقد نشأت عدة أطر قوية ومؤثرة كي يسترشد بها المستثمرون، كما انطلقت "مبادرة سندات المناخ" التي أسست عام 2010 ونظام معايير واعتماد سندات المناخ في العام نفسه. ويذكر "اتحاد أسواق القروض LMA أن رابطة أسواق رأس المال الدولية ICMA التي أسست عام 1969 للمساعدة على إرشاد سوق اليوروبوند الناشئة، حققت توسعا تدريجيا في نطاق عملها ليشمل مجموعة من مبادئ القروض الخضراء عام 2014. ويكتسب كلا الإطارين الطوعيين سلطاتهما عن طريق تشكيل فرقة من كبار العلماء والقادة لوضع معايير صارمة وتشجيع استخدامها، ومن خلال الفوز بتأييد عدد كاف من المستثمرين وجهات الإصدار... يتبع.

إنشرها