Author

اتفاقية «المرحلة الأولى» بين الصين وأمريكا

|
كاتب ومستشار اقتصادي


كسرت الصين والولايات المتحدة يوم أمس الأول، حاجز التشنج والحرب التجارية بينهما بتوقيع الرئيس الأمريكي ونائب رئيس مجلس الوزراء الصيني اتفاقية "المرحلة الأولى" Phase one deal بين الدولتين، وهي الاتفاقية التي ستنهي حربا تجارية بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منتصف 2017، حينما فرض قيودا جمركية على ما يصل إلى 200 مليار دولار من الواردات الصينية لبلاده.
واستبقت الولايات المتحدة توقيع الاتفاقية، بأن أزالت الصين من قائمة الدول المتلاعبة بالعملة قبل يومين من توقيعها، وقال ستيفن منوتشين وزير الخزانة، إن الصين "تعهدت بالتزامات قابلة للتنفيذ للامتناع عن تخفيض قيمة العملة مع تعزيز الشفافية والمساءلة".
ولن تخفض أمريكا الضرائب وحجمها 25 في المائة على سلع بقيمة 370 مليار دولار في "المرحلة الأولى"، ولكنها ستخفض ضرائب أخرى من 15 إلى 7.5 في المائة على واردات تساوي 120 مليار دولار، إضافة إلى إلغاء رسوم جمركية بنسبة 15 في المائة على بضائع بقيمة 160 مليار دولار كان من المقرر فرضها في منتصف ديسمبر المنصرم.
وبحسب ما أفاد الممثل التجاري الأمريكي في حديث نشر الثلاثاء، فإن الصين تتعهد في اتفاقية "المرحلة الأولى" بعدم إلزام الشركات الأجنبية بالكشف عن تقنياتها مقابل السماح لها بالعمل في السوق الصينية، كما تعهدت الصين باستيراد بضائع أمريكية بمقدار 200 مليار دولار على الأقل خلال العامين المقبلين، بينها 40 إلى 50 مليارا لشراء سلع زراعية أمريكية. وكانت الصين تستورد ما يربو على 20 مليار دولار من السلع الغذائية الأمريكية قبل الحرب التجارية، ولكنها انخفضت إلى أقل من عشرة مليارات دولار في 2018، وهو ما رفع درجة الشكوى والتذمر لدى المزارعين الأمريكان.
ورغم أن الاتفاقية قد تكون جاءت بأقل مما توقعه الاقتصاديون والمحللون، كما أنها جاءت متأخرة جدا، حسب وصف صحيفة "الجارديان" البريطانية التي نشرت تقريرا عن الاتفاقية هذا الأسبوع عنونته بـToo little to late، إلا أنه على اليد الأخرى فإن الاتفاقية ما زالت في مرحلتها الأولى، ومن المتوقع أن تعقبها مراحل ثانية وثالثة وربما رابعة، ومن المنتظر أن تأخذ هذه المراحل كل نقاط الخلاف بين الدولتين نقطة نقطة حتى تتم تصفية الأجواء كليا بين كبيري الاقتصاد العالمي.
بالطبع، العالم كله يتابع مجريات هذه الاتفاقية وما ستؤول إليه الأمور بعدها، فالاتفاقية هي بداية النهاية لركود كبير كان يتوقع أن يضرب اقتصاد العالم في هذا العام بسبب الحرب بين الدولتين، كما أن الاتفاقية مهمة لنا في المملكة، فالدولتان هما أكبر شركائنا التجاريين، والصين هي المستورد الأكبر للنفط الخام الذي نصدره، فيما تبلغ وارداتنا من أمريكا رقما يفوق 70 مليار ريال سنويا وهي المورد الأكبر لاحتياجاتنا، وبالتالي فالتأثير فينا ليس بالقليل ولا سيما نحن نتحدث عن أكبر الشركاء الاقتصاديين للمملكة.
ختاما، اتفاقية "المرحلة الأولى" تم الإعلان عنها في نهاية العام الماضي وجرى توقيعها في منتصف الشهر الأول من العام الجاري، وتوقيعها في هذا التوقيت استباق جيد وطمأنة للاقتصاد العالمي من شبح الركود، الذي تنبأ به عدد غير قليل من المحللين والاقتصاديين، نتيجة الحرب التجارية بين عملاقي الاقتصاد العالمي. والواضح اليوم أن شبح الركود سيبدأ في التلاشي نتيجة الاتفاق وربما انعكست التوقعات لتكون زيادة في معدل النمو العالمي، الذي تحتل الدولتان الترتيب الأول والثاني في قمته على التوالي.

إنشرها