Author

المتغيرات النفطية في 2019

|


واصل حجم الطلب العالمي على النفط نموه في 2019، ولكن بمعدل هو الأقل خلال الأعوام الثمانية الماضية. وبلغ معدل نمو الطلب العالمي نحو 1 في المائة خلال العام، إلا أنه كان كافيا لرفع إجمالي الطلب العالمي على النفط إلى أكثر من 100 مليون برميل لأول مرة مسجلا رقما قياسيا جديدا. احتفظت الولايات المتحدة بمكانتها كأكبر مستهلك للنفط – وسوائل الطاقة - في العالم بما يقارب 20.5 مليون برميل يوميا، تلتها الصين بنحو 14.5 مليون برميل يوميا التي جاءت كأكبر مستورد للنفط في العالم بواردات تقارب عشرة ملايين برميل يوميا خلال العام. أما بالنسبة لإمدادات النفط العالمية أو العرض النفطي فقد تجاوز مستويات 100 مليون برميل يوميا. وتراجعت مستويات العرض النفطي بشكل طفيف خلال العام ولكنها كانت في حالة توازن تقريبي مع الطلب العالمي. حلت الولايات المتحدة في المركز الأول في إنتاج النفط وسوائل الطاقة تلتها المملكة في إنتاج سوائل الطاقة، وروسيا حلت في المركز الثاني عالميا في إنتاج النفط الخام.
على الرغم من حالة توازن العرض والطلب العالميين من إمدادات النفط إلا أن أسعار النفط العالمية للبرميل تراجعت بشكل ملحوظ حيث انخفضت بنحو سبعة دولارات في عام 2019. وقدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية متوسط أسعار مزيج برنت بنحو 64 دولارا خلال العام الماضي. ويفيد المصدر نفسه بتراجع إنتاج أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بنحو مليوني برميل في العام الماضي مقارنة بالعام السابق. ويساوي هذا التراجع تقريبا الزيادة في إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة الذي جاء أغلبه من الولايات المتحدة. وتسبب تراجع إسعار النفط وكمياته في تراجع مضاعف في إيرادات الدول المصدرة للنفط.
شهدت أسعار النفط خلال العام الماضي استقرارا نسبيا مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تأرجحت بنحو 20 دولارا للبرميل. وراوحت أسعار خام مزيج برنت خلال العام بين 55 دولارا و 75 دولارا للبرميل. وعلى الرغم من الاستقرار النسبي خلال العام، فقد شهد أكبر قفزة يومية في الأسعار (تسعة دولارات للبرميل) منذ عام 2008، وذلك إثر الهجوم الغادر على منشآت نفط في المملكة. وأثبتت المملكة - ممثلة في شركة أرامكو- قدرتها على العودة بسرعة إلى مستويات الإنتاج التاريخية وحرصها على استقرار الأسواق وكذلك مصداقية تلبية طلبات زبائنها والمحافظة على ثقتهم. وعاود إنتاج المملكة الصعود إلى مستويات عشرة ملايين برميل يوميا في الشهر التالي للهجمات. إن استقرار الأسعار النسبي يعود بدرجة كبيرة إلى سياسات أعضاء منظمة أوبك والدول المتعاونة معها التي سعت بجدية لاستقرار أسعار النفط وذلك من خلال التنسيق فيما بينها للحفاظ على الأسعار حتى لو أدى إلى التضحية بجزء من الإنتاج.
أسهمت زيادات إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام وباقي سوائل الطاقة في زيادة الضغوط على أسعار النفط العالمية. وتقدر المصادر الرسمية الأمريكية متوسط إنتاج الولايات المتحدة اليومي من النفط الخام بنحو 12.3 مليون برميل في 2019، ما يجعلها تحتل المركز الأول في إنتاج النفط الخام، بينما يصل متوسط إنتاج الولايات المتحدة من سوائل الطاقة بشكل عام العام الماضي إلى نحو 19.6 مليون برميل وهو الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة أو أي بلد آخر. ومن أبرز تطورات تجارة النفط الدولية خلال العام تراجع صافي واردات الولايات المتحدة من النفط ومنتجاته في عام 2019، حيث بلغ المتوسط اليومي نحو نصف مليون برميل، بعدما كان في حدود 2.3 مليون برميل في 2018. أما في أشهر سبتمبر وأكتوبر وديسمبر الماضية فقد صدرت الولايات المتحدة نفطا أكثر مما استوردت.
إن تجاوب أعضاء منظمة أوبك والدول المتعاونة معها في التعامل مع الضغوط على الأسعار خفف من حدة تراجعها، كما أسهمت العقوبات الأمريكية على إيران وأحداث فنزويلا في الحد من صادرات الدولتين وخفض صادراتهما. ويدل الاستقرار النسبي في أسعار النفط خلال العام على تراجع عوامل اضطراب الأسعار الذي تشكل العوامل النفسية جزءا كبيرا منه. كما قللت مخزونات النفط المستقرة خلال العام خصوصا في الولايات المتحدة من حدة تقلبات الأسعار. وأسهم توافر فوائض الإنتاج العالمية أيضا في استقرار أسعار النفط رغم كثرة الاضطرابات والعوامل السياسية المتعلقة ببعض الدول المنتجة. ويبدو أن هناك تحسنا في ثقة الأسواق بتوافر إمدادات كافية من النفط لمواجهة الانقطاعات المفاجئة. وقد يكون للنفوط غير التقليدية خصوصا النفط الصخري دورا في تخفيف الضغوط على الأسعار وخفض حدة تقلباتها.

إنشرها